دينيّة
11 تشرين الثاني 2019, 08:00

إلهي، ما أبهاك... في خلائقك!

ريتا كرم
خلق الله الأرض بكلّ مكوّناتها الطّبيعيّة: الجبال والبحار والأنهار، تظلّلها سماء تتلبّد أحيانًا بالسّحاب والضّباب فتتساقط، بعد موجة برق ورعد، أمطار غزيرة لتشرق بعدها شمس لا تختفي إلّا عند بزوغ ساعات اللّيل فيحلّ مكانها القمر ليضيء الأرض وينير ليالي سكّانها. ولكن هل فكّرتم لمرّة بالرّموز الّتي تحملها كلّ من تلك العناصر وأنّ لكلّ منها تفسير في الكتاب المقدّس؟

 

فـ"الجبال" العالية والشّامخة الّتي تأسر الأنظار تشير بعلوّها إلى السّماوات وبرسوخها إلى ثبات القدّيسين والمؤمنين بإيمانهم أمّا رأسها فيرمز إلى المسيح رأس الكنيسة.

في حين "البحار" الّتي يهرب إليها الكثيرون ويجلسون عند شطآنها متأمّلين ومفرغين كلّ همومهم في قعرها، فما هي إلّا إشارة إلى هذا العالم "المالح" ملوحة مياه البحر والّذي تغزوه الملذّات والشّهوات القادرة على إغراق روّادها في الخطيئة فيموتون، وتأكيد على أنّ "كلّ من يشرب من هذا الماء يعطش ثانية وأمّا الّذي يشرب من الماء الّذي أعطيه أنا إيّاه فلن يعطش أبدًا؛ بل الماء الّذي أعطيه إيّاه يصير فيه عين ماء يتفجّر حياة أبديّة." (يو 4/ 13-14)؛ ومن يرتوي منها "ستجري في جوفه أنهار من الماء الحيّ" (يو 7/ 38) أيّ سينال الرّوح القدس وتعزياته.

هذا الرّوح تشير إليه- فضلاً عن "الأنهار"- "الأمطار" أيضًا، فهي كلّما كانت غزيرة كلّما فاضت نعمًا وفرحًا على متلقّيها، وإن منعها الله ماتت الحياة. أمّا ما يرافقها من "برق" فيدلّ على خيرات الله ومن "رعد" على الإنذارات والعقوبات والتّأديب والّتي تتشارك بالدّلالة مع "الزّلازل" الّتي تضرب الأرض.

وعندما تشتدّ الصّعاب وتقوى التّجارب، يرسل الله تعزيات إلى الإنسان يترجمه "السّحاب والضّباب" اللّذان يحجبان أشعّة الشّمس فيتمكّن الأخير من النّظر إلى السّماء ليعاين مجد الله ويطلب العزاء.

إذًا، الله "شمس" البرّ يعطي نوره لطالبيه، ومنه تستمدّ الكنيسة "القمر" النّور الّذي يتربّع وسط "السّماء" مسكن الله والقدّيسين "الكواكب"، فإليها يسمو كلّ شيء ويرتفع تاركًا ملذّات الأرض الزّائلة.

فلننشد مجده مع كلّ السّماوات، ومع كلّ سحابة تنشر لطفه، ومع كلّ النّيّرات الّتي ترفع سُبحه؛ لنهتف مع كلّ المخلوقات: إلهي ما أجملك، ما أعظم اسمك في الأرض كلّها، ما أبهاك في خلائقك!