الأب الجلخ: لا يوجد صليب بلا مسيح ولا مسيح بلا صليب
ترأّس القداس الأبّ جورج الجلخ عاونه لفيف من الكهنة وخدمته جوقة سيّدة اللّويزة بقيادة الأبّ خليل رحمه.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى الأبّ الجلخ عظة عن معنى إرتفاع الصّليب وجاء فيها: "نجتمع كما كلّ سنة في هذه العشيّة المباركة للاحتفال بعيد ارتفاع الصّليب المقدّس وبالذّكرى السّادسة والثّلاثين لاستشهاد الرئيس الشّيخ بشير الجميّل ورفاقه. على الصّليب يختلط تاريخ الإنسان بتاريخ الله، إنّها في الجوهر قصّة حبّ، إنّه سرّ كبير لا يمكننا فهمه وحدنا. يقول البابا فرنسيس في احدى تأملاته الصّباحيّة "من الممكن فهم سرّ الصّليب قليلاً، ركوعًا وفي الصّلاة إنّما في الوقت ذاته مع الدموع". في الواقع من دون أن نبكي وبالأخصّ أن نبكي في قلبنا، لا نفهم أبدًا هذا السّرّ. إنّه بكاء التّائب وبكاء الأخ والأخت الذين يرون الكثير من آلام الإنسانيّة وما أكثرها وخصوصًا عندنا في لبنان وفي منطقتنا هذه الأيّام.
لم يكن يسوع يومًا مجرد معلم روحيّ، موزّعًا للنّصائح أو لقليل من التّعزية والمؤاساة، لكنّ اتّباعه لا يعني بالتأكيد أنّ نستسلم إلى "مازوشيّة روحيّة" من دون أمل كأننا أبطال تراجيديا وثنيّة، فالصّليب هو سرّ حبّ ولا يمكن أن يوجد مسيح من دون صليب. ليس من السّهل فهم الصليب لأنّنا لا نتقدّم إلى الامام إلّا مع التّأمل في سرّ الحب هذا.
لا يوجد صليب بلا مسيح ولا مسيح بلا صليب، الصّليب هو علامة التّضحية الكبرى والحبّ اللّامحدود الّذي به خلصنا يسوع، والصّليب من دون يسوع هو آلة عذاب فقط فيسوع من أعلى صليبه أعطانا الغفران والخلاص والرّجاء وحوّل الصّليب إلى جسر عبور للقيامة.
اليوم نحن في لبنان، بعض المسؤولين عندنا يريدون الخلاص للبنان من دون صليب، من دون تضحية، يريدون الصّليب لغيرهم والعزّة والمراكز لهم، يريدون الصّعود فقط من دون النّزول كما علّمنا يسوع. فبالنّزول يتجذرون في أرض لبنان، فاذا صعدوا لا تقوى عليهم رياح الكبرياء والأنانيّة ولا يغيرون مبادئهم وتحالفاتهم مع كلّ مناسبة وظرف، أمّا الرئيس الشّهيد بشير الجميّل فقد نزل إلى الأعماق بتواضع كبير، تجذّر في عائلته وفي كنيسته وفي وطنه. لذلك عندما صعد نجمه ظلّ على تواضعه وعلى علاقته البسيطة والمحبّة والتّضحية من أجل الجميع ورغم استشهاده بقي نجمه حاضرًا ومتألّقًا وبقيت كلماته النّبويّة تذكر في كلّ مناسبة وعند كلّ محنة. بقي بشير حيًّا في قلبّ كلّ من عرفه.
وبعد القدّاس توّجه الجميع الى مدافن العائلة في مسيرة شموع حيث وضعت أكاليل الزّهر وتليت صلاة رفع البخور.