لبنان
25 كانون الثاني 2022, 07:30

إختتام سلسلة ندوات أسبوع الكتاب المقدّس في المركز الكاثوليكيّ للإعلام

تيلي لوميار/ نورسات
عُقدت في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، أمس الإثنين، النّدوة الثّالثة لإطلاق أسبوع الكتاب المقدّس تحت عنوان "الشّركة في الكتاب المقدّس"، شارك فيها رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري، راعي أبرشيّة جبيل المارونيّة المطران ميشال عون، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبدو أبو كسم، أستاذ مادّة الكتاب المقدّس في جامعة القدّيس يوسف الأب سمير بشارة اليسوعيّ ومنسّق اللّجنة الوطنيّة لراعويّة الشّبيبة APECL Jeune المحامي روي جريش.

قدّم للنّدوة المطران العنداري وقال: "إِنّ كلمة الله، بحسب تعبير قداسة البابا فرنسيس، هي رسالة الحبّ الّتي كتبها لنا ذلك الّذي يعرفنا أَكثر من أَيّ شخص آخر. إِنّ كلمة الله لنا تسمح لنا أَن نلمس قرب الله منّا كما يقول سفر تثنية الاشتراع: "ليس بعيدًا عنّا، ولكنّه قريب من قلوبنا". كلمة تبعث فينا السّلام، ولكنّها لا تتركنا بسلام. إِنّها تفعل فعلها، إِنّها كلمة تعزية وكلمة توبة تزرع فينا الرّجاء. كلمة تملك قوّة خاصّة تؤثّر فينا بطريقة شخصيّة ومباشرة".

أضاف: "إِنّها رسالة حبّ تجعلنا نسمع صوت الرّبّ، نرى وجهه، وننال روحه. عندما نقرأها تقرّبنا من الله وتقرّب الله منّا. إِنّها الكلمة الّتي تبعث فينا الشّجاعة في مسيرة الحياة بالرّغم من كلّ الصّعوبات والمعاناة. ولا ننس أَبدًا قول الرّبّ لنا: "أنا هو لا تخافوا".

ثمّ كانت مداخلة للمطران عون  تناول فيها موضوع "السّينودسيّة ودورها في تفعيل رسالة الكنيسة"وقال: "الرّسالة هي الكلمة المفصليّة لكنيسة في مسيرة، والكنيسة هي جماعة المؤمنين بالمسيح الّذين يسيرون نحو تحقيق الملكوت والنّموّ في القداسة للوصول إلى ملء قامة المسيح".

أضاف: "منذ البداية شدّد البابا فرنسيس على الكلمات المفصليّة للسّينودس: شركة، مشاركة ورسالة. الشّركة والرّسالة هما تعبيران لاهوتيّان يشيران إلى سرّ الكنيسة ومن المهمّ أن نتذكّر هذا.

وأوضح المجمع الفاتيكانيّ الثّاني أنّ الشّركة تعبّر عن طبيعة الكنيسة، وهذه الكنيسة تلقّت رسالة أن تبشّر وتبني ملكوت المسيح وملكوت الله بين جميع الشّعوب، وهي تشكّل على الأرض بدء هذا الملكوت كالبذرة الّتي يجب أن تنمو".

وشدّد عون على أنّ "الشّركة والرّسالة دون مشاركة الجميع تبقى تعابير مجرّدة. من هنا أهمّيّة السّينودس. فالشّركة والرّسالة تفترضان مشاركة أبناء الكنيسة لأنّ المشاركة هي تعبير حيّ عن جوهر الكنيسة. مهمّة الكنيسة هي متابعة رسالة يسوع المسيح وتحقيق هذه الرّسالة من خلال إعلان الإنجيل أيّ بشرى الخلاص ومن خلال الخدمة التّعليميّة والتّقديسيّة والتّدبيريّة الّتي تقوم بها الكنيسة في عالم اليوم. الشّركة هي جوهر الكنيسة، أيّ أنّنا كلّنا أعضاء في جسد المسيح السّرّيّ الّذي هو الكنيسة. هذه الشّركة الّتي تعاش في الوحدة تتجلّى وتتحقّق في مشاركة الجميع في حياة الكنيسة".

وتابع: "الكنيسة مدعوّة لتكون النّور والملح في العالم، أيّ أنّها مرسلة في قلب العالم لتشهد لربّها ومخلّصها ولكي تعلن كلمة الحياة والخلاص لإنسان اليوم. لذلك عندما تفقد الكنيسة دورها الإرساليّ، أيّ عندما تتوقّف عن أن تكون مرسلة في قلب العالم تفقد مبرّر وجودها وتفقد الهدف الّذي من أجله اختار المسيح تلاميذه، نواة الكنيسة وأعمدتها، وأرسلهم في الأرض كلّها ليُعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين. المشاركة الفاعلة في حياة الكنيسة هي من أجل نموّ أعضائها في القداسة، وأيضًا من أجل تحقيق مهمّتها ورسالتها بحسب قصد الرّبّ يسوع".

