تعرف على نورسات

أكثر من ربع قرن

البداية
غرفة واحدة كانت، ومحطّة تلفزيونيّة كبيرة صارت. إنّها تيلي لوميار في ربع قرن. أطلّت عام تسعين على عالم الإعلام المرئيّ، نتيجة مطالبات الشّعب الحثيثة والملحّة بأن يكون للكنيسة تلفزيوناً. فأشعل الرّوح القدس غيرة بعض العلمانيّين على كنيستهم ووطنهم والانسان الذي مزّقته الحرب، فنفضوا عنهم غبار الحرب وبادروا إلى التّأسيس، وهم: الاخ نور ورفاقه الرّاحلان الرّئيس شارل الحلو، والوزير جورج افرام، والمطرانين بشارة الرّاعي والرّاحل حبيب باشا، الأب العامّ جورج حرب، جاك الكلّاسي، جورج معوّض، رلى نصّار، أنطوان سعد وكريستيان دبّانة . فقدّموا تيلي لوميار إلى اللّبنانيّين- الخارجين من نفق الحرب المظلم- كمحطّة مسكونيّة لا سياسيّة ولا تجاريّة ولا حزبيّة، هدفها نشر قيم المسيحيّة: العدالة والمحبّة والحرّيّة وحقوق الإنسان، ما دفع الكنيسة إلى تبنّي مشروعها بإشراف من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وإدارة مجلس يضمّ مسؤولين دينيّين وعلمانيّين مندفعين، يترأّسه المِطران رولان أبو جودة، ويضمّ الرّئيس الفخريّ البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي، النّائب الأوّل للرّئيس المهندس نعمت افرام، النّائب الثّاني للرّئيس المطران أنطوان نبيل العنداري، المدير العامّ جاك الكلّاسي، أمين السّرّ د. أنطوان سعد، المديرة الماليّة رولا نصّار خوري، والأعضاء: جورج معوّض الأرشمندريت أنطوان ديب، الشّيخ سركيس سركيس، كريم عبدالله وعبّود بوغوص. وينظّم العلاقة بين السّلطة الكنسيّة والتّلفزيون "بروتوكول تعاون". 

هذه الانطلاقة عزّزتها على مرّ السّنين إطلالات كبار سطعت أسماؤهم في لبنان والمنطقة على مستويات عدّة، فعُهدت إدارة قسم الإنتاج في الانطلاقة الأولى إلى كاتب السّيناريو الشّهير أنطوان غندور، في حين كان رئيس المصوّرين في الـLBCI جورج فرح أوّل مصوّر وضع نفسه في خدمة التّلفزيون. أمّا أوّل عبقريّ أطلّ عبر تيلي لوميار دون سواها فكان الشّاعر الكبير سعيد عقل. هذا وأطلق عبرها عمالقة في الموسيقى والفنّ أناشيدهم وترانيمهم الدّينيّة، مثل: العملاق وديع الصّافي، المايسترو مايك حرّو ونقيب الموسيقيّين رفيق حبيقة. ومنها، أطلّ على لبنان جيل من الإعلاميّين استقوا من ينابيعها أصول العمل الإعلاميّ وانطلقوا منها إلى مؤسّسات إعلاميّة أخرى. 

هذا التّلفزيون لفت كذلك أنظار الفاتيكان فربطتهما علاقة وثيقة واحترام متبادل على مرّ العهود عزّزتها رسالة البابا بنديكتوس لها في المقابلة العامّة في ك1 2009 تلاها أمام الآلاف من الحاضرين من العالم، في زيارة تحضيريّة لسينودس الشّرق الأوسط "شهادة وشركة"، فشجّعها على متابعة رسالتها بسخاء في خدمة إعلان الإنجيل والسّلام والمصالحة في لبنان وفي المنطقة كلّها. ونال كذلك مشروع مدينتها الإعلاميّة بركته الرّسوليّة. وفي ت1 2010، شاركت في السّينودس على خلاف وسائل إعلام العالم، فأوصى الآباء بدعمها في الفقرة الثّالثة والثّلاثين من التّوصيات، وأدلى يومها مديرها العامّ جاك الكلّاسي كلمة تلخّص رسالة التلفزيون المقدّسة. 

