صحّة
21 حزيران 2019, 12:15

أول تقرير أممي عن داء الصّرع: رعاية متدنية في البلدان الأفقر

ثلاثة أرباع المصابين بالصرع في البلدان منخفضة الدخل لا يحصلون على ما يلزمهم من علاج، مما يزيد من احتمال وفاتهم مبكرا، بينما يُحكم على كثير من المصابين به بالوصم طوال العمر.

 

هذا جانب من النتائج التي كشفها تقرير "الصرع من ضروريات الصحة العمومية" لمنظمة الصحة العالمية والرابطة الدولية لمكافحة الصرع والمكتب الدولي المعني بداء الصرع بالتعاون مع منظمات غير حكومية معنية بالمرض.

الفجوة التي تتخلل إتاحة علاجات الصرع واسعة بشكل غير مقبول، حسب الدكتورة تارون دوا من إدارة الصحة النفسية ومعاقرة مواد الإدمان، خصوصا "عندما نعلم أن 70% من المصابين بهذه الحالة يمكن أن يتعافوا من نوبات المرض إذا ما أُتيحت لهم الأدوية" حسب قولها. وتقول الدكتورة تارون دوا إن هذه الأدوية قد لا تكلف أكثر من 5 دولارات أمريكية سنويا، ومن الممكن تزويد المصابين بها من خلال نظم الصحة الأولية.

خطر الوفاة المبكرة لدى المصابين بالصرع يرتفع إلى ثلاثة أضعاف 

وحسب التقرير، فإن خطر التعرض للوفاة المبكرة لدى المصابين بالصرع أعلى بثلاثة أضعاف بمقارنة مع بقية السكان. كما يلاحظ أن معدلات التعرض للوفاة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل أعلى بكثير من معدلاته في البلدان الأخرى. ومن المحتمل أن تكون الوفاة المبكرة ناجمة عن عدم توفر المرافق الصحية للمصاب عند تعرضه لنوبات المرض طويلة الأمد، أو تعرضه لها بأوقات متقاربة دون فرصة للتعافي منها في الفترات الفاصلة. كما يقول التقرير إن الوفاة تحدث أحيانا لأسباب يمكن الوقاية منها مثل الغرق وإصابات الرأس والحروق.

نصف البالغين المصابين بالصرع تقريبا يعانون من حالة صحية واحدة أخرى على الأقل، مثل الإصابة بالاكتئاب والقلق. تعاني نسبة 23% من البالغين المصابين بالصرع من الاكتئاب السريري طوال عمرهم، ويعاني 20% من القلق. وقد تسفر الإصابة بمثل حالات الصحة النفسية هذه عن تفاقم نوبات المرض، وتدهور نوعية الحياة التي يعيشها. ويواجه حوالي 30 إلى 40% من الأطفال المصابين بالصرع صعوبات في مجالي النمو والتعلم.

الوصم الناجم عن المرض واسع الانتشار

وينتشر أيضا الوصم الاجتماعي الناجم عن الإصابة بهذه الحالة المرضية بشكل واسع، وتقول رئيسة المكتب الدولي المعني بداء الصرع الدكتور مارتن برودي إن الوصم من العوامل الرئيسية التي تحول دون سعي المصابين به إلى العلاج. "ولا يداوم الكثيرون من الأطفال المصابين به في المدارس، ويحرم البالغون المصابون من فرص العمل والحق في القيادة، بل وحتى من الزواج" حسب ما أفادت الدكتورة التي تنادي بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المصابون. 

وتعتبر الحملات الإعلامية لمناهضة الوصم في المدارس وأماكن العمل وأوساط المجتمع عنصرا هاما لتوجيه الاستجابات في مجال الصحة العمومية، بالإضافة إلى اعتماد تشريعات تمنع التمييز وانتهاكات حقوق الإنسان.

دمج علاج الصرع في خدمات الصحة الأولية

يبيّن التقرير إمكانية دمج وسائل تشخيص الصرع وعلاجه بنجاح في خدمات الصحة الأولية، في الدول. وقد أدى اعتماد برامج رائدة في غانا وموزمبيق وميانمار وفيتنام إلى إحداث زيادة كبيرة في معدلات توفر العلاج، بحيث حصل 6.5 مليون شخص على العلاج من المرض.

رئيس الرابطة الدولية لمكافحة الصرع، الدكتور صموئيل ويبي، يقول إن ضمان الإمداد المتواصل لسبل الحصول على الأدوية المضادة لنوبات الصرع هي من أهم الأولويات، "وكذلك تدريب مقدمي الخدمات الصحية من غير المتخصصين ممّن يعملون في مراكز الرعاية الصحية الأولية." 

25 % من حالات الصرع يمكن الوقاية منها

وتشير التقديرات إلى أن 25% من حالات الصرع يمكن في الواقع الوقاية منها. ومن أسباب الصرع التعرض للإصابات عند الولادة وإصابات الدماغ الرضحية والالتهابات التي تصيب الدماغ (مثل التهاب السحائي) والسكتة الدماغية. 

ويمكن تنفيذ إجراءات فعالة بشأن الوقاية من الصرع في مجال تقديم الرعاية الصحية للأمهات والمواليد ومكافحة الأمراض السارية والوقاية من الإصابات وصون صحة القلب والأوعية الدموية. كما تساعد فحوص الكشف عن مضاعفات الحمل ووجود قابلات مدربات على الوقاية أيضا. كما يمكن تقليل معدلات الإصابة بالصرع بفضل التمنيع ضد الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا؛ 

ويعتبر الصرع من أكثر الأمراض العصبية شيوعا، ويصيب حوالي  50 مليون شخص، من جميع الأعمار، في جميع أنحاء العالم. والمرض الذي يصيب الدماغ يتميز بإحداث نشاط كهربائي غير عادي، يسفر عن التعرض لنوبات أو اتباع سلوكيات والشعور بأحاسيس غير عادية وأحيانا، فقدان الوعي. 

وتزود منظمة الصحة العالمية الدول الأعضاء بالدعم اللازم لمساعدتها على دمج صحة الدماغ في سياساتها وخططتها الصحية وتحسين التدبير العلاجي لحالات الإصابة بالاضطرابات العصبية، من خلال دمج نماذج الرعاية في نظام الرعاية الصحية الأولية.