دينيّة
01 آب 2013, 21:00

شبيبة حلب تتحدى الظروف وتجتمع في قلب الكنيسة باسم الرب يسوع

(ابونا) الإيمان بحضور الربّ المتألم والقائم ينمو ويزداد رغم آلام الحرب في سوريا وفي حلب خاصة، فحبّ الحياة هو أقوى من الموت، ونظرة الرجاء هي أسمى وأعمق من الشعور بالإحباط. لذلك استمرّت كنيسة حلب العريقة بمشاورها في مسيرة الإيمان مع مؤمنيها وخاصة الشبيبة منهم، تشجّعهم على السير في طريق الملكوت دون خوف أو تردّد.
ضمن المبادرات الكثيرة التي تحييها كنيسة حلب، تأتي المبادرات الشبابية لتتخذ مكانها الأساسي والفاعل في قلب الكنيسة الام. فخلال سنة الايمان قامت لجنة الشبيبة المنبثقة من لجنة سنة الإيمان وبالتعاون مع كل الأخويات والكشافات والمنظمات الكنسية بتنظيم عدة لقاءات للفتيان نذكر منها: لقاء " اناديك " و لقاء " انت كمان " في كنيسة السريان الكاثوليك، وثلاث لقاءات للشبيبة من عمر 18 إلى 30 سنة، وهم " معك لا أخاف "، "سرُّ ثباتي" و"انتو أمَلهَا"، حيث اقيمت هذه اللقاءات في مركز جورج ومتيلد سالم للآباء السالزيان. شفيع لقاءات الفتيان كان القديس دومنيك سافيو تلميذ القديس يوحنا بوسكو شفيع الشبيبة، أما شفعاء لقاءات الشبيبة فكانوا: اللقاء الأوّل، القديس يوحنا بوسكو أبا الشبيبة ومعلّمها، واللقاء الثاني، القديس فرنسيس الأسيزي محب الفقراء، واللقاء الثالث والكبير، الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني محب الشبيبة ومؤسس الأيام العالمية للشبيبة.
 
فلندخل الآن في أجواء لقاء الشبيبة الكبير "انتو أملها" والذي كان متزامناً مع اليوم العالمي للشبيبة في ريو دي جانيرو في البرازيل حيث كنا متّحدين مع قداسة البابا فرنسيس في يوم الأحد 28 تموز 2013، فكنيسة حلب بشبيبتها كانت تنبض حياةً وحبّاً ووحدة مع الكنيسة جمعاء في البرازيل.
وقد أرسلت شبيبة حلب مع أساقفتها وكهنتها في القاء الماضي " سر ثباتي " رسالة حبٍّ وشكر لقداسة البابا وأرفقتها بأكثر من ألف (1000) توقيع، وذلك تعبيراً عن اتحادها مع الأب الأقدس في خدمته ورسالة.
 
في صباح الأحد، يوم الربّ، بدأ الشبّان والشابات بالتوافد إلى مركز السالزيان دون بوسكو للمشاركة في اللقاء الكبير. فالصعوبات والمخاوف لم تمنعهم من المشاركة بل زادتهم إصراراً على عيش هذه الخبرة الروحية في قلب الكنيسة.
 
كان عدد الشبيبة المشاركة في اللقاء850 شاب وشابة، وكان حضور السادة الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات مميّزاً ومشجّعاً للشبيبة.
بدأت الشبيبة بالدخول إلى الكنيسة والتراتيل ترفع نفوسهم إلى العلى والرب يسوع يستقبلهم فاتحاً يديه في قلب شعار لقاء الشبيبة العالمي. افتتح اللقاء الأب توفيق أبو اسكندر والاخت أني بصلاة الصباح التي كانت بدايتها صلاة يوم الشبيبة العالميالبرازيل، ثمَّ قراءة نص انجيلي عن دعوة بطرس وبعدها بعض التأملات فالختام بصلاة للطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني شفيع اللقاء مع ترتيلة "سفراء الحب".
 
