الأكاديميّة المارونيّة 2025: يوم ثالث مكثّف يضيء على تاريخ لبنان ونضاله ونظامه السّياسيّ
إستُهلّ اليوم بمحاضرة مؤثّرة ألقاها المدير العامّ لقناة تيلي لوميار ورئيس مجلس إدارة نورسات السّيّد جاك الكلّاسي، حيث تناول في مداخلته قدرة أجداد اللّبنانيّين على الصّمود والبقاء في أرضهم رغم كلّ أشكال الاضطهاد والاحتلالات والحكم التّعسّفيّ. وتطرّق إلى مجاعة جبل لبنان الّتي أودت بحياة ثلث سكّانه وأجبرت الثّلث الثّاني على الهجرة، في حين صمد الثّلث المتبقّي ليحافظ على استمراريّة لبنان، قائلًا: "لولا هذا الصّمود والتّشبّث بالأرض لما بقي لبنان الّذي نعرفه اليوم."
تلت ذلك محاضرة للدّكتور إيلي إلياس الّذي ركّز على الارتباط المارونيّ العميق بلبنان، ولاسيّما البعد السّياسيّ لهذا الارتباط، مبرزًا كيف أسهمت المراحل التّاريخيّة المختلفة في ترسيخ الهويّة المارونيّة ودورها في تكوين الكيان اللّبنانيّ. وأشاد إلياس بالمحطّات التّاريخيّة الّتي شكّلت معالم أساسيّة في الوجود المارونيّ واللّبنانيّ معًا.
أمّا الوزير جو عيسى الخوري، فقد قدّم محاضرة شاملة عن النّظام السّياسيّ في لبنان وتأثّره بالعوامل الدّيموغرافيّة، مشيرًا إلى تنوّع الأنظمة السّياسيّة في العالم ومدى قابليّة تطبيقها في الواقع اللّبنانيّ. وتوقّف عند الأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة المتتالية الّتي يشهدها لبنان مؤخّرًا، مسلّطًا الضّوء على تسرّب الأموال وضعف التّوزيع العادل للثّروات إضافة إلى غياب نظام استثماريّ فعّال في القطاع المصرفيّ، معتبرًا أنّ هذه الثّغرات من أبرز أسباب الانهيار الماليّ والسّياسيّ الحاليّ.
وإختتم اليوم بمحاضرة ملهمة ألقاها النّائب نعمة إفرام، الّذي تحدّث عن أهمّيّة لبنان وضرورة أن يفتخر كلّ لبنانيّ بانتمائه رغم كلّ التّحدّيات الّتي يمرّ بها الوطن. وأكّد إفرام أنّ المؤسّسة المارونيّة للانتشار وجدت كي تربط المغتربين بجذورهم، مضيفًا: "هذه الأكاديميّة ليست مجرّد لقاء، إنّها فرصة حقيقيّة للتّغيير. رغم كلّ الظّروف الصّعبة، لبنان لا يزال أرضًا خصبة للاستثمار والإعمار، وما أقوله ليس مجرّد شعارات، بل هو واقع ورسالة بأن نبني بلدًا يشبهنا، فلبنان اليوم لا يشبه لبنان الّذي يجب أن يكون."
وتحدّث إفرام عن شغف المارونيّة بالحرّيّة واعتبرها "فيروسًا جميلًا" يتمثّل في التّشبّث بالإيمان وحبّ الحرّيّة، داعيًا إلى الحفاظ على الهويّة المارونيّة واللّبنانيّة رغم وصف المسيحيّين أحيانًا بالأقلّيّة في الشّرق الأوسط، مؤكّدًا أنّهم في الحقيقة ميزة أساسيّة في تنوّع المنطقة. كما استعرض أشكال الأنظمة الّتي مرّ بها لبنان منذ عهد المتصرّفيّة حتّى قيام دولة لبنان الكبير، مشدّدًا على ضرورة الحفاظ على التّوازن التّاريخيّ والسّياسيّ الّذي صنع هويّة لبنان.
وأشار في ختام مداخلته إلى الدّور المحوريّ للشّباب ودورهم في المشاركة بصناعة التّغيير، فإنّ هدف الأكاديميّة أن تساعدهم أن يكونوا حاملي مشروع وأن يكون مشروعهم الإنسان ولبنان مؤكّدًا أنّ نجاحهم في حياكة نسيج شرق أوسط جديد ولبنان حديث بما يتمتّعون به من:
1- طاقات جدّيّة وقويّة، مزودة بما تمكّنوا به من علوم.
2- قدرة على التّواصل الإيجابيّ، بتقنيّات التّواصل الحديثة.
3- التّحرّك بخطوات سريعة وسهولة التّنقّل والسّفر.
كلّ هذه الأمور تساهم بجعلهم شركاء فعليّين في صنع القرار أينما كانوا وحيثما حلّوا، فكلّ هذا يساهم بتفعيل دورهم الوطنيّ والإنسانيّ.
وقد تميز اليوم الثّالث من الأكاديميّة بنقاشات غنيّة وتفاعل لافت من الحضور، خصوصًا الشّباب اللّبنانيّ المنتشر في الخارج، الّذين أبدوا اهتمامًا عميقًا بفهم تاريخ وطنهم وأزماته الحاضرة من أجل الإسهام في بناء مستقبل أفضل للبنان.