متفرّقات
20 تشرين الثاني 2020, 06:22

أهداف التنمية المستدامة: الأعشاب البحرية تحدث ثورة في مجال القضاء على الجوع

الأمم المتّحدة
إذا تمّت زراعة 2 في المائة فقط من مساحة المحيط، بصورة مستدامة، فسيمكن بسهولة توفير غذاء يكفي لإطعام العالم بأسره، وفقا للخبراء.

ستقدم لكم أخبار الأمم المتحدة سلسلة مكونة من جزأين تبحث في الفرص والتحديات التي تواجه الزراعة في المحيطات.

في قصتنا الأولى، سنلقي نظرة على الدور الكبير المحتمل الذي يمكن أن تلعبه الأعشاب البحرية في التخفيف من تغير المناخ، وخفض التلوث البحري، وتحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل في القضاء على الجوع.

 

الصيد وقطف النباتات البرية

يقول فينسينت دوميزل كبير المستشارين المعنيين بالحلول القائمة على المحيطات في "الاتفاق العالمي للأمم المتحدة"، وهو دعوة للشركات لمواءمة سياساتها مع المبادئ المهمة للأمم المتحدة، إنه عندما يتعلق الأمر بالمحيط، فنحن ما زلنا نعتبر "جماعة تعتمد على الصيد وقطف النباتات البرية".

"من خلال زراعة 2 في المائة فقط من مساحة المحيط، يمكننا توفير كمية من البروتين كافية لإطعام 12 مليار شخص في العالم. الأعشاب البحرية غنية بالبروتين وتحتوي على نسب قليلة من الدهون والكربوهيدرات وغنية بالفيتامينات والزنك والحديد".

كما يعلم أي محب لوجبة السوشي، فإن بعض أنواع الأعشاب البحرية صالحة للاستهلاك البشري. وبرغم أن الأعشاب البحرية كانت شائعة في آسيا، وخاصة اليابان، ولسنوات عديدة، إلا أنها بدأت الآن تأخذ، شيئا فشيئا، طابعا عالميا.

ويعرب السيد دوميزل ​​عن ثقته بأن هذه الأعشاب لديها القدرة على أن تصبح طعاما رئيسيا في جميع أنحاء العالم.

معظم اليابانيين يستخدمون الأعشاب البحرية في وجباتهم الرئيسية الثلاث اليومية، وهي تستخدم في إعداد العديد من الأطباق في كوريا، ويتغذى عليها كثير من الناس في الصين. وقد يكون ذلك عاملا أساسيا في انخفاض مستويات الأمراض غير المعدية في هذه البلدان.

 

الاحتفاظ بالكربون تحت الماء

باعتباره مناصرا بشأن استخدام الأعشاب البحرية، يروج السيد دوميزل ​​أيضا للفوائد البيئية للأعشاب البحرية، لا سيما استخدامها في علف الحيوانات:

"الأعشاب البحرية لا تحتاج إلى الأرض أو المياه العذبة أو المبيدات، فقط الشمس والمياه المالحة. إذا تم إطعام الماشية المواد الغذائية المستمدة من الأعشاب البحرية، بدلا من فول الصويا، فيمكن خفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 90 في المائة، وتحسين عملية الهضم مع تعزيز جهاز مناعة الحيوانات، مما يقلل من الحاجة إلى المضادات الحيوية. وهذا ما يحدث بالفعل في بعض البلدان، مثل أسكتلندا وآيسلندا ".

للأعشاب البحرية العديد من الاستخدامات والفوائد الأخرى، إذ يمكن استخدامها كسماد عضوي، وبديل مستدام للبلاستيك، ومكون يدخل في صناعة مستحضرات التجميل والأدوية. كما أن الأعشاب البحرية تلعب دورا في معالجة تلوث المحيطات وتنظيف المياه من النترات والفوسفات.

بالنظر إلى الفوائد الجمة التي توفرها الأعشاب البحرية، قد يسأل سائل: لماذا لا يتم استخدامها على نطاق واسع؟ يجيب السيد دوميزل بالقول إن الحواجز التقنية تمثل أحد الأسباب.

"هناك نقص في المساحة اللازمة لزراعة الغابات تحت الماء بالقرب من السواحل، وقد يكون من الصعب الحصول على ترخيص لزراعتها في الخارج. نحن بحاجة إلى التعلم من شركات النفط التي تمتلك الكثير من الخبرة في التعامل مع التيارات والأمواج القوية في المحيطات".