بعدها رحّب الأب سيمون زكريان بالشبيبة باسم الأساقفة والكهنة جميعاً، وشرح لهم أبعاد هذا اللقاء الإيماني ومدى أهميته في ظروفنا الراهنة حيث تزداد الحاجة في وقت الصعوبات إلى التمسّك أكثر فأكثر بالإيمان بالرب يسوع. وأنّ الكنيسة تثق بشبابها لأنها حقيقةً أمَلَها. وأخبرَ الشبيبة بأنَّ قداسة البابا فرنسيس أهدى لكل واحد منهم كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي للشبيبة ( اليوكات YOUCATوتفقّد معهم محتويات الحقيبة التي قُدّمت لهم عند الاستقبال وعن كيفية استخدامها (اليوكات، كرّاس اللقاء، علم للتنشيط، مسبحة لليد، بورتكليه شعار اليوم العالمي للشبيبة، الشمعة لتطواف تمثال العذراء).
 
ولأنّ الفرح هو من صفات الشبيبة المؤمنة بالمسيح ( افرحوا بالرب كل حين، واكرر القول افرحوا...)، بدأ الأب فادي نجار بالتعاون مع كورال القديسة تيريز بتعليم الشبيبة نشيد اللقاء والذي هو عبارة عن كلمة واحدة بالإسبانية مع الهللويا (Alleluia Resucitò ) أي المسيح قام هللويا. إنَّ حماس الشبيبة وتفاعلهم كان رائعاً.
 
أمّا موضوع اللقاء فكان عن الكنيسة أمّنا وعن كيفية العيش كتلاميذ للمسيح والشهادة له في زمن الحرب هذا، أي كيف تكون الشبيبة "أمل الكنيسة". قدّم الموضوع الأب بول قس داوود والاخت غوادالوبي، وقد تمّ عرض الموضوع على ثلاثة مراحل: ( مقدمة عامة، حوار في المجموعات، الخلاصةكانت خبرات الشبيبة عميقة ومؤلمة بسبب الظروف الصعبة التي يمرّون بها، ولكنها بنفس الوقت ثابتة ومجاهدة وواثقة بحضور الرب. في الخلاصة ذكر الأب بول حادثة مؤلمة حدثت في إحدى أحياء حلب (حي الجديدة) قبل أكثر من 150 عاماً، حيث دخلت بعض المجموعات المتطرفة إلى الحي وخرّبت ودنّست الكنائس الموجودة فيها، ولكن المسيحيين ظللوا صامدين بقوّة الصلاة والإيمان بالربّ، فكتبوا جملة رائعة في كلّ الكنائس التي تعرّضت للتخريب: " الله في وسطها، فلن تتزعزع " لكي يقولوا للعالم أجمع بأن الرب هو حارس كنيسته وصخرتها. وأكد الأب بول بأنّه لولا إيمان اللذين سبقونا لمَا كنّا موجودين اليوم في هذه المدينة. وشجّع الأب بول الشبيبة لكي يتحلّوا بإيمان الآباء والأجداد ويظلّوا ثابتين في حب المسيح.
 
في نهاية الخلاصة، رحّب الأب سيمون باسم الشبيبة بسيادة المطران بطرس مراياتي وطلب منه أن يتوّجه للشبيبة بكلمة. فتكلّم المطران عن معنى الإيمان وكيف أنّ الشبيبة هي فعلاً أمل الكنيسة إذا ما سارَت بحسب وصايا الرب وتعاليمه، وشجّعهم على السير قدماً بدون خوف.
 
