دينيّة
29 تشرين الأول 2016, 07:00

خاصّ- من هو الأب عفيف عسيران؟

تمارا شقير
ولد الأب عفيف عسيران في صيدا عام 1919 من عائلة شيعيّة من طبقة اجتماعيّة برجوازيّة تتألف من أربعة شبّان وفتاتين.

بدأ الأب عسيران دراسته في مدرسة المقاصد في صيدا، قبل أن ينتقل إلى المدرسة الحكوميّة الإبتدائيّة "الرشديّة" فمدرسة الفرير المريميّين.

كانت الرّياضة والكشفيّة والسّياسة هوس الأب عسيران، ما جعله يخفق في شهادته التّكميليّة، إلا أنّه حاز عام 1939 على شهادة البكالوريا القسم الثّاني من كليّة المقاصد في بيروت، وحَظِيَ بمنحة جامعيّة ليُتابع دروسه في الجامعة الأميركيّة في بيروت، حيث تعلّم مبادئ اللّغة الإنكليزيّة ونال إجازة في الفلسفة.

عاش الأب عسيران ملحدًا طيلة فترة دراسته الثانويّة والجامعيّة وكان تعمّقه في الفلسفة الكنتيّة (Kantienne) تفسيرًا لإلحاده وشكوكه في الله. ولكن عام 1943 تحرّر من شكوكه واكتشف أنّ الله قادر على كلّ شيء، لذا اختار دين الإسلام، لأنه بحسب قوله "جامع لتعاليم الأديان السّماوية وأنّ محمدًا خاتم النبيين". ولكن في العام 1944، انكشف للأب عسيران أنّ "تعاليم القرآن تناقض تعاليم الإنجيل"، وثبت عنده أنّ كلام يسوع المسيح وأعماله هما حقّ: "الكنيسة الرّسوليّة الواحدة المقدّسة الجامعة هي كنيسة المسيح الحافظة للتعاليم المؤتمنة على توزيع أسراره وإقامة شعائره القُدسيّة فهي ركن الحق ودعامته".

اعتنق الأب عفيف عسيران الدّيانة المسيحيّة في العاشر من شباط عام  1945 قبل أن يُسافر إلى لوفان- بلجيكا حيث أكمل دراسته، فنال إجازة في العلوم الإجتماعيّة والسّياسيّة ودكتوراه في الفلسفة.

بعد ذلك، عاد الأب عسيران عام 1951 إلى صيدا، فراح يُدرّس الفلسفة ويعلّم الأُميّين من الشّباب من جهة، ويخدم زبّالاً وأجيرًا في أحد الأفران من جهة أخرى.

وفي عام 1954 ارتأى له ضرورة انخراطه في الحياة الرّهبانيّة فانضمّ إلى "إخوة يسوع الصّغار" والتحق بدير الإبتداء التّابع لهم في الجزائر.

بعد حصوله على دكتوراه في الأدب الفارسيّ من جامعة طهران، ذهب إلى فرنسا بدعوة من رئيس "إخوة يسوع الصّغار" الأب فيّوم للقيام بنذوره المؤبدّة، إلا أنّ مجلس الإخوة عارض ذلك مفضلاً أن يقوم بها خارج نطاق "الإخوة".

عاد الأب عفيف عسيران إلى لبنان، فلجأ إلى أبرشية بيروت المارونيّة بشخصها المطران زيادة الذي احتضنه وقَبِل به كاهنًا علمانيًّا يهتم بالبشارة بين المسلمين، فارتسم كاهنًا في 23 شباط 1962 في كنيسة السّيدة في عين سعادة.

أسّس الأب عسيران عام 1964 "بيت العناية بالأولاد المشرّدين" وهو مركز للتربية الإنسانيّة والتّدريب المهني حظى بفروع عديدة، ويعرف اليوم بـ"مؤسسة الأب عفيف عسيران" وتتخذ بلدة الفنار مقرًّا لها.

تعرّض الأب عفيف عسيران إلى محاولة إغتيال في بيت العناية في تبنين عام 1986، ويُخبر في سيرة حياته: "صباح الخميس في أذار 1986، زارني شاب وطلب منّي تأمين أمّه في المدرسة لعجزها (...) وعاد يوم الجمعة، السّاعة الثّالثّة من بعد الظهر(...) لاحظت يده اليسرى جامدة وابطه منتفخ وسألته عن سبب توّرمه ومددت يدي لأدسّ، فإذا به يخفي مسدسًا كاتم الصوت (...) فخرطشه وسدّده نحوي، فأمسكت المسدس ونزعته من يده بعد أن أطلق عيارًا لمس بطة رجلي، فارتمى على الأرض وفرّ هاربًا" وإذ بالقدرة الإلهيّة تنجّيه من الموت.

وفي العام 1988، تعرّض الأب عسيران لجلطة دماغيّة خلال ترؤسه القدّاس الإلهي، وتوفيَّ بعدها بأسبوع بتاريخ 3 آب/أغسطس.