يدير مسؤول تنفيذي سابق في شركة شل النفطية الدولية العملاقة، شركة تسمى Kelp Blue.

تمتلك شركة كيلب بلو خططا كبيرة بشأن توسيع عملية إنتاج الأعشاب البحرية، من خلال التخطيط لزراعة غابات ضخمة من الأعشاب البحرية تحت الماء قبالة سواحل ناميبيا، تغطي حوالي 70 ألف هكتار.

تبين الشركة أن هذه الغابات ستساعد في حل أزمة الغذاء العالمية، وفي الوقت نفسه، امتصاص كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري الضارة من الغلاف الجوي وخلق مئات الوظائف.

ستتم زراعة هذه الغابات بعشب البحر العملاق، وهو نوع من أنواع الأعشاب البحرية التي يمكنها أن تنمو حتى 100 قدم (30 مترا).

وفقا لمشروع كيلب بلو، فإن هذه الغابات ستحجز مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ولأن علف الماشية هو أحد المنتجات الرئيسية من عشب البحر، فإنه يمكن القضاء على المزيد من ثاني أكسيد الكربون، عن طريق تقليل انبعاثات غاز الميثان الناتج من عمليات الهضم في الحيوانات.

من الفوائد الجانبية الإضافية المحتملة لغابات الأعشاب البحرية، هي النمو المتوقع في مخزون الأسماك في المياه المحيطة بنسبة تصل إلى 20 في المائة، ومن المتوقع أن تشكل هذه الأعشاب موطنا لنحو 200 نوع من الأسماك.

 

بيان الأعشاب البحرية

يبدو أن شركات مثل Kelp Blue تمتلك حلولا للتحديات التقنية، إلا أن هناك عقبة رئيسية يتعين التغلب عليها ألا وهي الافتقار إلى معايير السلامة العالمية لمنتجات الأعشاب البحرية، ومقاومة التعاون في صناعة مملوكة لشركات صغيرة نسبيا، ومستثمرين لا يرغبون في مشاركتها مع جهات أخرى.

في سبيل التغلب على هذه المشكلة، أصدر الاتفاق العالمي للأمم المتحدة بيانا خاصا بالأعشاب البحرية، يدعو إلى تبني معايير متفق عليها دوليا، وجهود استثمارية جديدة، وتعاون أكبر بين الحكومات والعلوم والصناعة، لدفع الإنتاج إلى المرحلة التالية.

وتم إطلاق البيان رسميا على هامش مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2020، خلال فعالية عقدت عن طريق تقنية التواصل عن بعد، وجمعت العديد من الفاعلين من القطاعين الخاص والعام، وضمت ألكسندرا كوستو، حفيدة مستكشف المحيطات الشهير جاك كوستو، ومؤسسة حملة Oceans 2050، وهي خطة عمل مخصصة لاستعادة العافية للمحيطات على مدى الثلاثين عاما القادمة.

إذا نجحت هذه الجهود، فقد تجد صناعة الأعشاب البحرية نفسها في صميم جهود مكافحة أزمة المناخ، وتعزيز النظم البيئية البحرية، وتقريب العالم من تحقيق الغاية الكبرى المتمثلة في القضاء على الجوع.

 

الجوع والمحيطات والأمم المتحدة

الاتفاق العالمي للأمم المتحدة هو دعوة للشركات لمواءمة استراتيجياتها وعملياتها مع عشرة مبادئ عالمية تتعلق بحقوق الإنسان، والعمل، والبيئة ومكافحة الفساد، واتخاذ الإجراءات التي تعزز الأهداف المجتمعية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

يسعى منهاج عمل الأعمال المستدامة للمحيطات التابع للاتفاق العالمي إلى تعزيز هدف التنمية المستدامة الثاني المتمثل في القضاء على الجوع بحلول عام 2030، من خلال تعزيز إنتاج المأكولات البحرية المستدامة.

من خلال تعزيز الإدارة الفعالة للمحيطات، والأنظمة الرامية إلى الحد من الصيد الجائر والتلوث البحري وتحمض المحيطات، يدعم عمل المنبر أيضا الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، وهو الهدف المعني بتعزيز الحياة تحت الماء.

تلعب الأعشاب البحرية دورا في دعم تحقيق الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة، والذي يتضمن اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره، سواء من حيث قدرتها المحتملة على عزل الكربون بشكل طبيعي، وفي الحد من إطلاق غاز الميثان من الأبقار والأغنام، المسؤولة عن جزء كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الزراعة.