متفرّقات
28 نيسان 2021, 13:10

إفتتاح مؤتمر ومعرض فوتوغرافي إحياءً للحرب اللبنانيّة والكلمات دعت إلى الاتعاظ منها لئلا يتبدّد حلم الوطن

الوكالة الوطنيّة للإعلام
إفتتح المركز الدولي لعلوم الإنسان - اليونيسكو، في قاعة المحاضرات في جبيل، مؤتمرًا ومعرضًا للتصوير الفوتوغرافي، بعنوان "حرب لبنان 1975- 1990 - ذكرى وعبر"، بتمويل من مؤسسة "هانس سايدل" الألمانية، إحياء لذكرى الحرب اللبنانيّة، بمشاركة مديرة المركز الدكتورة دارينا صليبا أبي شديد ورئيسة المعهد الألماني للأبحاث الشرقية البروفسورة برجيت شيبلر، وعبر تطبيق "ZOOM" مداخلة للممثل المقيم لـ"هانس سايدل" كريستوف ديوارتس بحضور مهتمين.

إستهل المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم تحدّثت الدكتورة صليبا أبي راشد، فسألت: "هل كانت حرب أهلية أم حرب الآخرين على أرضنا؟"، وأكّدت أنّ "العنف هو هو، قتلى وجرحى، مخطوفون ومفقودون، أرامل ويتامى، معوقون، دمار، انهيار اجتماعي وأخلاقي، الإنسانية تنوء وبيروت ومدن لبنان ثكلى تلملم الأشلاء. أعتذر لقساوة الصورة لكنها صادقة وصحيحة، فمعظم المنازل اتّشحت بالسواد على من قتل وهو يواجه ومن قتل قنصًا أو غدرًا، أو في زمن الطائفية البغيضة، التي أسقطت علينا ونتمنى الشفاء منها"، وأعلنت أنّ "كل هذه الآلام والخيبات سيتم تفنيدها في نشاطنا اليوم من كل الأبواب ووجهات النظر، وجهات نظر مجتمعات تحتكر الأبطال في بيئتها وتخون وتجرم الآخر".

وقالت: "تعدّدت الأسباب والكل يبحث عن مبرر، فكان الدفاع عن الوجود لدى البعض، بينما البعض الآخر يبحث عن وطن بديل، فيما سعى آخرون الى تحصيل حقوق ومكاسب سياسية. فأماني البعض وأحلامهم كانت كوابيس للآخرين".

وتطرّقت إلى "تخوّفات عاشتها وهواجس تؤرق خوفًا على وطن وأولاد، واحترامًا لمن سبق واستشهد لقضية"، وقالت: "هذه التخوّفات اعتبروها وصايا ممّن خبر بعضًا من ويلات الحرب وقرأ كثيرًا عن مآسيها وأصغى لحسرات ودموع. فأبناء هذا الوطن، وعبر التاريخ، تربوا على ترانيم الكرامة وحريّة الأوطان".

وتوجّهت إلى اللبنانيين قائلة: "يا أبناء موطني تشبثوا بهذا الإرث الجميل، لكن حذار حروب الآخرين، تذكروا قانون إيمانكم بهذا اللبنان الوطن النهائي لجميع أبنائه، ولا تصغوا إلى من يوقظ فتنة على إيقاعات خارجية أو طائفية، أو فئوية أو حتى مذهبية، مصيركم هنا، ميراثكم هنا، كرامة أطفالكم وراحتهم هنا، فتجنبوا تحريض البعض وحقده. مصطلحات كثيرة وشعارات تكرّرت في يومياتنا، وليتنا نستطيع محوها من ذاكرتنا".

وإذ سألت: "هل تعرفون عدد القتلى في الحرب التي يقال أنها بدأت فعليًّا في 13 نيسان 1975، وانتهت في تشرين الأول 1990؟"، أوضحت: "لقد تركت وراءها أكثر من 150 ألف قتيل و17 ألف مفقود أو مخطوف عدا عن الجرحى والدمار"، وقالت: "تحاوروا تناقشوا وانبذوا الشر والحرب. فالإنسانية والحوار هما ميزة البشر، فمارسوا إنسانيتكم. ففي كل حرب سنكون جميعا حفنة خاسرين، خاسرين لأحباء، لأرزاق، لقيم ولراحة، خاسرين للاستقرار والاقتصاد، إن كنتم أبطالًا تأكّدوا أنّ الأبطال يموتون ويخسرون لأن الجبناء بكل بساطة يهربون. فأيّها الأبطال تجنّبوا الحرب، فكل حرب وإن خمدت ستغذي أحقادًا وتوقظ نيران حروب أخرى، فإمّا أن نرتدع ونأخذ العبر وإمّا أن نتحمّل النتائج فيتبدّد حلم الوطن".

وختمت: "لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، هذا ميثاقكم، فاعملوا على أساس هذا الميثاق ومارسوا لبنانيتكم بحضارتها وثقافتها وكونوا دعاة حق وسلام، فأنتم قيّمون على بلاد الحرف وأم الشرائع. أصغوا جيّدًا إلى شهادات من خاضوا الحرب وإلى إنسانية من ساعد وفكّر كل باحث وسلام على من أحب السلام".

 

شيبلر

وأشارت البروفسورة شيبلر إلى أنّ "موضوع هذا المؤتمر مهم، لأنّ الذاكرة تشكّل عاملًا مهمًّا في علم التاريخ بشكل عام وهي عامل أكثر من أساسي في تاريخ أمّة مزّقتها الحرب الأهلية"، وقالت: "جئت إلى بيروت للمرّة الأولى بعد الحرب عام 1991 وسكنت في منطقة الحمرا، وشهدت نتائج الحرب بأمّ عيني من خلال الجولات التي قمت بها في أرجاء هذا المكان، ويعتبر الألمان من بين مؤسسي علم التاريخ المعاصر في القرن التاسع عشر باعتباره اختصاصًا أكاديميًّا وخصوصًا أنّ للألمان ماض شائك وعنيف في بلدهم، حيث سفكت دماء ألمانية على يد الألمان أنفسهم، لذا كان لا بد من التصالح مع موضوع الذاكرة، وهو ما جعلها أمرًا مهمًّا بالنسبة لنا. وها نحن اليوم نعمل على تعلّم كيفيّة تذكر ماض حزين كهذا وكذلك أن نكتب ونتحدّث عنه"، معربة عن سرورها "لمشاركة مؤسسة ألمانية وهي "هانس سايدل" في تمويل هذا المؤتمر".

وقالت: "أنا بروفسورة في تاريخ الشرق الأوسط في ألمانيا، درست التاريخ والاستشراق، وأنا الآن مديرة المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، والمعهد الألماني للأبحاث الشرقية هو معهد أبحاث أكاديمي مستقل، يجري أبحاثًا متعدّدة التّخصّصات حول العالم العربي ومنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا بشكل عام. ويتألّف مجتمعه البحثي من شركاء من جميع أنحاء العالم، يمثلون التّخصّصات الرئيسية في العلوم الإنسانية والإجتماعية، بما في ذلك الدراسات الإسلاميّة والعربيّة والتاريخ والانثروبولوجيا في الشرق الأوسط، كذلك علم الاجتماع والعلوم السياسية".

وبعد مداخلة لديوارتس واستراحة قصيرة، بدأت جلسات الحوار وتستمر حتى يوم غد.