علوم
27 أيار 2018, 06:01

الإكشاف عن تلسكوب جديد يمزج السمع والبصر لرصد خبايا الكون

قام علماء فضاء بالكشف عن تلسكوب بصري في موقع ساذرلاند بجنوب أفريقيا، سيعمل بالتوازي مع مقراب عملاق يستخدم أمواج الراديو في البلد نفسه مكون من 64 صحنا لاقطا ومتصل بشبكة هوائيات في أستراليا، بهدف التوصل لفهم أعمق للظواهر الكونية.

 

كشف علماء فضاء في قلب صحراء كارو بجنوب أفريقيا عن تلسكوب بصري سيعمل بالتوازي مع مقراب عملاق يستخدم أمواج الراديو، في سابقة عالمية تهدف لسبر خبايا الكون بشكل أفضل.

وتم بناء هذا الجهاز الجديد المسمى "ميرليخت"، ما يعني "المزيد من الضوء" بالهولندية، في موقع ساذرلاند وسط نحو عشرين قبة أخرى تنتشر في هذا الموقع الجاف والمعزول في الناحية الجنوبية من جنوب أفريقيا.

ولهذا الجهاز مرآة صغيرة لا يتعدى قطرها 65 سنتيمترا مقارنة مع الأمتار الثمانية للتلسكوبات "العملاقة" التي ترصد السماء من هاواي أو تشيلي، غير أنه يتمتع بميزة فريدة هي أنه متصل بالصحون اللاقطة الـ64 في المقراب العامل بأمواج الراديو "ميركات" المنشترة في كارنارفون على بعد أكثر من مئتي كيلومتر من هذا المكان.

ويتصل "ميركات" كذلك بشبكة هوائيات موزعة في المناطق النائية الأسترالية، ما يجعله أكبر مقراب يعمل بأمواج الراديو تم تجميعه على الإطلاق وهو "إس كاي إيه".

هذا الجهاز المزود بصحن لاقط افتراضي بمساحة مليون متر مربع تحت اسم "سكوير كيلومتر آراي"، سيدشن في تموز/يوليو.

هذا التزاوج العلمي غير المسبوق بين التقنيات البصرية والسمعية الذي احتفل بإطلاقه الجمعة في ساذرلاند، هو ثمرة شراكة بين علماء فضاء من جنوب أفريقيا وهولندا وبريطانيا.

وأوضح بول غروت وهو أحد مطوري المشروع من جامعة نايميخن الهولندية لوكالة الأنباء الفرنسية "ما سنفعله هو الاستماع إلى السماء ومشاهدتها في الوقت عينه، وهي فكرة جديدة تماما في علم الفضاء".

وأضاف "لديكم هنا أمامكم عينا ’ميركات‘"، وهو يشير بيده إلى مرآة الجهاز الجديد "ميرلخت"، فيما سيمثل المقراب الراديوي "ميركات" أذني الجهاز قيد التطوير.

وصمم التلسكوب البصري الجديد لدرس الأجزاء الواسعة من السماء بدقة عالية للغاية. وهو قادر على تغطية مساحة توازي ثلاث عشرة مرة تلك التي يحتلها القمر المكتمل ورصد تفاصيل أصغر بمليون مرة من أصغر الأشياء المرئية بالعين المجردة.

 

"انفجارات"

وبفضل هذه الميزات، سيتيح هذا الجهاز التركيز على الظواهر الفيزيائية الفلكية الأكثر غموضا مثل انفجارات النجوم العملاقة، المعروفة باسم "سوبرنوفا" أو التحركات السريعة لأشعة غاما الكهرومغناطيسية.

وهذه الأحداث لا تنير السماء سوى للحظات قصيرة. وأوضح بول غروت "ليس لدينا سوى القليل من الوقت لجمع معلومات وفهم ما يحصل".

وكان يتعين على علماء الفضاء الاعتماد بدرجة كبيرة على الحظ أملا في أن تكون تلسكوبات عدة قد لاحظت الظاهرة عينها لجمع قياساتها.

وبفضل الجهاز الجديد، سيتمكن العلماء منهجيا من إجراء دراساتهم من زوايا متعددة، في خطوة كبيرة إلى الأمام.

وقال بن ستابرز من جامعة مانشستر البريطانية "لا نعلم أين ستحصل هذه الانفجارات (النجمية)".

وأضاف "سنتمكن من رصدها مع ’ميركات‘ (...) وسيكون في مقدورنا فورا تتبع ما حصل"، لافتا إلى أن "هذا الأمر سيساعدنا في فهم أصل هذه الانفجارات الغامضة".

ولفت روب فندر من جامعتي كيب تاون الجنوب أفريقية وأكسفورد البريطانية وهو أحد المسؤولين عن التلسكوب الجديد إلى أن "هذه بداية مرحلة جديدة في البحث المنسق المتعدد الأبعاد لبعض الأحداث الأكثر عنفا في الكون".

وقال رودي فيخناندز من جامعة أمستردام الهولندية من ناحيته "إضافة إلى الفيزياء الفلكية لأقاصي الكون (...) سنتمكن أيضا من درس النجمات العادية خصوصا تلك التي تنتج حالات ثوران قوية جدا".

وأوضح أن "دراسة هذه النجمات بالبعدين البصري والراديوي ستتيح لنا تحديد أثر حالات الثوران على قابلية الكواكب المحيطة بها للسكن".

وكلف تلسكوب "ميرليخت" حوالى مليون يورو.