وقال: "في السّينودس نحن مدعوّون إلى الإصغاء إلى بعضنا البعض من أجل الإصغاء إلى إلهامات الرّوح القدس، الّذي يأتي لقيادة جهودنا البشريّة، ولبثّ الحياة والحيويّة في الكنيسة، ويقودنا إلى شركة أعمق من أجل الرّسالة الموكلة إلينا في العالم. السّينودسيّة ليست حدثًا أو شعارًا بقدر ما هي أسلوب وطريقة للوجود الّذي من خلاله تحيا الكنيسة رسالتها في العالم. تتطلّب رسالة الكنيسة أن يكون شعب الله بأكمله في رحلة معًا، حيث يقوم كلّ عضو بدوره الأساسيّ، متّحدًا مع الجميع. تسير الكنيسة السّينودسيّة إلى الأمام في الشّركة لمتابعة رسالة مشتركة من خلال مشاركة كلّ فرد من أعضائها".

وأضاف: "تسعى هذه المسيرة السّينودسيّة إلى الانتقال إلى كنيسة أكثر خصوبة في خدمة إعلان الإنجيل وإعلان مجيء ملكوت السّماوات. إنّ رسالة الكنيسة تكتمل في إعلان إنجيل الخلاص والبشرى السّارّة إلى إنسان اليوم، وفي الإعلان بأنّ ملكوت الله هو في وسطنا. الكنيسة موجودة للتّبشير. لا يمكن للكنيسة أن تكتفي بأن يركّز كلّ عضو فيها على حياته الرّوحيّة بمفرده. فرسالة الكنيسة هي أن يشهد أبناؤها وبناتها لمحبّة الله في وسط العائلة البشريّة بأسرها. إنّ المسيرة السّينودسيّة لها بعد إرساليّ عميق، ويهدف إلى تمكين الكنيسة من تقديم شهادة أفضل للإنجيل، خاصّة مع أولئك الّذين يعيشون على الهامش روحيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وجغرافيًّا ووجوديًّا في عالمنا. بهده الطّريقة تعتبر السّينودسيّة طريقًا تستطيع الكنيسة من خلاله أن تتمّ رسالتها في التّبشير بالإنجيل في العالم بشكل مثمر، كخميرة في خدمة مجيء ملكوت الله".

وأنهى قائلا: "من وحي ما تعيشه كنيستنا اليوم في لبنان في ظلّ الظّروف الرّاهنة، من الضّروريّ أن نعي أنّ الرّسالة في الكنيسة يجب أن تتبع نهج يسوع المستمرّ في الوصول إلى الأشخاص المستبعدين والمهمّشين والمنسيّين. السّمة المشتركة في خدمة يسوع هي أنّ الإيمان يظهر عندما يتمّ تقدير النّاس: عندما يتمّ الاستجابة إلى حاجاتهم، وعندما تقدّم لهم المساعدة في الصّعوبات، وعندما تتثبّت كرامتهم بحضور الله فتستعاد في قلب الجماعة. هذا ما يجب أن تسعى إليه كنيسة لبنان لكي تبقى أمينة للرّبّ يسوع ولرسالته بين البشر".

وتناول الأب بشارة موضوع "الرّسالة في الكتاب المقدّس" منطلقًا من خبرة يسوع المبشّر المثاليّ مشيرًا إلى أنّ "من أبرز النّصوص الّتي تجسّد تحدّيات أو مفهوم الرّسالة المسيحيّة في الكتاب المقدّس هو لقاء يسوع بالمرأة السّامريّة (يوحنّا فصل 4) وهو  لقاء نموذجيّ يعلّمنا كيف نكون رسلاً حقيقيّين وسط مجتمع مفكّك يبحث عن معنى حقيقيّ للحياة".

وإعتبر أنّ "مبدأ وأساس الإرسال هو أن نستقي من حكمة الرّوح القدس ومواهبه السّبع" وأنّ "مبدأ وأساس الرّسالة أن نخلع نعالنا أمام أرض الآخر المقدّسة بتواضع. مبدأ وأساس الرّسالة هو أن نلمس في مجتمعاتنا ليس فقط العطش المادّيّ إنّما أيضًا العطش الرّوحيّ، ونساعد الآخر ليعبّر بكلّ مصداقيّة وثقة عن الحاجة أو الأزمة الّتي يمرّ فيها". 

ورأى أنّ "مبدأ وأساس الرّسالة مرتبط بشخص المسيح، مكان العبادة أصبح هيكل جسده، وزمان العبادة هو الآن وهنا، زمنه الحاضر. مبدأ وأساس الرّسالة هو اختبار علاقة حميمة مع يسوع المسيح نتيجتها الخلاص أيّ التّحرير: تحرير الشّعب من عبوديّة الأصنام الّتي تحيط بنا، تحرير الكنيسة من الانطواء على ذاتها، تحرير العائلة من الخصومات والعداوات، تحرير الإنسان من الوحدة ومن الغرق فيها أو الإحباط."

وأنهى بشارة مشدّدًا على أنّ "مبدأ وأساس الرّسالة هو أن أكون أمينًا لهذا الموعد الحميم ولهذا الملجأ الوديع حيث ننال كلّ شيء."

