الفاتيكان
15 تشرين الأول 2018, 12:00

البابا فرنسيس: إنّ الشّغف بالسّلام يجعل الجميع شبابًا في قلوبهم

وجّه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في لقاء الصّلاة من أجل السّلام الّذي تنظّمه سنويًّا أبرشيّة بولونيا، بالتّعاون مع جماعة سانت إيجيديو، كتب فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

 

"إنَّ العنوان الّذي اخترتموه لهذه السّنة "جسور سلام" هو دعوة لخلق روابط تحمل إلى لقاءات حقيقيّة وروابط تجمع ومسيرات تساعد في تخطّي النّزاعات والقساوة. في العالم المعولم حيث وللأسف يبدو من السّهل خلق المسافات والانغلاق في مصالحنا الخاصّة نحن مدعوّون لكي نلتزم معًا لكي نجمع الأشخاص والشّعوب معًا.

من الملحِّ أن نكوّن معًا ذكريات شركة تشفي جراح التّاريخ، ومن الملحِّ أيضًا أن ننسج تعايشًا سلميًّا من أجل المستقبل. لا يمكننا أن نستسلم لشيطان الحرب وجنون الإرهاب والقوّة المخادعة للأسلحة الّتي تلتهم الحياة. لا يمكننا أن نسمح للّامبالاة أن تسيطر على البشر وتجعلهم متواطئين في الشّرّ، ذلك الشّرّ الرّهيب الّذي هو الحرب والّتي يدفع ثمن وحشيّتها الأشخاص الأشدّ فقرًا وهشاشة. لا يمكننا ان نهرب من مسؤوليّتنا كمؤمنين مدعوّين ليهتمّوا بخير الجميع. إنّ الدّيانات إن لم تسع إلى دروب سلام فهي تكذّب نفسها؛ لأنّها لا يمكنها إلّا أن تبني جسورًا باسم الّذي لا يتعب أبدًا من جمع السّماء والأرض، وبالتّالي لا ينبغي على اختلافاتنا أن تضعنا الواحد ضدّ الآخر: لأنّ القلب الّذي يؤمن يحثُّ على فتح دروب شركة دائمًا وفي كلِّ مكان.

في أسيزي وبمناسبة الذّكرى الثّلاثين لأوّل لقاء في مدينة القدّيس فرنسيس سلّطتُ الضّوء على مسؤوليّتنا كمؤمنين في بناء عالم سلام. وإذ أتّحد معكم جميعًا مرّة أخرى أريد أن أردّد صدى بعض تلك الكلمات: "نحن هنا معًا وفي سلام، نؤمن بعالم أخويّ ونرجوه، ونرغب في أن يجتمع الرّجال والنّساء من ديانات مختلفة في كلّ مكان ويخلقوا الوئام، لاسيّما حيث توجد نزاعات. إنّ مستقبلنا هو العيش معًا. لذلك نحن مدعوّون للتّحرّر من أثقال الشّكّ والتّطرّف والحقد. نحن مدعوّون كقادة دينيّين إلى أن نكون جسور حوار متينة ووسطاء خلاّقين من أجل السّلام. ونتوجّه أيضًا إلى من لديهم المسؤوليّة الكبرى في خدمة الشّعوب، إلى قادة الأمم، كي لا يتعبوا من البحث عن طرق السّلام وتعزيزها.

أرغب في دعوتكم كي تشاركوا الشّباب بشكل شجاع لكي ينموا في مدرسة السّلام ويصبحوا بناة سلام ومربّين على السّلام. إنَّ الكنيسة الكاثوليكيّة خلال هذه الأيّام تُسائل نفسها بشكل خاصّ حول الأجيال الشّابّة. إنّ العالم الّذي يقيمون فيه غالبًا ما يبدو معاديًا لمستقبلهم وعنيفًا مع الضّعفاء منهم: كثيرون منهم لم يروا السّلام والعديد منهم لا يعرف معنى الحياة الكريمة. يمكننا كمؤمنين أن نلاحظ الضّرورة الملحّة لفهم صرخة السّلام القويّة الّتي ترتفع من قلوبهم وأن نبني معًا ذلك المستقبل الّذي ينتمي إليهم. لذلك من الأهمّيّة بمكان أن نبني جسورًا بين الأجيال، جسور نسير عليها يدًا بيد ونصغي إلى بعضنا البعض.

خلال اليوم العالميّ للشّباب عام ٢٠١٦ قلت للشّباب المجتمعين في كراكوفيا: "تقول لنا حياة اليوم إنّه من السّهل جدًّا التّحديق في ما يسبّب الانقسامات بيننا وفي ما يفصلنا. هناك من يريد حَملِنا على الاعتقاد بأنّ أفضل طريقة لنحمي ذواتنا ممّا قد يؤذينا هي بأن ننغلق على أنفسنا... تحلّوا بالشّجاعة لتعليمنا، لتكن لكم الشّجاعة لتعلّمونا أنّ بناء الجسور هو أسهل من إقامة الجدران! نحن بحاجة إلى أن نتعلّم هذا... كونوا أنتم من يتَّهمنا إن اخترنا درب الجدران، درب العداوة ودرب الحرب". إن الشّغف بالسّلام يجعل الجميع شبابًا في قلوبهم. واليوم إذ تقفون إلى جنب بعضكم البعض، رجال ونساء من ديانات وأجيال مختلفة، أظهروا أنّه من الممكن، بمساعدة الله، أن نبني السّلام معًا. هذه هي الدّرب الّتي ينبغي علينا أن نسيرها. أشكركم وأتمنّى لكم مسيرة جيّدة من أجل خير الجميع".