بعد استراحة الغداء واللقاء الأخوي والعفوي بين الشبيبة والكهنة، عاد الجميع إلى الكنيسة حيث شاهدوا مشهداً دينياً كوميدياً يتخلله رقصة إيمائيةً من أداء شبيبة دون بوسكو، وكانت تدور فكرة المشهد حول محبة ورحمة يسوع اللامتناهية وكيف أنّ رغم كل شيء الرب لا يتخلّى عنّا ويؤكد للشبيبة بأنّ الخطيئة والشر ليس لهما الكلمة الأخيرة بل رحمته ومحبته لنا ينتصران دائماً... وفي نهاية المشهد شجّع يسوع الفتاة اليائسة التي استسلمت لضعفها وخطيئتها بسبب وسواس الشيطان، ثم توجه للشبيبة قائلاً: "انتو أملها"... فتجاوبت الشبيبة مع هذا النداء بالتصفيق والتهليل.
 
وصل اللقاء إلى الذروة بالذبيحة الإلهية التي ترأسها سيادة المطران يوحنا جنبرت يشاركه الكهنة الشباب. وقبل بداية الذبيحة قام الأب سيمون بقراءة الرسالة التي وجهها سعادة السفير الباباوي المونسنيور ماريو زيناري لشبيبة حلب، حيث تمنّى أن يكون معنا ولكن الظروف لم تسمح له بذلك ونقل لنا سلام قداسة البابا ومحبته. وقرأ أيضاً رسالة البطريرك يونان الذي عبّر للمشاركين عن قرب الأب الأقدس لشبيبة حلب. ألقى العظة سيادة المطران أنطوان اودو وركّز خلالها على تعليم البابا فرنسيس وخاصة من خلال محاربته لثقافة العالم النفعية وأكّد بأن البابا يثق بالشبيبة ويطلب منها دوراً فاعلاً في الكنيسة. توجه المطران يوحنا أيضاً بكلمة للشبيبة أوضح خلالها قرب البابا فرنسيس من شبيبة سوريا.
 
بعد القداس الالهي توجّه الجميع إلى الملاعب للمشاركة في لعبة تمّ تحضيرها من قبل الشبيبة نفسهم، لأنه لا يمكن أن يمرّ يوم شبيبة دون لعبة جميلة ترفّه النفس وتجعل من اللقاء الأخوي واحة مشاركة وبساطة ترجع إلينا جمال الروح.
 
لم ينتهي اللقاء باللعبة، فالكنيسة كانت تنتظر الكل للمشاركة في "حفل الفرح" الذي تضمّنَ تراتيل وتسابيح للرب مع جوقة ال سانت تيريز وتنشيط الأب فادي، وتجديد مواعيد المعمودية وتكريس الشبيبة لقلب مريم الطاهر مع سيادة المطران أنطوان شهدا. وتخلّل الحفل أيضاً شهادة حياةٍ لشخصٍ خُطِفَ وعاش علاقته بالرب بشكل رائع، فحثَّ الشبيبة على الاستمرار في طريق الرب رغم الحرب والخطف والألم.
على ضوء الشموع التي ظلّت في أيدي الشبيبة، وعلى أصوات التراتيل شكر الأب سيمون قبل كل شيء، الله المحب الذي بارك هذا اللقاء بحضوره وسط شعبه، ومن ثمّ شكر الشبيبة على حضورهم ومشاركتهم، وشكر كل اللذين تعبوا في تحضير هذا اللقاء من شبيبة وكهنة وخصّ بالذكر الأب طوني فريج المنسق العام للجنة الشبيبة والذي بذل جهوداً جبارة في تحضير هذا اللقاء مع اخوته الكهنة والشبيبة.
 
إنَّ ثمار هذا اللقاء يراها الله تنمو وتكبر في قلب كل شاب وشابة، فتصير هذه اللقاءات مكاناً مميّزاً لتمجيد الرب وعيش الاخوّة والنمو بالإيمان، فتعطي لشبيبتنا الغالية دفعة رجاءٍ و تساعدهم على خوض معركة الحبّ بفرح فصحيّ لا متناهي. فيكون حضورهم في رعاياهم، حضوراً فاعلاً ومهماً حيث ينبثق الأمل من عيونهم ويعدي كل مَن يلتقون به.