وتحدّث المحامي جريش عن "راعويّة الشّبيبة في الكنيسة" مشيرًا إلى أنّ رؤية لجنة راعويّة الشّبيبة هي "معًا نحو راعويّة شبابيّة متجدّدة" وأنّ السّينودس مع الشّبيبة وليس للشّبيبة."  

وقال: "قد تقع كنيسة المسيح دومًا في تجربة فقدان الحماس لأنّها لم تعد تسمع دعوة الرّبّ لمغامرة الإيمان، الدّعوة لإعطاء كلّ شيء دون حساب المخاطر، والعودة للبحث عن ضمانات دنيويّة زائفة. والشّبيبة هم الّذين على وجه التّحديد، يستطيعون مساعدتها على البقاء شابّة، على ألّا تقع في الفساد، أو في الخمول، أو الكبرياء، أو التّحوّل إلى طائفة، وعلى أن تكون أكثر فقرًا وتشهد، بقربها من الآخرين والمستبعدين، وأن تناضل من أجل العدالة، وأن تسمح بأن تستجوب بتواضع. فباستطاعتهم هم أيضًا أن يضفوا على الكنيسة رونق الشّباب عندما يحفّزون القدرة "على الابتهاج لما يبدأ، وعلى هبة الذّات دون رجوع، وعلى تجديد النّفس والانطلاق مجدّدًا نحو انتصارات جديدة" (الفقرة 37 من الإرشاد الرّسوليّ: المسيح يحيا)."

وأشار إلى أنّ "راعويّة الشّبيبة هي عمل الكنيسة الّذي يجعل من يسوع المسيح حاضرًا في الجماعة الّتي تعيش في وقت محدّد ومساحة معيّنة. بشكل عامّ هي عمل كنسيّ يخصّ الكنيسة جمعاء ويقوم على مرافقة الشّبيبة في بحثها وعيشها الخبرة الإيمانيّة بيسوع المسيح ونقلها إلى غيرهم من الشّبّان والشّابّات ليكتشفوا بدورهم يسوع المسيح ويتعرّفوا عليه ويحبّوه ويتبعوه ويخدموه ويلتزموا به وبمشروعه الخلاصيّ، فيتحوّلون إلى رجال ونساء متجدّدين، فيشاركوه في رسالته الخلاصيّة ويساهمون في تجديد المجتمع ويبنون حضارة المحبّة والأخوّة."  

وأكّد أنّ "لجنة الـ APECL Jeune مؤتمنة على راعويّة شبابيّة سينودوسيّة أيّ مجمعيّة، يعني أنّنا نتبع مسيرة مشتركة تؤدّي إلى إبراز المواهب الّتي يمنحها الرّوح وفقًا لدعوة ودور كلّ عضو من أعضاء الكنيسة، ومن خلال ديناميكيّة المسؤوليّة المشتركة بإشراك براعة الشّبيبة والمعرفة الّتي يملكونها بأساليب واستراتيجيّات جديدة بإبداع وجرأة للمشاركة في الحياة واختبار اللّقاء الجماعيّ مع الله الحيّ وعيش فرح الإنجيل".

ولفت إلى أنّ "الخطوط الرّئيسة للعمل في راعويّة الشّبيبة هي في البحث والنّداء والدّعوة (الفصلين 7 و8 من الإرشاد الرّسوليّ) الّتي تجذب شبّانًا جددًا لاختبار الرّبّ من جهة، والنّموّ وتطوير مسيرة نضوج الأشخاص الّذين قد عاشوا هذا الاختبار."  

وإختتم جريش مشدّدًا على "ضرورة مشاركة الشّبيبة في مركز القرار ضمن العمل الكنسيّ، إيجاد لغة تخاطب قلب الشّباب وإيجاد وظائف لهم في خدمة راعويّة الشّبيبة والخروج من إطار العمل التّقليديّ والبيروقراطيّة القاتلة."  

وفي الختام كانت كلمة  للخوري أبو كسم فقال: "نختتم في هذه النّدوة سلسلة ندوات اسبوع الكتاب المقدّس في إطار الموضوع العامّ للسّينودس الّذي يعدّه قداسة البابا "شركة ومشاركة ورسالة" والّذي يسعى من خلاله إلى وضع الكنيسة أكثر فأكثر في إطارها الدّيمقراطيّ والتّقدّم والمساءلة الذّاتيّة والشّفافيّة أيّ إشراك المؤمنين العلمانيّين في تفكير الكنيسة وقراراتها وأموالها وممتلكاتها ورسالتها. والبابا فرنسيس يسعى من خلال ذلك، واستكمالاً لمسيرة البابوات السّابقين، إلى كسر جدار التّباعد بين المؤمنين والسّلطة الكنسيّة من دون كسر الاحترام."

ورأى أبو كسم أنّ "من خلال تفعيل هذا السّينودس نسير بطريق أوضح وأسرع كي تبقى رسالة الكنيسة عامّة تسودها الحياة بين كلّ أبنائها ونكون حلقة متماسكة إكليروسًا وعلمانيّين كي تتوسّع وتقوى حلقة هذه الكنيسة من أجل استمراريّتها".