المسكونيّة:
جذبت تيلي لوميار وفضائيّاتها أنظار كلّ الكنائس أيضاً، فهي لم تبغِ يوماً التّفرّد بالعمل لجماعة كنسيّة معيّنة، أو حصر برامجها بطائفة واحدة، لا بل وخلال خمسة وعشرين عاماً، كانت على مسافة واحدة من الجميع ومع الجميع. فخاطبت المشاهدين حول العالم بروح المعلّم، وعملت بقلب تلاميذه على تنوّعهم. إذاً، إنّ المسكونيّة هي إحدى عواميدها الأساس.
فشرّعت أبوابها لكلّ الكنائس، ووضعت يدها بيد بطاركتها ورؤسائها ووحّدت معهم جهودها لأجل نشر الكلمة بروح الجماعة الواحدة، مؤمنين بأهمّيّة رسالتها في هذه الأزمنة الصّعبة. 
هذا الانفتاح عبّرت عنه كذلك في محطّات عديدة، إذ واكبت أخبار أحبار كلّ الكنائس وأسفارهم، غطّت احتفالاتها ونقلت ليتورجيّاتها من مختلف أديارهم ورعاياهم في لبنان والانتشار، وذلك في كافّة المناسبات والأعياد. 

وعلى طول السّنين الّتي خلت، جمعت تيلي لوميار المسيحيّين في قدّاسات مسكونيّة خصوصاً في عيد التّأسيس المتزامن مع عيد العنصرة، فلا يمكن أن يمرّ الأخير من دون أن تحتفل به في قدّاس مسكونيّ يرعاه السّفير البابويّ في لبنان، ويترأّسه أحد بطاركة الشّرق، بمعاونة أساقفة وكهنة من مختلف الطّوائف، بحضور ومشاركة المحبّين من إكليروس وعلمانيّين الّذين ينضمّون إلى الأسرة مباركين باستمراريّة فعل الرّوح في تيلي لوميار. 
كما عمدت تيلي لوميار إلى إحياء قدّاسات ولقاءات في وقت المحن، فتجتمع وكلّ الكنائس لرفع الصّلاة على نيّة المضطهدين، والمخطوفين والشّهداء والمنكوبين، ولأجل قيامة الأوطان ونهاية الحروب وإحلال السّلام، إيماناً منها أنّ في الصّلاة خلاصاً وقيامة.
 
تخطّت تيلي لوميار في ربع قرن كلّ حدود ونزعت كلّ عائق عبر مجموعة محطّات أضافتها إلى فضائيّتاتها الستّ: نورسات العائليّة المسكونيّة (2003)، نور الشّباب الشّبابيّة الثّقافيّة (2010)، نور الشّرق البشرويّة الرّسوليّة (2013)، مريم النّسائيّة السّلاميّة (2014)، وكيدز التّربويّة التّرفيهيّة (2015) ونور القدّاس التّقويّة الرّجويّة. وأطلقت عبر موقعها الإلكترونيّ: الكلمة الكتابيّة التّعليميّة، Music الموسيقيّة الفنّيّة وSpirit الخلقيّة الإبداعيّة المكرّسة للرّوح القدس. اضافة الى موقعها الإلكترونيّ الإخباريّ الخاصّ نور نيوز. هذا وأطلقت إذاعتها الأولى الشّبابيّة Nour Radio، في آب ألفين واثني عشر.
 
