لبنان
26 شباط 2021, 08:50

الأب الياس كرم: حتّى ننال اللّقاح الطّبّيّ يبقى الرّجاء باللّقاح الرّوحيّ

تيلي لوميار/ نورسات
في حين ينشغل العالم اليوم باللّقاح ضدّ فيروس كورونا، لا بدّ من وقفة عند لقاح روحيّ يحصّن النّفس ويقوّي المناعة ضدّ الخطيئة. وفي هذا السّياق، كتب الأب الياس كرم مقالاً جديدًا جاء فيه:

"منذ أن سمعنا عن وصول اللّقاح إلى لبنان استبشرنا خيرًا، وأنا لست بوارد التّرغيب أو التّرهيب فيما خصّ اللّقاح وأتبنّى ما ورد في البيان الصّادر عن بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس بتاريخ 8 شباط الفائت.  

على الصّعيد الشّخصيّ قمت وعائلتي بتسجيل أسمائنا لتلقّي اللّقاح عندما يأتي دورنا، مع قناعتي بأهمّيّة تلقيح رجال الدّين كأولويّة نظرًا لاختلاطهم اليوميّ بالنّاس، وبالمناسبة أرفع الدّعاء لله أن تشملنا هذه اللّقاحات في ظلّ ما بدأنا نشهده من تصرّفات غير مسؤولة ولمسات ببصمة المافيات على غرار الكثير من الأمور الّتي تدار بها الأمور في بلدنا. حتّى ننال اللّقاح الطّبّيّ يبقى الرّجاء باللّقاح الرّوحيّ دائمًا الّذي نستمدّه من الخالق عبر الصّلوات المستمرّة وذكر الله بصورة دائمة لكي نكوّن مناعة قويّة نستطيع من خلالها ردع الشّيطان وكلّ أعماله وجميع ملائكته وكلّ عبادته وكلّ أباطيله. التّجربة تطالنا في كلّ لحظة من حياتنا والشّرّ لا يستسلم من إسقاط عبيد الله في حيله الّتي ترتدي أثوابًا متعدّدة. كلّ مؤمن بالخالق مدعوّ أن يحصّن نفسه وجسده من الوقوع في الخطيئة. والخطيئة يستلذّها الإنسان من الكبرياء إلى التّسلّط إلى الأهواء الجسديّة والكراهيّة والحقد والبطالة والفضول والكلام المسيء بحقّ الآخرين، والقتل والسّرقة والنّهب وتفقير البشر واستعبادهم. الخطيئة لها عناوين وفروع متعدّدة ومثال على ذلك ما يقترفه القيّمون على شؤون البلاد والعباد من معاصي بحقّنا. فهؤلاء لن ينفع بهم أيّ لقاح طالما هم بعيدون عن عبادة الله بالحقّ. مهما نلنا من لقاحات طبّيّة وكنّا ساقطين في الخطايا لن ينفعنا عندها خلاص الجسد طالما الرّوح سقطت.

إخوة لنا في الكنيسة الكاثوليكيّة دخلوا رحلة الصّيام، والصّوم عند كلّ الأديان له منافع روحيّة ناتجة عن الجهاد الرّوحيّ في سبيل تنقية النّفس والجسد، فيا ليت البشر يَعون أنّ خلاصهم يستكتبونه على الأرض من أعمال صالحة ومحبّةٍ من دون حدود، ومن دون رياء.

أسأل الله أن تتوفّر اللّقاحات الطّبّيّة لكافّة النّاس ومن دون تمييز أو استثناء، وأن يمنَّ الله على المسؤولين والقيّمين على توزيع اللّقاح بأن يكونوا منصفين وعادلين في توزيعه بضمير نقيّ لا تجارة فيه ولا سمسرات ولا أولويّات لأصحاب النّفوذ ولا فساد. ولكلّ مؤمن يخاف الله مسعاه الوحيد للخلاص أن يقوّي مناعته الرّوحيّة بالصّلاة والصّوم، وهو القائل في إنجيل متّى "هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلّا بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْم". "