الفاتيكان
23 تشرين الأول 2023, 10:20

البابا فرنسيس: الحرب هزيمة على الدّوام، توقّفوا!

تيلي لوميار/ نورسات
مرّة جديدة عبّر البابا فرنسيس عن حزنه للوضع الإنسانيّ الخطير في غزّة، مؤكّدًا قربه وصلاته من جميع المتألّمين، وذلك بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، حيث قال:"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، مرّة أخرى، يتوجّه فكري إلى ما يحدث في إسرائيل وفلسطين. أنا قلق وحزين جدًّا، أصلّي وأنا قريب من جميع الّذين يتألّمون، ومن الرّهائن والجرحى والضّحايا وعائلاتهم. أفكّر في الوضع الإنسانيّ الخطير في غزّة ويحزنني أنّ المستشفى الأنغليكانيّ ورعيّة الرّوم الأرثوذكس قد تعرّضا للقصف أيضًا في الأيّام الأخيرة. أجدّد ندائي لكي تُفتَح فُسحات، ويستمرَّ وصول المساعدات الإنسانيّة، وأن يتمَّ إطلاق سراح الرّهائن.

إنَّ الحرب، كلّ حرب في العالم- أفكّر أيضًا في أوكرانيا المعذّبة- هي هزيمة. الحرب هي هزيمة على الدّوام، إنّها تدمير للأخوَّة الإنسانيّة. أيّها الإخوة توقَّفوا! توقّفوا!".

وذكّر الأب الأقدس بيوم الصّوم والصّلاة والتّوبة الّذي سيُقام يوم الجمعة، مشيرًا إلى أنّه "في ذلك المساء في تمام السّاعة السّادسة مساءً في بازيليك القدّيس بطرس، سنعيش ساعة صلاة لكي نطلب السّلام في العالم".

وكان البابا قد توجّه إلى الحاضرين بكلمة روحيّة قبيل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يخبرنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم أنّ بعض الفرّيسيّين انضمّوا إلى الهيرودسيّين لكي ينصبوا فخًّا ليسوع، فذهبوا إليه وسألوه: "أَيحِلُّ دَفعُ الجِزيَةِ إِلى قَيصَر أَم لا؟". إنّه خداع: إذا شرّع يسوع الضّريبة، فسيضع نفسه في صفِّ السّلطة السّياسيّة الّتي يكرهها الشّعب، بينما إذا قال لهم ألّا يدفعوها، فقد يتمّ اتّهامه بالتّمرّد ضدّ الإمبراطوريّة. لكنّه نجا من هذا الفخّ. وإذ طلب أن يروه قطعة نقديّة كانت تحمل صورة قيصر، قال لهم: "أَدُّوا إِذًا لِقَيصَرَ ما لِقَيصر، وللهِ ما لله". ماذا يعني ذلك؟

لقد أصبحت كلمات يسوع هذه شائعة الاستخدام، ولكنّها استخدمت أحيانًا بشكل خاطئ- أو على الأقلّ بشكل اختزاليّ- للحديث عن العلاقات بين الكنيسة والدّولة، بين المسيحيّين والسّياسة؛ وغالبًا ما يتمُّ فهمها كما لو أنّ يسوع أراد أن يفصل بين "قيصر" و"الله"، أيّ بين الواقع الأرضيّ والرّوحيّ. أحيانًا نفكّر نحن أيضًا بهذه الطّريقة: الإيمان وممارساته هو شيء والحياة اليوميّة هي شيء آخر. لا، إنّه "انفصام"، وكأنّ الإيمان لا علاقة له بالحياة الملموسة، وبتحدّيات المجتمع، والعدالة الاجتماعيّة، والسّياسة وما إلى ذلك.

إنّ يسوع في الواقع، يريد أن يساعدنا على أن نضع "قيصر" و"الله" كلٌّ في أهمّيّته. إلى قيصر- أيّ السّياسة، والمؤسّسات المدنيّة، والعمليّات الاجتماعيّة والاقتصاديّة- تعود العناية بالنّظام الأرضيّ، أيّ بالمدينة، ونحن، الغارقون في هذا الواقع، علينا أن نردّ للمجتمع ما يقدّمه لنا من خلال مساهمتنا كمواطنين مسؤولين، والاهتمام بما أوكل إلينا، وتعزيز القانون والعدالة في عالم العمل، ودفع الضّرائب بأمانة، والالتزام من أجل الخير العامّ، وما إلى ذلك.

ولكن في الوقت عينه، يؤكّد يسوع الحقيقة الأساسيّة: أنّ الإنسان هو لله، الإنسان كلّه وكلّ كائن بشريّ. وهذا يعني أنّنا لا ننتمي لأيّ واقع أرضيّ، ولا لأيّ "قيصر" في هذا العالم. نحن للرّبّ ولا يجب أن نكون عبيدًا لأيّ سلطة دنيويّة. على العملة إذن نجد صورة الإمبراطور، لكن يسوع يذكّرنا بأنّ صورة الله مطبوعة في حياتنا، وأنّ لا شيء ولا أحد يمكنه أن يحجبها. إنّ أشياء هذا العالم هي ملك لقيصر، لكن الإنسان والعالم نفسه هما ملك لله: لا ننسينَّ هذا الأمر أبدًا!

نفهم إذن أنّ يسوع يعيد كلّ واحد منّا إلى هويّته الخاصّة: على عملة هذا العالم هناك صورة قيصر، ولكن ما هي الصّورة الّتي تحملها أنت في داخلك؟ لمن أنت صورة في حياتك؟ هل نتذكّر أنّنا للرّبّ أم نسمح لمنطق العالم بأن يصوغنا ونجعل من العمل والسّياسة والمال أصنامًا نعبدها؟ لتساعدنا العذراء مريم القدّيسة لكي نعترف بكرامتنا وكرامة كلّ كائن بشريّ ونكرِّمهما."