أطول تمثال للقدّيسة ريتا في الشّرق الأوسط في قبّ الياس
وبحسب ما أفاد إعلام أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع، "يرتفع التّمثال أعلى بازيليك القدّيسة ريتا في قبّ الياس بارتفاع عشرة أمتار ونصف، وهو الأعلى في الشّرق الأوسط والثّاني ارتفاعًا في العالم بعد البرازيل، قدّمته عائلة المرحوم سامي الحجّار ونفّذه الفنان جورج مخلوف، ليصبح علامة مميّزة ومعلمًا دينيًّا وسياحيًّا يرمز إلى الإيمان والرّجاء والعيش الواحد، ويعكس مكانة القدّيسة ريتا في قلوب المؤمنين كقدّيسة المعجزات وشفيعة المستحيلات.
إستهلّ الاحتفال بالنّشيد الوطنيّ اللّبنانيّ، تلته كلمة ترحيب من عرّيفة الاحتفال لينا الحجّار، ومن ثمّ كلمة عائلة المرحوم سامي الحجّار ألقاها السّيّد أندره الحجّار، شرح فيها أسباب إقدام العائلة على تقديم التّمثال عربون محبّة وإخلاص للبلدة والكنيسة، وأكّد وقوفهم الدّائم إلى جانب الرّعيّة والبلدة في كلّ عمل يخدم المصلحة العامّة.
خادم الرّعيّة الأب الدّكتور إيلي بو شعيا شدّد في كلمته على حضور القدّيسة ريتا الدّائم في حياة الرّعيّة، فتوقّف عند محطّات مختلفة منها شراء الأرض، ومن ثمّ عمليّة البناء والتّجهيز في ظلّ ظروف صعبة جدًّا اجتاحت لبنان، لكن الإرادة والعزيمة بقيت موجودة لدى الكثيرين من أبناء قبّ الياس الّذين تبرّعوا بسخاء لإكمال أعمال البناء، على أمل أن يتمّ الانتهاء قريبًا من الأعمال في البازيليك وتدشينها في وقت قريب.
المطران ابراهيم هنّأ أبناء قبّ الياس بارتفاع تمثال القدّيسة ريتا في البلدة وقال:
"أحبّائي، إخوتي وأخواتي في الرّبّ،
نجتمع اليوم في هذه البلدة العزيزة، قبّ الياس، لا لنرفع حجرًا في الهواء، بل لنرفع القلوب إلى السّماء. لا لنكرّم تمثالًا مادّيًّا، بل لنكرّم قداسةً سكنت الزّمان والمكان، وتجاوزت المستحيل بالإيمان، والوجع بالرّجاء، والصّلب بالمحبّة.
إنّ هذا التّمثال ليس صنمًا نعبده، ولا حجارة نقدّسها، بل هو علامة مرئيّة تشير إلى امرأة غير مرئيّة بالجسد، حاضرة في القلوب والبيوت والمزارات. إنّه يشير إلى القدّيسة ريتا، شفيعة الأمور المستحيلة، الّتي علّمتنا أن لا شيء مستحيل على الله، وأنّ الإيمان الصّادق قادر أن يفتّح الأبواب المغلقة، وأنّ الوردة الّتي نبتت في شتاء حياتها، هي دليل على أنّ المعجزة لا توقيت لها."
وأضاف: "هذا التّمثال هو صوت صامت ينادينا كلّ يوم: ثقوا، لا تخافوا، لا تيأسوا... فالله قادر أن يخلق من الألم خلاصًا، ومن الموت قيامة، ومن الجراح طُهرًا، ومن الخسارة نعمة."
نكرّم ريتا لا لأنّها عانت فقط، بل لأنّها عاشت الألم برجاء، وحملت الصّليب بمحبّة، وسامحت من قتلوا أهلها، وطلبت أن تُطبع على جبينها جراح المسيح. نكرّمها لأنّها صارت مرآةً لنعمة الله، وجسرًا بين الأرض والسّماء.
وهذا التّمثال، في ساحة كنيستنا في قبّ الياس، ليس زينةً، بل هو دعوة لنجعل من شفاعتها ملاذًا، ومن سيرتها قدوة، ومن صلاتها رفيقة لنا في الأيّام الحالكة. هو تذكير لنا أنّ قدّيسينا ليسوا في الماضي، بل حاضرون معنا، يرافقوننا، يصلّون لأجلنا، ويعطوننا الرّجاء."
وتابع:" في زمن كثر فيه اليأس، وعظُم فيه الألم، وانسحب فيه كثيرون من دروب الصّلاة والثّقة، ها هي ريتا تعود إلينا اليوم تمثالًا لا ليُعبد، بل ليوقظ الإيمان، ويشعل الرّجاء، ويُعيدنا إلى الله.
فلنطلب منها جميعًا أن تمرّ في بيوتنا، في عائلاتنا، في أمراضنا، في صلواتنا، وأن تهمس في قلب كلّ واحد منّا:
"لا تخف، الرّبّ معك... ومعه، لا مستحيل.""
وإختتم المطران ابراهيم:" أشكر قدس الأرشمندريت إيلي بو شعيا راعي هذه الرّعيّة المزروعة بيد الله في قبّ الياس. أشكره على همّته وغيرته ومحبّته للجميع. كما أشكر جميع الّذين يعاونوه ويدعمون عطاءاته ومجهوداته، خصوصًا عائلة المرحوم سامي حجّار الّذين قدّموا هذا التّمثال الرّائع. كافأهم الله جميعًا بالصّحّة والخير والبركات وطول العمر.
مبارك هذا اليوم، ومبارك هذا التّدشين، ومباركة أنتِ يا ريتا، يا زهرة مستحيلة نبتت على صليب الرّجاء. آمين."
بعد الكلمات ترأّس المطران ابراهيم رتبة تبريك المياه وتبريك التّمثال، ونضح المكان والتّمثال والحضور بالماء المقدّس، بعدها جرى قصّ شريط الافتتاح.
تخلل حفل التّدشين ترانيم روحيّة قدّمها الفنّان جو معلوف وجوقة الرّعيّة وصلوات شكر لله، وسط أجواء إيمانيّة مؤثّرة رفعت خلالها الصّلوات من أجل السّلام في لبنان والشّرق الأوسط.
وأكّد المنظّمون أنّ هذا المشروع يهدف إلى تعزيز السّياحة الدّينيّة في البقاع، وجعل قبّ الياس مقصدًا للمؤمنين والحجّاج من مختلف أنحاء لبنان والخارج، لما تحمله القدّيسة ريتا من رمزيّة روحيّة عميقة تدعو إلى التّسامح والإيمان العميق بالعناية الإلهيّة."