لبنان
15 أيلول 2025, 11:15

الأباتي عبّود في قدّاس الشّكر: لنجعل من رعيّتنا علامة رجاء وبيئة حبّ صادقة يعيش فيها جميعنا

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل الأباتي سيمون عبّود بقدّاس الشّكر في رعيّة مار يوحنّا- مرقس- جبيل، بحضور فعاليّات المدينة وأبناء الرّعيّة والأهل والأصدقاء.

وبعد تلاوة الإنجيل، ألقى الأباتي عظة قال فيها بحسب حساب الرّعيّة على فيسبوك: "في صمت اللّيل وارتباك القلب، كانت كلمة السّماء كوميض يكسر رتابة الخوف: "لا تخف". عظيمة هي الكلمة الّتي تخرج من فم الله، لتدخل وجدان الإنسان كنبض يوقظ أعماقه. كلمة تكشف أنّ حضور الله في التّاريخ أعظم من ارتباكنا، وأنّ عمل الرّوح القدس يتخطّى حدود منطقنا الضّيّق.

"لا تخف"، لم تكن مجرّد عبارة لطمأنة رجل حائر، بل إعلانًا إلهيًّا يفتح أمام البشريّة درب الخلاص، ويعلن سرّ حضور الله الفاعل في التّاريخ. فمن فجر الوحي إلى ملء الزّمان، نكتشف أنّ تاريخ الخلاص ليس تاريخ أبطال أشدّاء أقوياء، بل تاريخ قلوب متواضعة، انتقاها الله، فآمنت بكلمته وسارت في رجاء.

"لا تخف" قالها الرّبّ لإبراهيم وهو يخرج من أرضه إلى المجهول (تك 15: 1)، ولموسى المرتجف أمام رسالته (خر 3: 11)، وليشوع على عتبة الأرض الموعودة (يش 1: 9)، ولإرميا الفتى أمام الكلمة النّبويّة (إر 1: . وفي ملء الزّمان، قالها الملاك لمريم: "لا تخافي" (لو 1: 30)، وليوسف: "يا يوسف ابن داود، لا تخف" (مت 1: 20). واليوم، "لا تخف"، أسمعها منك يا "ابن الله الحيّ"، أنا سمعان بن يونا، معلنًا حبّي لك ثلاثًا، غير آبه بالمستقبل، لأنّك عمّانوئيل- الله معنا، حاضر في قلب التّاريخ، ترافق خطواتي. ولا بالخطأ، لأنّ النّعمة تكتمل في الضّعف. ولا بسواد اللّيل، لأنّ فجر قيامتك قد أشرق ولن ينطفئ.

صاحب الغبطة والنّيافة، الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الكلّيّ الطّوبى، كلمة امتنان، لنكرّم فيكم ذاكرة تاريخ الموارنة، وعبق بخور وادي قنّوبين، وصوت الرّجاء الّذي لا يخيّب. فأنتم إرث مار مارون حيًّا في مشرقنا، وحبر إيمان يكتب تاريخًا لا يزول، وسفر مفتوح يكتبه الرّوح على صفحات الزّمن. ليجعل الرّبّ مسيرتكم أرزًا لا ينحني، ونورًا لا يخبو، ورجاءً لا ينطفئ.

صاحب السّيادة المطران ميشال عون السّامي الاحترام، راعي أبرشيّتنا الحبيبة، نجدّد عهد الطّاعة البنويّة، الّذي يشعرنا في ظلّ رعايتكم، أنّنا أبناء، تجمعنا مائدة الكلمة والإفخارستيّا، وتوحّدنا رسالة المحبّة. لتبق كلمتكم كلمة حياة، ومسيرتكم نورًا يقودنا إلى قداسة الإنجيل.

قدس الأب العامّ هادي محفوظ السّامي الاحترام، مفعمًا بالوفاء، أنحني أمام رهبانيّة لبنانيّة مارونيّة، ممثّلًا وممثّلة بحضرة المدير العامّ الأب طوني فخري الجزيل الاحترام، تختزنونها في شخصكم ذاكرة تاريخ من المجد والقداسة، وتواصلون رسالةً خطّها رهبانها بالدّمع والصّلاة وشهادة الدّمّ، لتبقى كنزًا روحيًّا متجذّرًا في أرض لبنان وكنيسة المسيح. فأنتم صوتها الحيّ، ونبض تاريخها، وصورة قدّيسيها الّذين خطّوا بالإيمان درب مجدها وعظمتها، وقد جعلتم من الطّاعة صلاةً، ومن الإدارة نموًّا، ومن المحبّة أبوّةً. بوركتم في مسيرتكم، ولتظلّ رئاستكم علامة وفاء للتّراث ومجدًا للكنيسة، وشهادةً حيّةً بأنّ التّاريخ يكتب من جديد كلّ يوم بالحبّ والتّجذّر في المسيح.

