دينيّة
29 آب 2016, 13:00

هل يستعيد أقباط مصر حقّهم في بناء كنائسهم؟

منذ أكثر من 40 سنة والمسيحيّون الأقباط يعانون في أرضهم، تلك الأرض التّي لجأت إليها العائلة المقدّسة قبل أكثر من ألفي عام هرباً من ظلم هيرودس، والّتي كانت مرتع الإنجيليّ الأوّل مرقس، والّتي فيها مضى أب الرّهبان أنطونيوس مبشّراً.

 

هي اليوم تتغذّى حقداً واحتقاناً، إذ لم تعد مصر المذكورة في الكتاب المقدّس 698 مرّة وفي القرآن 28 مرّة، تنبض تعايشاً ولا سلاماً ولا أماناً، فحتّى الإيمان خفت نبضه إزاء ما يتعرّض له المصريّون من انتقاص لحقوقهم المدنيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة والدّينيّة، خصوصاً المسيحيّين منهم والّذين يشكلّون 10% من الشّعب المصريّ، والّذين يبحثون اليوم عن فسحة أمل تتيح لهم الحقّ في التّعبير عن معتقداتهم عبر إقرار قانون جديد يسمح لهم في بناء كنائس جديدة وممارسة معتقداتهم بحرّيّة، لاسيّما وأنّ هناك نقص في أعداد دور العبادة الّتي لا تكفي الحاجة الرّوحيّة لنحو 9 مليون مسيحيّ.

المفاوضات مع البرلمان المصريّ بدأت منذ سنتين وفي ظلّها لم تختفِ المشاكل، فمنذ شهر أيّار/ مايو، تضاعفت الاعتداءات على الجماعة المسيحيّة، علماً أنّه وفي شباط/ فبراير 2015 أصدر الرّئيس السّيسي إذناً لبناء كنيسة الشّهداء قرب المنيا بعد استشهاد الأقباط الـ21 في ليبيا على يد داعش، ولكن هذه المبادرة قابلتها ردّة فعل عنيفة من قبل الإسلاميّين المتطرّفين.

وبالعودة إلى التّاريخ، عانت الكنيسة القبطيّة من الاضطهاد الدّينيّ منذ القديم على يد السّلطات والممالك المختلفة، فالمسيحيّة عانت من كونها ديناً جديداً على خلاف الدّيانات الفرعونيّة واليونانيّة لتضطهد في زمن الحكم الفارسيّ والرّومانيّ والعربيّ وخاصّة في عهد المماليك، فاعتُبر المسيحيّون درجة ثانية إذ سُخّروا في مراكز وأعمال وضيعة؛ وأتى القانون "الهماينويّ" الّذي أصدره الباب العالي عام 1856 ليظهر صرامة في بنوده فزاد من تهميش المسيحيّين فحُجبت عنهم الوظائف العامّة والعسكريّة والطّبّيّة، وحُذفت 300 سنة من التّاريخ القبطيّ من تاريخ مصر، وانطلق مسلسل تخريب الأديار والكنائس والاعتداءات على أبنائها في العام 1972 مع حادثة كنيسة "الزّاوية الحمراء"، ووقف مذّاك الأقباط عاجزين أمام الإجحاف الّذي أُلحق بهم، رغم مساعي رؤساء الكنيسة المحلّيّة لإعادة دور الأقباط وتعزيز مكانهم ومكانتهم على السّواء.

فهل تشهد الكنيسة القبطيّة اليوم مرحلة جديدة مع إقرار قانون تنظيم وبناء الكنائس فلا يعود سكّان مصر الأصليّون مهمّشين ولا التّمييز الدّينيّ سيّد الموقف فيستعيد المسيحيّون في مصر دورهم ويعيشون بمساواة مع أبناء وطنهم مسلمين ومسيحيّين بعيداً عن التّمييز تحت راية المحبّة والوفاق؟