امتدّت تيلي لوميار عبر مكاتب واستوديوهات جديدة تفعّلها همّة مندوبيها ومراسليها في لبنان وتحديداً في عكّار، زحلة، جديدة مرجعيون صيدا جزّين والشّوف، وفي الخارج: في أميركا أسّست مجلس تيلي لوميار إنترناشيونال كما في كندا، وأميركا الجنوبيّة، وساو باولو البرازيل. وفي أوروبا، في كلّ من السّويد، روما وهولندا. وها هي تعمل على استراتيجيّة تأسيس مكتب لها في أستراليا. أمّا عربيّاً، فلمع نجم تيلي لوميار، في جوار نهر الأردنّ، سوريا، الكويت ودبي. 

هذا وتتابع إنتاج برامجها المنوّعة وفق التّقنيّات الحديثة من استوديوهاتها مع تسجيل نقلة ملحوظة في عام 2011، بحيث أطلقت من لبنان، في لقاء جمع سفارات العالم حولها،المنصّة التّلفزيونيّة الدّوليّة الأولى للتّنوّع الثّقافيّ والوحدة والحوار مبشّرة  كالرّسل بكلّ اللّغات.
أمّا إلكترونيّاً، فكان للمحطّة مكانها في القرية الكونيّة الّتي لا تحدّدها خارطة العالم ببقعة أو نقطة، ولا حاجة لروّادها إلى جواز مرور ومعاملات دخول. إنّما ما يحتاجونه فقط هو إدراك ومعرفة بهذا العالم وحسن استخدامه. ففي أولى محاولاتها، كان لتيلي لوميار، عام ألفين وثلاثة، موقع بدائيّ يصدر باللّغة العربيّة، أعادت بناؤه شيئاً فشيئاً، إعتباراً من سنة ألفين وثمانية، فتحوّل إلى بوّابة إلكترونيّة عصريّة يضاهي المواقع العالميّة جودة وتقنيّة. فحدّد هذا الجديد هويّة تيلي لوميار ومجموعتها شكلاً ومضموناً بمفاتيحه المتعدّدة وصفحاته الإضافيّة، باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة، متيحة كذلك إلى متابعيها حول العالم مشاهدة برامجها عبر البثّ الإلكترونيّ المباشر، لتصل في العام ألفين واثني عشر إلى قمّة الإنجازات وإطلاق الصفحة عبر الـIpad والـIphone. وليحصد في ألفين وثلاثة عشر المرتبة الأولى بين أفضل المواقع الإلكترونيّة المسيحيّة، عن فئة مواقع إخباريّة/ وكالات أنباء، في المسابقة الّتي نظّمها تجمّع المواقع الإلكترونيّة المسيحيّة MECAS، وأن يحسّن أداءه ويتماشى مع مواصفات الهواتف الذّكيّة في سنة تيلي لوميار الرّابعة والعشرين، ويضمّ إلى موقعه، صفحات لمجموعة تيلي لوميار كاملة، مع اعتماد الأنجلة الجديدة عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ.
هذا وخاطبت جمهورها عبر إصدارات مطبوعة، نذكر منها: "الكلمة"، جريدة "الدّستور" ونشرتها الأسبوعيّة "رسالة النّور".

إنسانيّاّ، ومنذ الانطلاقة، صبّت اهتمامها بالإنسان، أيّاً كان دينه أو عرقه أو جنسه أو هويّته، مؤسّسة لمجموعة من المراكز الاجتماعيّة الخيريّة شاهدة للحقّ والعمل.
بالصّلاة تجدّد الصّلة مع الرّبّ، لذا تراها تكثّف محطّات الصّلوات يوميّاً داخل الأسرة، تدعّمها برياضات روحيّة شهريّة وسّعت إطارها لتشمل سياسيّين وقضاة وإعلاميّين من مختلف الطّوائف والانتماءات بهدف إيجاد فسحة للتّأمّل والتّعمّق في الإنجيل في أجواء بعيدة عن الجدالات والخلافات.
هكذا، ومنذ عام ألف وتسع مئة وتسعين، حافظت تيلي لوميار على هويّتها، وثبتت بفخر في بحر البشارة ملقية الشّبكة رغم العواصف القويّة والأمواج العاتية، ليبقى الصّيد وفيراً دائماً وأبداً.