لبنان
14 نيسان 2021, 13:50

الأب الياس كرم: أساس الأسرة هي المرأة الصّالحة

تيلي لوميار/ نورسات
لأنّ للمرأة دور كبير في تحديد سلامة المجتمع، أضاء الأب الياس كرم في مقال جديد على فضائل المرأة وكيفيّة تأثيرها على الأسرة كما على المجتمع، فكتب:

"يستحيل على الإنسان أن يتحلّى بصفات وفضائل حميدة بالمطلق. قد يسعى قي صيرورته أن يكون مثاليًّا في كثير من الأمور، إلّا أنّ الشّرّ دائمًا بالمرصاد ليهلك أنسنته، وبالتّالي يحوّل هذا الكيان إلى وحشٍ كاسر.

لست بمحلّلٍ نفسانيّ أو عالم اجتماع، كما أنّي لست من الاختصاصيّين في الطّبّ العصبيّ والتّحليليّ، إنّما ببساطة إنسانٌ يعيش حلو الحياة ومرّها، وبالتّالي اختبرتُ أنّ البشريّة لا تستقيم في حياتها إلّا إذا انسكبت النّعمة الإلهيّة عليها من فوق.

هذه النّعمة تقدّس البشر، لكن المسألة تكمن في سرّ إسقاطها في عقول ونفوس وقلوب خلق الله.  

المسيرة شاقّة من أجل أن يعيش الإنسان سلام الله وهدوءه. لذلك على كلّ واحدٍ يبغى الهدوء والسّكينة والسّلام الدّاخليّ، أن يخلع عن كيانه آفات كثيرة وفي طليعتها الغضب.

في الحقيقة إنّ الغضب هو شعور كباقي المشاعر، وهو ليس خطأً بحدّ ذاته، بل إنّ ما نفعله حينما نغضب يمكن أن يكون هو الخطأ. كالعنف على أنواعه بما فيه العنف الكلاميّ، والإهمال والإذلال والانتقام، وتحيّن الفرصة المناسبة لردّ الصّاع صاعين. كلّ هذه الطُّرُق تؤذينا من الدّاخل وتُفقِدنا سلامنا، لذلك علّمنا سفر المزامير قائلاً: "اغضبوا ولا تخطئوا، والّذي تقولونه في قلوبكم تندّموا عليه في مضاجعكم".

آفات كثيرة يعيشها الإنسان في مراحل متعدّدة من حياته. وفي طليعتها رمي الاتّهامات على الآخرين وتبرير الخطايا والأغلاط، منعًا للاعتراف بالذّنوب الّتي يقترفها بالقول والفعل والفكر. مشكلة البشريّة هي في الأنا القاتلة، الّتي تعمي البصر والبصيرة. لا يتعلّم الواحد منّا من أخطائه، بل تزداد معنا المساوئ لأنّنا نسقط في كبرياء الأنا. ولذلك تحدث المشاكل والصّدامات في البيت وفي العمل وفي الوطن وفي الكنيسة وفي الطّوائف والمذاهب.

لكن دعوني في هذه العجالة أن أحصر الكلام بالسّلام الدّاخليّ النّاتج من دفء المنزل. فكلّ منطلقات هذه المسيرة الطّيّبة الّتي تجعل الإنسان يشعر بالهدوء والرّاحة النّفسيّة والّتي تُترجم سلامًا داخليًّا، تبدأ من البيت من العائلة. فالعلاقة السّليمة بين الرّجل وزوجته هي المدماك الأوّل نحو بناء أسرة صالحة تساهم في بناء مجتمع هادئ متماسك، لا مجتمعٍ يتحكّم فيه الغضب والغرائزيّة والانفعاليّة.  

وأساس الأسرة هي المرأة الصّالحة المُحبّة الحكيمة الورعة والمتفانية، الّتي تحفظ زوجها وتصون أسرتها، ولا تحمل في خوالجها كُرهًا أو حسدًا، بل تكون عفيفة صبورة ومحبّة لله وللنّاس. يقول المثل: الرّجل جنّا والمرأة بنّا.

رُبَّ قائلٍ إنّه من الافتراء أن نَلقي بالمسؤوليّة على المرأة فقط. الرّجل ليس ببريء من دم هذه المسؤوليّة، وبولس الرّسول وصّاه قائلاً: "أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ" (أفسس 5: 25- 26).

فالمرأة الفاضلة لا تلجأ إلى التّشكّي من الظّروف. فهي تعلم أنَّ التّذمُّر لا يأتي بنتيجة ولا يغيّر شيئًا، لذا تُكيِّف نفسها، وتعمل على تحسين الوضع.

المرأة أساس كلّ شيء، هي الأرض وهي العُرض، هي البيت وهي الكنيسة، هي المهد وهي اللّحد، هي الجمال وهي القُبح، هي الخلاص وهي السّقوط، هي الحزن وهي الفرح، هي حوّاء وهي العذراء."