بيئة
09 آذار 2022, 11:05

الأول من نوعه... وقود بيئي للتدفئة في جنوب لبنان

تيلي لوميار/ نورسات
دخول أغصان الأشجار في هذه الصناعة خلق فرص عمل جديدة لمواطني الأرياف وخفف من هجمة الحطابين على قطع الأشجار الذي أدى إلى مجازر في الكثير من الغابات.

وسط بساتين الزيتون المترامية الأطراف في وادي الحاصباني بشرق جنوب لبنان، ينشط عشرات من المزارعين في أعمال تشذيب أغصان أشجارها لتدخل كمادة أولية في تصنيع وقود بيئي هو الأول من نوعه في لبنان، منافس للحطب وديزل التدفئة في المناطق الجبلية الباردة.

وخلال نقل كمية كبيرة من أغصان أشجار الزيتون والكرمة بشاحنة رباعية الدفع من بستانه إلى مطحنة خاصة بفرم الاغصان وطحنها في بلدة "ميمس" بجنوب لبنان ، قال المزارع الستيني زاهر يحيى لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بات لهذه الأغصان التي كنا نحرقها عادة وسط الحقول قيمة بعد مردودها المادي المقبول .

وأضاف أنه تضاعف اهتمامنا بـ"تقليم" أشجار بساتيننا المثمرة بعدما دخلت أغصانها كمادة أساسية أوّلية في تصنيع وقود بيئي يقينا صقيع الشتاء بأقل كلفة من الديزل والحطب .

واعتبر أن "دخول أغصان الأشجار في هذه الصناعة خلق فرص عمل جديدة لمواطني الأرياف وخفف من هجمة الحطابين على قطع الأشجار الذي أدى إلى مجازر في الكثير من الغابات".

وكانت "الجمعية التعاونية للزراعات البعلية" في حاصبيا ومحيطها بجنوب لبنان، وبالتعاون مع جمعيات بيئية، قد أطلقت مشروعاً لإنتاج نوع جديد من الوقود لمواجهة برد الشتاء وتأمين الدفء في المناطق الجبلية بأقل كلفة، في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار وقود التدفئة من ديزل وغاز وكهرباء وحطب.

وأوضح نائب رئيس التعاونية، نديم حمدان، لـ ((شينخوا))، أن المشروع الجديد يحمي الثروة الحرجية من فؤوس الحطابين ويؤدي إلى اكتفائهم بأغصانها، كما رفع دخل مزارعي الأرياف، ووفر الوقود لنار التدفئة بمواصفات صحية وبأسعار متهاودة، في ظل تردي الوضع الاقتصادي والكلفة الباهظة لمختلف أنواع الوقود في المناطق الجبلية.

وأكد أن الوقود المستحدث الذي بات يعرف بـ (الوقدة البيئية) سيخفض بنسبة 35% من كلفة التدفئة الشتوية لسكان المناطق الجبلية، والذين باستطاعتهم إعداد موادها الأولية من بساتينهم ومن بقايا عصر زيتونهم .

وأشار إلى أن (الوقدة البيئية) عبارة عن خليط من أغصان أشجار مفرومة وبقايا الزيتون بعد عصره، وأن الكميات المصنّعة حتى الآن تجاوزت حدود الـ 1200 طن، وأننا سنعمل لاحقاً على رفع الكمية حسب الطلب، كما سنعمل على تعميم صناعة هذه الوقدة في مختلف المناطق اللبنانية.

 

الوقود عبارة عن خليط  

من جهته، أوضح المهندس الزراعي جمال أسعد، المشرف على تصنيع (الوقدة البيئية) في وادي الحاصباني بجنوب لبنان ،أنها تتكون من خليط يحوي 55% من بذور الزيتون المعصور و40% من بقايا الأغصان المفرومة و5% من عكر زيت الزيتون.

وأضاف: "نعمل على فرم أغصان الأشجار الناتجة عن أعمال تشذيب البساتين والأحراج بمعدات فرم خاصة تحولها إلى ما يشبه مسحوق ناعم، ومن ثم نخلطه بواسطة خلاط آلي مع بذور الزيتون المعصور وعكر الزيت، ليغدو على شكل عجينه متماسكة.

وتابع: "بعدها ننتقل إلى عملية تكبيس العجينة داخل آلة ضغط لتخرج منها على شكل قطع اسطوانية بقطر 10سنتمترات وبطول 40 سنتمتراً،تعرّض بعدها لأشعة الشمس لفترة أسبوعين حتى تجف، لتصبح عندها جاهزة كوقود لنار التدفئة".

وقال "مع الظروف المعيشية الصعبة، عجزت شريحة واسعة من العائلات عن تأمين الوقود لمواجهة الصقيع في المناطق التي تعلو 500 متر عن سطح البحر وما فوق، بسبب ارتفاع أسعاره".

وأشار إلى أنه ليس بالإمكان تقدير حاجة السوق لهذه الوقدة في الوقت الراهن، علماً بأن سوق التدفئة يتوزع بين هذه الوقدة والديزل والحطب العادي والغاز والكهرباء.

بدوره، أكد الخبير البيئي المهندس جواد حداد  أن "الوقدة صديقة للبيئة، ولها قدرة اشتعال فعالة، وتخفف بنسبة مقبولة من أعباء التدفئة لقاطني المناطق الريفية الجبلية بعيداً عن الملوثات، كما تسهم في خفض خطر حرائق الأحراج وخفض مستوى الملوثات والغازات وزيادة إنتاج الأشجار المثمرة".

وأضاف: "باتت الوقدة منافسة لوقود الديزل الذي ارتفعت أسعار الصفيحه الواحدة منه إلى حدود 15 دولاراً، في حين أن سعر الطن الواحد من هذه الوقدة بمليون و700 الف ليرة لبنانية، أي أدنى بحوالى مليون ليرة لبنانية عن طن الحطب العادي".

من جهتها، أشادت الناشطة البيئية فاطمة عواضة بـ"الوقدة البيئية التي تصنع من مواد أولية محلية غير مستوردة"، معتبرة أن ذلك ينعكس إيجاباً على الثروة الحرجية، وانخفاضاً في الإنفاق الأسري.

وأشارت إلى أن الوقود البيئي يسهم في التخلص من بقايا عصر الزيتون التي كانت تلوث مياه الينابيع والأنهار والمياه الجوفية،إضافة إلى أن إنتاج هذا الوقود يؤمن فرص عمل لأبناء الأرياف، في ظل البطالة وتردي الوضع الاقتصادي في لبنان بشكل عام .

 

المصدر: الميادين نت