الفاتيكان
06 أيلول 2022, 10:20

البابا فرنسيس: إنّ المحبّة تفترض بذل الذّات على الدّوام

تيلي لوميار/ نورسات
عن المحبّة، تحدّث البابا فرنسيس خلال استقباله أمس الإثنين وفدًا من كاريتاس إسبانيا، لمناسبة الذّكرى الخامسة والسّبعين لتأسيسها، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"إّنه لمن دواعي سروري أن أستقبلكم هنا اليوم كممثّلين عن هذا العمل الكنسيّ الّذي هو كاريتاس إسبانيا، وأن أقوم بذلك بمناسبة الذّكرى الخامسة والسّبعين لتأسيس هذه المؤسّسة الّتي نالت احترام المجتمع الإسبانيّ، بعيدًا عن معتقداته وأيديولوجيّاته، لأنّ المحبّة، هي السّمة الأساسيّة للإنسان المخلوق على صورة الله، وبالتّالي هي اللّغة الّتي توحِّدنا.

أعتقد أنّ هذا شيء مهمّ للغاية، لأنّه يسمح لنا بأن نرى كيف يمكن لأسلوب المحبّة الإلهيّ أن يكون نموذجًا لعمل كاريتاس. في الحقيقة، إذا كان المسيح يدعونا إلى الشّركة مع الله والإخوة، فإنّ جهودكم تهدف تحديدًا إلى استعادة تلك الوحدة الّتي تضيع أحيانًا في الأشخاص وفي الجماعات. ويبدو لي أنّ هذا شيء تقترحونه، عندما تطرحون بعض التّحدّيات في هذه الجهود. الأوّل هو الحاجة إلى "العمل انطلاقًا من القدرات والإمكانيّات من خلال مرافقة العمليّات". في الحقيقة ليست النّتائج هي الّتي تحرّكنا ولا تحقيق أهداف مبرمجة، وإنّما أن نضع أنفسنا أمام ذلك الشّخص المكسور الّذي لا يجد مكانه، ونقبله ونفتح له سبلاً للتّجديد لكي يجد نفسه مجدّدًا ويصبح قادرًا، على الرّغم من محدوديّته ومحدوديّتنا، على أن يبحث عن مكانه وينفتح على الآخرين والله.

لهذا، هناك حاجة للتّحدّي الثّاني المقترح وهو "القيام بإجراءات مهمّة". إنّ التّصرّفات الّتي تسعى إلى "إتمام الواجبات" ولكنّها لا تشجّع على تغيير حقيقيّ في الأشخاص ليست كافية. في إحدى الرّعايا في إسبانيا، سأل النّاس الكاهن عمّا إذا كان يقدّم مساعدات غذائيّة، أيّ إذا كان بإمكانهم الاستفادة من هذه المساعدة الّتي تُبقيهم في الواقع مقيّدين بالإعانة والتّبرّعات، وتحول دون نموِّهم وتطوّرهم. لكن يسوع يقول لنا بوضوح، بحياته وعمله، إنّ العطاء لا يكفي وإنّما يجب على المرء أن "يبذل نفسه". إنّ المحبّة تفترض بذل الذّات على الدّوام. وسيكون هذا الأمر أكثر أهمّيّة، وأبعد من العمل الملموس، عندما يوفّر للشّخص بابًا مفتوحًا لحياة جديدة. وإذ نعيد صياغة إنجيل يوحنّا، إذا كان يتمُّ البحث عنّا ومدحنا لمجرّد أنّ النّاس أكلوا الخبز، وشعرنا وكأنّنا ملوك لهذا السّبب، نكون خونة لرسالة يسوع. إنَّ الرّبّ يقترح علينا أن نكون خميرة لملكوت العدل والمحبّة والسّلام. ويطلب منّا أن نكون نحن الّذين نطعم شعبه هذا الخبز المكسور الّذي هو نفسه، ويعلّمنا أنّ الّذي يريد أن يكون كبيرًا حقًّا عليه أن يصبح خادمًا للجميع.

ينضمّ التّحدّي الأخير إلى التّحدّي السّابق، وهو أن تسعوا لكي "تكونوا قناة لعمل الجماعة الكنسيّة". إنَّ الكنيسة، بصفتها جسد المسيح السّرّيّ، تواصل عمله في التّاريخ، ولهذا السّبب، تُقدِّم لنا كاريتاس نفسها كيدِ المسيح الممدودة عندما نقدّم يدًا للّذين يحتاجون إلينا، وتسمح لنا في الوقت عينه أن نتشبّث بالمسيح عندما يسائلنا ألم الإخوة. أن تكونوا قناة لا يعني مجرّد إدارة أكثر تنظيمًا للموارد، أو فسحة يمكننا أن نفرغ فيها مسؤوليّة هذه الرّسالة الكنسيّة الدّقيقة. وإنّما عليكم أن تفهموا كونكم قناة، أوّلاً، كفرصة- يجب على الجميع أن يستفيدوا منها- لكي يقوموا بهذه الخبرة الفريدة والضّروريّة الّتي يدعونا الرّبّ إليها عندما يقول: "هل تريد أن تعرف من هو قريبك؟ اذهب فاعمل أنت أيضًا مثل ذلك.  

ليبارككم الله وأسألكم ألّا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."