بيئة
26 شباط 2021, 08:10

أبحاث جديدة تبيِّن الدور الأساسي لمواقع التراث العالمي البحرية في مكافحة تغيُّر المناخ

تيلي لوميار/ نورسات
أصدرت اليونسكو أمس أول تقييم علمي عالمي عن النظم الإيكولوجية للكربون الأزرق للمواقع البحرية المدرجة في قائمتها للتراث العالمي، مسلّطة الضوء على القيمة البيئية البالغة الأهمية لهذه الموائل، حيث تمثل هذه المواقع مساحة أقل من 1% من مساحة محيطات العالم، غير أنَّها تضم 21% من مساحة النظم الإيكولوجية للكربون الأزرق في العالم، و15% من مخزون الكربون الأزرق في العالم.

وسيعقد مؤتمر صحفي عن طريق الإنترنت في 2 آذار/مارس (الساعة 3 عصراً بتوقيت وسط أوروبا)، من أجل استعراض نتائج التقرير الجديد الذي يحمل عنوان "المواقع البحرية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي – مؤتمنة على مخزون الكربون الأزرق في العالم". وخلال المؤتمر الصحفي، سيتحدث البروفيسور كارلوس دوارتي من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وهو المؤلف الرئيسي للتقرير، والدكتورة فاني دوفير من برنامج اليونسكو البحري للتراث العالمي، عن أنَّ مخزون الكربون في المواقع البحرية المدرجة في قائمة التراث العالمي كان يعادل تقريباً 10% من الانبعاثات السنوية العالمية لغازات الدفيئة في عام 2018، حيث تحفظ هذه المواقع بأمان مليارات الأطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة بعيداً عن الغلاف الجوي. ويتزامن نشر هذا التقرير مع بداية عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة، وهو يعرض أيضاً سبلاً لصون هذه المواقع القيّمة.

وقد تحدَّث في هذا الشأن مساعد المديرة العامة لليونسكو للثقافة، إرنستو أوتوني، قائلاً: "توجد النظم الإيكولوجية للكربون الأزرق على أطراف السواحل في العالم، ولها دور بيئي هام في تدوير المغذيات والكربون، فهي موائل لطيفٍ واسعٍ من الأنواع البحرية والبرية ومناطق لتكاثرها، وهي تضطلع بدور في حماية السواحل وفي تأمين سبل العيش والرفاه الدائمين للمجتمعات المحلية".

 

لقد اكتشف العلماء خلال العقد الماضي أنَّ مروج الأعشاب البحرية والمستنقعات المتكونة بفعل المد والجزر وغابات المنغروف، المعروفة بأنَّها نظم إيكولوجية "للكربون الأزرق"، هي من بين أكثر بالوعات الكربون كثافة في المحيط الحيوي؛ وهي تساعد على التخفيف من تغيُّر المناخ عن طريق احتجاز كميات ضخمة من الكربون الناشئ عن الغلاف الجوي والمحيطات وتخزينها.

 

إنَّ مواقع التراث العالمي المدرجة في قائمة اليونسكو، هي أماكن تتمتع بقيمة عالمية استثنائية، ويعترف المجتمع الدولي بأنَّها بحاجة إلى الصون من أجل الأجيال المستقبلية. ويبيِّن التقرير أنَّ المواقع البحرية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي مؤتمنة على أكبر النظم الإيكولوجية للكربون الأزرق في العالم، لذلك ازدادت أهميتها أكثر من أي وقت مضى. وتغطي هذه النظم الإيكولوجية بالمجمل مساحة قدرها 207 ملايين هكتار، أي 10% من مجموع المحميات البحرية في العالم حتى عام 2020.

 

ومن بين هذه النظم الإيكولوجية نذكر غابات المنغروف في سونداربانس (الهند وبنغلاديش) التي تشكل جزءاً من أكبر غابات المنغروف في العالم؛ وحديقة إفرغليدزالوطنية (الولايات المتحدة الأمريكية)، وخليج القرش في غرب أستراليا (أستراليا)، اللتين تضمّان أوسع مروج موثقة للأعشاب البحرية في العالم؛ والحاجز المرجاني الكبير الذي يضم أكبر نظام إيكولوجي للأعشاب البحرية في العالم؛ وبحر وادن (الدانمرك وألمانيا وهولندا) الذي يضم أوسع مسطحات للمد والجزر في العالم. كما تحتوي المواقع البحرية المدرجة في قائمة التراث العالمي على إحدى أقدم وأكبر مجموعات الكائنات الحية في الكوكب، مثل مروج الأعشاب البحرية في جزيرة إيبيزا، تنوع بيولوجي وثقافة (إسبانيا).

 

وتواجه هذه المجموعة الفريدة من نوعها من النظم الإيكولوجية طيفاً واسعاً من التحديات التي تتراوح بين التلوث، ومن ضمنه النفايات البلاستيكية البحرية، وتغيُّر المناخ. وتفيد نتائج البحوث التي اضطلعت بها اليونسكو، في إرشاد البلدان والمناطق والمجتمعات المحلية الساعية إلى الحفاظ على هذه المناطق وإلى متابعة تنفيذ الاستراتيجيات المتعلقة بالكربون الأزرق، وذلك عن طريق قياس قيمة الكربون لهذه المواقع والتوصية باتباع استراتيجيات خاصة بالكربون الأزرق للحفاظ عليها.

يمكن دعم التمويل الرامي إلى صون النظم الإيكولوجية للكربون الأزرق في المواقع البحرية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، من خلال استراتيجيات الكربون الأزرق، حيث تكسب البلدان من خلالها رصيداً للكربون عند إثباتها تحقيق منافع كربونية من جراء إصلاح نظم إيكولوجية متضررة والحفاظ عليها. ويمكن للاستراتيجيات الخاصة بالكربون الأزرق إصلاح خدمات حيوية تقدمها النظم الإيكولوجية، ومساعدة البلدان بطريقة أساسية على تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها في إطار اتفاق باريس للمناخ. ولكن حتى اليوم، لم يقم سوى عدد محدود من البلدان بإدراج استراتيجيات خاصة بالكربون الأزرق في سياساته للتخفيف من تغيُّر المناخ.

 

وقد أُعدَّ هذا التقييم بواسطة بيانات جُمعت من مديري مواقع التراث العالمي ومن البيانات التي نُشرت في المؤلفات العلمية، ومن الأطلس العالمي للكربون الصادر عن مشروع الكربون العالمي؛ وتلقى التقييم الدعم من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (الممكلة العربية السعودية) ومن الوكالة الفرنسية للتنوع البيولوجي ومن إمارة موناكو.

 

المصدر: اليونسكو