President، حضرة السّيّد مروان السّحناويّ، نبضة قلب تنبع من الإيمان قبل النّطق، ومن الوفاء قبل الخطابة. حضوركم يعيد إلى الأذهان صورة الفرسان الّذين كرّسوا قلوبهم وحياتهم ليكونوا شهودًا للرّجاء وحماةً للمقدّسات. ممتنّ لكم، لأنّكم تزرعون بسموّكم الرّوحيّ وثباتكم الإيمانيّ ثمار الأمل في أرض عطشى إلى الرّجاء. وشكرًا لكم لأنّكم تجعلون من خدمة الإنسان، أيّ إنسان، جسدًا حيًّا للقداسة. بوركت محبّتكم وبورك تقديركم، ودامت رسالتكم منارةً في قلب الكنيسة والعالم.

جمهور ديريّ، في أيقونته أبونا وهبه، وفي قلم أبونا بيار، وفي فنّ أبونا جان، وفي تأمّلات أبونا جوزف، وفي إدارة أبونا مارون، وفي عطاء أبونا شربل، عشت بينكم كأخ وكأب، ووجدت فيكم قلبًا واحدًا نابضًا بالإخلاص، والإيمان، والمحبّة الصّادقة. لقد كنتم لي نورًا يضيء طريق الرّوح، ودعاءً يرفعني فوق هموم الزّمان، ويدًا حانيةً تمسح عن قلبي ثقل التّجارب، وصوتًا صادقًا يربطني دائمًا بجوهر الحياة الرّوحيّة. لقد نسجنا معًا حياة الرّعيّة خيوطًا من نور ونعمة، وها هو حضور الرّهبانيّة في جبيل وفي الأنطش علامة رجاء وامتداد لقلب المسيح الرّاعي الصّالح.

وإلى عائلتي الصّغيرة، عزّة نفس وشهامة أخلاق وكسرة قلب.

"بيّي" لقد حملت الضّمير الحيّ في قلبك، ورفعت الأخلاق رافعةً لا تميل. لقد علّمتني أنّ العظمة الحقيقيّة تكمن في الصّمت عندما تحتاجه النّفس، وفي التّضحية حين يتطلّبها الواجب، وفي الحفاظ على الشّرف والأخلاق في المواقف. اللّه يطيل بعمرك يا نمر.

"ماما" غادرتني وسيلان الدّمع لم يجفّ. تركت فراغًا كبيرًا لا يملؤه إلّا فجر الملكوت. وبالرّغم من جلوسك في حضرة الإله والنّعيم الّذي تتمتّعين به، إلّا أنّني أشعر بدموعك تلاقي دموعي، وبدعائك وصلاتك يبلسم كسرة قلبي وخاطري. فأرني ملامح وجهك وأسمعيني رضاك ولو في المنام فيكتمل فرحي ويدوم.

"إخوتي"، كلّ لحظة قضيناها معًا، وكلّ كلمة حكمة، وكلّ صمت ملأه المعنى، كانت تعلّمني أنّ الأخلاق ليست مجرّد شعارات، بل مواقف تربّينا على حسن تدبيرها، وأنّ الحبّ الحقيقيّ يعرف بالصّفح والتّسامح والغفران.

أبناء مدينتي، رعيّتي، وكلّ الّذين يؤمّون كنيستنا للصّلاة والتّأمّل، ناشطين مؤمنين ومنظّمات رسوليّةً، لقد لمست في التزامكم عمق الإيمان، وفي أعماقكم سموّ الأخلاق، وفي إخلاصكم صدق الوفاء، ووجدت في صلواتكم ودعمكم ينبوعًا لا ينضب من القوّة والرّجاء. فأنتم روح الرّعيّة ووجدانها، وأنتم النّور الّذي يضيء دروب خدمتي، والدّعاء الّذي يرفعني إلى أعلى درجات الرّجاء. إنّ ما تعيشونه من إخلاص وإيمان، هو كنز لا يزول، ودرس حيّ لنا جميعًا عن معنى الإيمان الحقيقيّ، والالتزام الصّادق، والمحبّة الّتي تتجاوز الكلمات. فلنسر معًا، حاملين نور المسيح، ولنجعل من رعيّتنا حربةً روحيّةً، وعلامة رجاء، وبيئة حبّ صادقة يعيش فيها جميعنا.

فيا سيّدة البوّابة، يا من يتجلّى في حضورك نور الرّحمة والطّهر، أتوجّه إليك بكلّ قلبي، فتباركي مسيرتي، أنت من تلمسين قلوبنا وتغمرين رعيّتنا بالقداسة، وتجعلين كنيستنا على الدّوام ملتزمةً بالإيمان والخدمة. ويا شفيع كنيستنا مار يوحنّا مرقس، نستدعي حمايتك ودعاءك وشفاعتك لنا نورًا يرشد أرواحنا، ويقوّي عزيمتنا، ويشعل في قلوبنا رغبةً دائمةً في السّير في طريق الخير والمحبّة والخدمة. صلّيا لأجلنا، واجعلا كلّ رعيّتنا مسكنًا للرّوح القدس، وكنيستنا علّيّةً للصّلاة، ولبناننا دومًا منارةً للرّسالة والسّلام والإيمان.آمين."