دينيّة
19 آذار 2016, 15:30

أسبوع الآلام : أبعاده ومعانيه

بحسب الليتورجية المارونية، يبدأ الأسبوع المقدس أو أسبوع الآلام من مساء أحد الشعانين، حيث تُقام رتبة الوصول الى الميناء؛ إذ بعد أن كنّا في بحر الصوم، الذي هو زمن النِعَم وزمن التجارب والمحن، وبعد أن تعبنا وجاهدنا في سفينة الصوم نصل الى الميناء. ومن هنا رتبة الميناء حيث يضيء الكاهن والمؤمنون الشموع خارج الكنيسة ويدخلون بتطواف كما العذارى الحكيمات وتبدأ صلاة الآلام، أو صلاة الحاش (بالسريانية حاشو أي الآلام)، التي تستمر من مساء الأحد الى السبت ظهراً. يتخلل هذا الاسبوع الى جانب صلاة الحاش بعض الرتب تتوزع على الأيام التالية:

الأربعاء، أربعاء الآلام أو أربعاء أيوب

نستذكر في هذا اليوم إصدار الحكم الجائر التعسفي على يسوع بالاتفاق مع يهوذا الاسخريوطي  للقبض على يسوع. في هذا المساء، تقام رتبة القنديل أو رتبة تبريك الزيت، حيث يُحضر المؤمنون الزيت ليباركه الكاهن وهذه الرتبة بمثابة سر مسحة المرضى حيث تمسح جباه المؤمنين الأصحاء منهم والمرضى بالزيت المقدس واضعين الآلامهم مع الآلام المسيح الشافي. في ختام الرتبة يأخذ المؤمنون هذا الزيت معهم لمسح مرضاهم ويضيفونه على خوابي الزيت في بيوتهم.

خميس الأسرار

خميس الأسرار، انها الليلة الأخيرة ليسوع مع تلاميذه حيث احتفل معهم في الفصح  وكان لهم القدوة عندما قام بغسل أرجلهم كما أنه أسس في هذه الليلة سر الافخارستيا وسر الكهنوت. وبحسب التقليد، يزور المؤمنون سبعة كنائس حيث يُعرض القربان للسجود شاكرين الرب يسوع على نعمة الاسرار السبعة التي ترمز لحضور يسوع الذي هو سر الأسرار:

سرّ العماد : عمّدنا باسم الثالوث الأقدّس فأصبحنا أبناء الآب، إخوة يسوع وهياكل للروح القدس.

سرّ التثبيت : كُرّسنا بقوّة الروح القدس لنكون رسل وشهود للمسيح.

سرّ التوبة : أعطانا الرحمة الإلهية بمغفرة الخطايا والمصالحة معه.

سرّ الإفخارستيا : أعطانا ذاته تحت شكلي الخبز والخمر، هو الخبز النازل من السماء عربون وزاد حياتنا الابدية.

سرّ الزواج : إنه الدعوة الطبيعية للإنسان "رجل وانثى خلقهما" مع المسيح ارتقت هذه الدعوة الى سر كما شرحها بولس الى أهل أفسس  " أيتها النساء، إخضعن لأزواجكنّ خضوعكنّ للرّب،...  أيّها الرّجال، أحبّوا نساءكم كما أحبّ المسيح الكنيسة وجاد بنفسه من أجلها ليقدّسها " (أفسس 5 : 22  و25).

سرّ الكهنوت : هو الشرع الإلهي لتنظيم حياتنا الرّوحية بيسوع المسيح القائم من الموت.

سرّ مسحة المرضى : حضور يسوع الشافي نفساً وجسداً "هل فيكم مريض؟ فليدع شيوخ الكنيسة، ليصلّوا عليه بعد أن يمسحوه بالزّيت باسم الرّب. إن صلاة الإيمان تُخلّص المريض والرّب يعافيه" (يع 5 : 14- 15).

 

في المساء، تحتفل الرعايا بالذبيحة الإلهية التي يتخللها رتبة الغسل، ويكمل المؤمنون السهر أمام القربان المقدّس بالتراتيل والقراءات الروحيّة والتأملات فتكون بمثابة السهر مع يسوع في بستان الزيتون.

 الجمعة العظيمة

يُحتفل بالقداس المُسمّى رسم الكأس أو القدّاس السابق تقديسه حيث يحتفل الكاهن على القربان المعروض سابقاً أمام المؤمنين من دون تلاوة كلام التقديس. عند المناولة، يتم مناولة كل القربان المقدّس ليبقى بيت القربان فارغاً رمزاً الى موت المسيح. وتُقام في هذا اليوم أيضاً رتبة دفن المصلوب حيث يحضر المؤمنون باقات الزهر لوضعها في النعش فيقام الزياح وتقرأ الأناجيل وتنشد تراتيل الآلام. وعند المساء، تُتلى طلبة وصلاة الآلام.

 سبت النّور أو السبت المقدّس

استناداً إلى قوانين الكنيسة (ديداكي Didache التي تعني "تعليم") "صوموا أيضاً أيام الفصح (أسبوع الآلام) بدءاً من الإثنين إلى التهيئة والسبت". إنه السبت الوحيد التي تصوم خلاله الكنيسة  "فاليوم الذي كان فيه الخالق تحت الثرى هو يوم بكاء ونواح، ولا يَحسن فيه الإبتهاج والعيد، لأنّ الخالق يفوق جميع خلائقه في الطبيعة والإكرام" (قوانين الكنيسة).

وظهراً يحتفل بصلاة الغفران، حيث يقترب المؤمنون من سر التوبة ليقوموا بفصحيتهم أي ليعبروا من موت الخطيئة الى القيامة بالنعمة وتقرع الاجراس فرحاً لأنه ليتورجياً دخلنا في مساء الأحد أي مساء القيامة فتكتمل الفرحة بصلاة طلبة القيامة مساءً لتُتوّج بقداس منتصف الليل ورتبة السلام، فيُفتح القبر ويأخذ المؤمنون من الزهور التي دفنوا بها المصلوب بركة لعائلاتهم.

 أحد القيامة

من هنا يعتبر يوم الرب عند المسيحيين الأحد ذكرى قيامة المسيح من بين الأموات.