دينيّة
14 آب 2024, 13:30

تسليم فرقاد فانتقال

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب أثناسيوس شهوان

 

عيد رقاد والدة الإله العذراء مريم قياميّ بامتياز. رقدت السيّدة العذراء مثل البشر كلّهم، ولكن، الربّ تلقّف روحها الطاهرة بين يديه، وعاد ونقلها إليه بالجسد بعد ثلاثة أيّام.

إذًا العذراء مريم مع يسوع إلى الأبد، جسدًا وروحًا! كيف لا وهي أمّ الحياة لأنّ يسوع هو الحياة. هي حملته تسعة أشهر في أحشائها وهو أخذ منها جسدًا مثلنا جميعًا، وبعد رقادها حملها إليه لتولد في الملكوت الإلهيّ.

وُلِدَت العذراء مريم مثل سائر الناس، وقدّمت عشقًا لا مثيل له للربّ فجذبت القدّوس إليها بتواضعها كما قالت في نشيدها: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ" (لوقا 46:1-48). هذه دعوة لنا جميعًا لنعيش المسيح ونعيش كلمته.

أتى إليها الملاك وبشّرها بالحبل الإلهيّ، ومن لحظة البشارة، أصبحت مريم والدة الإله، ولا يمكن مناداتها إلّا هكذا، تمامًا كما نادتها نسيبتها أليصابات "أُمُّ رَبِّي". وبالتالي، كلّ اقتراب مِن مريم هو مِن ضمن هذه التسمية، وكلّ اعتراف بها يكون أوّلًا أنّها والدة الإله، وغير ذلك مرفوض وهرطقة جملة وتفصيلًا.

هي عاشت منذ بداية حبلها الإلهيّ الفرح والألم والمجد معًا بصمت كبير، وتُعلّمنا دائمًا هذه الثلاثيّة لكي نحياها في تسليم إلهيّ كامل كما فعلت هي.

فما أجمل تعليمها الذي قالته في عرس قانا الجليل: "مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ" (يوحنا 5:2). هي دائمًا حريصة ألّا ينقص النبيذ الإلهيّ في حياتنا، لكي نكون دائمًا متّكئين فرحين على مائدة عرس الحمل.

والدة الإله أمّنا جميعًا، فيسوع أودعها تلميذَه الحبيب موصيًا إيّاها أن تكون أمّه، وموصيًا إيّاه، بدوره، أن يكون ابنها. هنا، رسخت القاعدة الذهبيّة: كلّ مَن كان ابن الإنجيل كانت والدةُ الإله أمَّه، وكان هو ابنَها.

أمّا رقاد والدة الإله فكان ثمرةَ انتصارِ ابنها على الموت. فكما تظهره الأيقونة، نرى يسوع حاملًا روحها الطاهرة على يديه، وجسمها مستلقٍ أمامه، والتلامذة يحيطون بها والملائكة يسبّحون ويهلّلون.

هكذا هو رقاد القدّيسين: إنتقال إلى الحياة الأبديّة، وهذا ما نحن مدعوّون إلى أن نسعى إليه، فما حياتنا إلّا فرصة قداسة.

إلى الربّ نطلب.