تكنولوجيا
28 كانون الثاني 2022, 06:15

إبتكار أجهزة قابلة للارتداء لاكتشاف الاكتئاب

تيلي لوميار/ نورسات
فريق من العلماء من جامعة "نانيانغ التكنولوجية" في سنغافورة يطورون برنامج حاسوب يكشف عن الأفراد المعرضين لخطر متزايد من الاكتئاب، وإبراز عوارضه مثل الشعور بالعجز واليأس، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية.

طوّر فريق من العلماء من جامعة "نانيانغ التكنولوجية" في سنغافورة (NTU Singapore)، برنامج حاسوب تنبؤي يمكن استخدامه للكشف عن الأفراد المعرضين لخطر متزايد من الاكتئاب، وفق ما نقلت مجلة "الهندسة والتكنولوجيا".

ونقلت المجلة عن "وقائع منظمة الصحة العالمية" لعام 2021، أن "الاكتئاب يؤثر على 264 مليون شخص على مستوى العالم، ونصف الحالات لا يتم تشخيصها أو علاجها". وأدت جائحة "Covid-19" في سنغافورة، إلى زيادة المخاوف بشأن الصحة العقلية، إذ أشارت دراسة أجراها معهد "سنغافورة للصحة العقلية" إلى زيادة محتملة في مشاكل الصحة العقلية المرتبطة بالوباء، بما في ذلك الاكتئاب.

وتشير التقديرات إلى أن "أجهزة تعقب النشاط يرتديها ما يقرب من مليار شخص، ارتفاعاً من 722 مليوناً في عام 2019".

وأجرى فريق "نانيانغ التكنولوجية" تجارب باستخدام بيانات من مجموعات من المشاركين المصابين بالاكتئاب والأصحاء. وبدعم من التعلم الآلي، يقوم نموذج البرنامج المسمى "Ycogni" بالكشف عن أخطار الإصابة بالاكتئاب عن طريق تحليل النشاط البدني للفرد وأنماط النوم والإيقاعات اليومية المأخوذة من البيانات الصادرة من الأجهزة القابلة للارتداء، والتي تقيس الخطوات ومعدل ضربات القلب والطاقة المستخدمة وبيانات النوم.

وأجرى العلماء دراسة شملت 290 من البالغين العاملين في سنغافورة لتطوير نموذج "Ycogni". ارتدى المشاركون أجهزة "Fitbit Charge 2" (ساعات رياضية) لمدة 14 يوماً متتالياً وأكملوا الاستبيانات الصحية التي فحصت أعراض الاكتئاب في بداية الدراسة ونهايتها.

وكان متوسط عمر المشاركين 33 عاماً، وطُلب من المشاركين ارتداء أجهزة التتبع طوال الوقت وإزالتها فقط عند الاستحمام أو عندما يحتاج الجهاز إلى الشحن.

وربط الباحثون بنجاح أنماطاً معينة في سلوكيات المشاركين بأعراض الاكتئاب، والتي تشمل الشعور بالعجز واليأس، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، والتغيرات في الشهية أو الوزن.

ووجد العلماء، من تحليل النتائج التي توصلوا إليها، أن "أولئك الذين لديهم معدلات ضربات قلب متنوعة بين الساعة الـ2 والـ4 صباحاً، وبين الـ4 إلى الـ6 صباحاً، يميلون إلى أن يكونوا أكثر عرضة لأعراض الاكتئاب الشديدة". تؤكد هذه الملاحظة نتائج الدراسات السابقة، التي ذكرت أن "التغيرات في معدل ضربات القلب أثناء النوم قد تكون علامة فسيولوجية للاكتئاب".

كما ربطت الدراسة أنماط النوم الأقل انتظاماً، مثل اختلاف أوقات الاستيقاظ وأوقات النوم، مع ميل أعلى للإصابة بأعراض الاكتئاب.

وأوضح العلماء أنه "على الرغم من أن إيقاعات أيام الأسبوع يتم تحديدها بشكل أساسي من خلال روتين العمل، فإن القدرة على اتباع هذا الروتين تميز بشكل أفضل بين الأشخاص المصابين بالاكتئاب والأشخاص الأصحاء"، حيث "أظهر الأشخاص الأصحاء انتظاماً أكبر في الأوقات التي يستيقظون وينامون فيها".

وحقق البرنامج، بشكل عام، دقة تصل إلى 80% في الكشف عن الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالاكتئاب وأولئك الذين ليس لديهم أخطار.

وقال مدير مركز علوم صحة السكان في كلية الطب "لي كونغ تشيان" التابعة لجامعة " NTU" البروفيسور جوزيب كار، والذي شارك في قيادة الدراسة إن "الدراسات أظهرت بنجاح أنه يمكننا تسخير بيانات أجهزة الاستشعار من الأجهزة القابلة للارتداء للمساعدة في الكشف عن خطر الإصابة بالاكتئاب لدى الأفراد. من خلال الاستفادة من برنامج التعلم الآلي لدينا، فضلاً عن الشعبية المتزايدة للأجهزة القابلة للارتداء، التي يمكن استخدامها يوماً ما لفحص الاكتئاب في الوقت المناسب".

وأضاف البروفيسور كار أننا "نتطلع إلى التوسع في بحثنا ليشمل علامات حيوية أخرى في الكشف عن أخطار الاكتئاب، مثل درجة حرارة الجلد. يمكن أن يساعد ضبط برنامجنا في تسهيل الاكتشاف المبكر وغير المزعج والمستمر والفعال من حيث التكلفة للاكتئاب لدى عامة السكان".

وقال الأستاذ المساعد من كلية "نانيانغ للأعمال" بجامعة "NTU" جورجيوس كريستوبولوس، والذي شارك في قيادة الدراسة إنه "نأمل أن تضع هذه الدراسة أساساً لاستخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء لمساعدة الأفراد والباحثين وممارسي الصحة العقلية وصانعي السياسات لتحسين الصحة العقلية". ولكن في تطبيق أكثر عمومية ومستقبلية، نعتقد أنه "يمكن دمج هذه الإشارات مع المباني الذكية أو حتى مبادرات المدن الذكية: تخيل مستشفى أو وحدة عسكرية يمكنها استخدام هذه الإشارات لتحديد الأشخاص المعرضين للخطر".

وأضاف كريستوبولوس أن "فريقنا سيعمل أيضاً على التوسع في أنواع أخرى من الحالات النفسية، مثل الإرهاق العقلي، والذي يبدو أنه مشكلة مزعجة في الوقت الحاضر. يمكن أن تكون الأجهزة القابلة للارتداء أيضاً جزءاً من نظام التغذية الراجعة الذي يمكن أن يدعم المعالجين لتقييم الحالة النفسية لمرضاهم بشكل أفضل، على سبيل المثال: تحسين نوعية النوم".

ويأمل الفريق، على مدار العام المقبل، في استكشاف تأثير استخدام الهواتف الذكية على أعراض الاكتئاب وخطر الإصابة بالاكتئاب من خلال إثراء نموذجهم ببيانات عن استخدام الهاتف الذكي. ويتضمن ذلك طول المدة وعدد المرات التي يستخدم فيها الأفراد هواتفهم المحمولة، بالإضافة إلى اعتمادهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

المصدر: الميادين نت