ثقافة ومجتمع
29 شباط 2016, 10:09

قصة اليوم : إرجعي إليّ

عاشت ماريا، هذه الأرملة الشابة، في إحدى قرى البرازيل. توفّى زوجها وهو في ريعان شبابه، تاركاً لها طفلة اسمها كرستينا. كانت هذه الأرملة الشابة وابنتها، تسكنان في غرفة متواضعة وكانت هذه الأم تعمل في تنظيف البيوت، رافضة كل عروض الزواج التي قُدمت لها، إذ كان همّها أن تعمل بجدٍ ونشاط لكي تعيل نفسها وابنتها.

مرت الأعوام، وكبرت كرستينا وأصبحت شابة جميلة جدًا، ذات روح خفيفة وابتسامة جذّابة. حام حولها الشباب بكثرة، لكنها لم تكترث لأي منهم، بل كانت تتكلم باستمرار عن حلمها أن تذهب وتعيش في المدينة الكبيرة ريو دي جنيرو Rio de Janeiro.

كانت الأم في قلق مستمر من هذا الأمر، وكانت تقول لابنتها "يا حبيبتي، ماذا ستفعلين هناك؟ فأنت لا تعرفين أحداً، أخاف أن يترصد لك رجال السوء، ويعاملونك بقساوة، ليسلبوك شبابك، ويتركونك عندما لا ينتفعون منك". كان قلب تلك الأم يفيض بالخوف على ابنتها، لأنها علمت شرور تلك المدينة، وما قد يحدث لابنتها هناك.

ذات يوم، عادت الأم لتجد سرير ابنتها فارغًا، وخزانتها؛ لا شك بأن ابنتها رحلت إلى تلك المدينة الغريبة.

أسرعت تلك الأم، ووضعت بعض الثياب في حقيبة صغيرة، وهي تجري إلى محطة القطار والدموع تملأ عينيها. اشترت تذكرة القطار، ثم أنفقت كل ما بقي لديها من المال في آلة التصوير الأوتوماتيكية، آخذت لنفسها العشرات والعشرات من الصور إلى أن نفذ كل مالها.

أخذت ماريا القطار وشرعت تكتب كلمات قليلة في خلف كل من تلك الصور. كتبت نفس الرسالة عشرات المرات، وعيونها مليئة بالدموع.

وصل القطار إلى ريو دي جنيرو، فنزلت ماريا وطافت تبحث عن ابنتها، لكن من غير جدوى، بحثت عليها في كل مكان، أخيراً... أخذت تسير من خمّارة إلى خمّارة، وتلصق في كل مكان إحدى صورها، ثم ذهبت إلى الفنادق ذي السمعة السيئة، وفي كل مكان ذهبت إليه تلك الأم، لصقت صورها على لوحة الإعلانات. بعد أيام قليلة، وزّعت ماريا كل صورها، وعادت حزينة إلى قريتها وقلبها مكسور في داخلها.

مرت الأسابيع... وذات صباح نزلت كرستينا السلالم في أحد الفنادق السيئة. لم تعد لديها تلك الابتسامة الضاحكة، بل أصبحت عيناها تحكي قصة حزن وشقاء، وجسدها، يحكي قصة الذل والهوان.

وبينما هي في رواق الفندق، وقعت عيناها على صورة أمها على الحائط. امتلأت عيناها بالدموع وهي ترفع الصورة. مسكت تلك الصورة في يديها وهي ترتجف، ثم قلبت تلك الصورة، وإذ بهذه الكلمات مدوّنة عليها..." يا حبيبتي، لا يهمُ ماذا فعلتِ، أو كيف أصبحتِ. أرجوكِ، ارجعي إلي. ارجعي إلى بيتكِ" لم تحتاج كرستينا إلى دعوة أخرى، بل في تلك الساعة عينها رجعت إلى بيتها وأمها.

 

يقول الرب في الكتاب المقدس: "محوت كالسّحاب معاصيك وكالغمام خطاياك. إرجع إليَّ فقد افتديتك".

صديقي، إن الرب يقول لك اليوم "إرجع إليّ". لا يهم ما فعلت، أو كيف أصبحت. إن الرب يسوع قد فداك على الصليب، دافعًا جزاء كل خطاياك. لذلك يقول "إرجع إليّ"، كما أن الغيم والسحاب الذين تراهما الآن، لن يكونا غدًا، هكذا الرب يمحو خطاياك، إذا رجعت إليه بقلب تائبٍ معترف.

وكما قال الرب يسوع : "لأنّ ابن الإنسان قد جاء لبحث عن الهالك فيخلّصه". نعم، لهذا السبب قد جاء المسيح، وهو لا يزال يقول لك اليوم إرجع إليّ لأني فديتك.