الفاتيكان
20 أيلول 2021, 05:55

البابا فرنسيس: السّعادة في العطاء أعظم منها في الأخذ

تيلي لوميار/ نورسات
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس وقبل الصّلاة ألقى كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يروي الإنجيل الذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم أنّه في طريقهم إلى أورشليم، كان تلاميذ يسوع يَتَباحَثونَ فيمَن هُو الأَكبَر. عندها وجَّه إليهم يسوع عبارة قويّة، تصلح لنا نحن اليوم أيضًا: "مَن أَرادَ أَن يَكونَ أَوَّلَ القَوم، فَليَكُن آخِرَهم جَميعًا وخادِمَهُم". من خلال هذه العبارة الوجيزة، يفتتح الرّبّ انقلابًا: فهو يقلب المعايير التي تحدد ما هو مهم حقًا. لم تعد قيمة الشّخص تعتمد على الدّور الذي يلعبه، وعلى نجاحه، وعلى العمل الذي يقوم به، وعلى أمواله الموجودة في البنك؛ لا، إنَّ معيار العظمة والنّجاح، في نظر الله مختلف تمامًا: يتمّ قياسهما على أساس الخدمة. ليس على ما يملكه المرء، وإنّما على ما يُقدمه. هل تريد التّفوّق؟ أخدم.

واليوم، تبدو كلمة "خدمة" باهتة بعض الشّيء، وقد اُسْتُنزِفَت بسبب الاستخدام. لكنّها في الإنجيل تحمل معنى دقيقًا وملموسًا. إنَّ الخدمة ليست تعبيرًا عن مجاملة: إنّها أن نتشبّه بيسوع، الذي وإذ لخّص حياته في بضع كلمات، قال إنه جاء "لا ليُخدَمَ، بل ليَخدُم". لذلك، إذا أردنا أن نتبع يسوع، علينا أن نسير الدّرب الذي رسمه، درب الخدمة. إنَّ أمانتنا للرّبّ تعتمد على جهوزيّتنا للخدمة. وهذا الأمر غالبًا ما يكلف، "وله طعم الصّليب". ولكن، فيما تنمو العناية والجهوزيّة إزاء الآخرين، نصبح أكثر حرّيّة في الدّاخل، أكثر تشبُّهًا بيسوع. وكلّما زادت خدمتنا، زاد شعورنا بحضور الله. لاسيّما عندما نخدم الذين ليس لديهم ما يبادلوننا به، أيّ الفقراء، ونعانق صعوباتهم واحتياجاتهم بشفقة حنونة: هناك نكتشف بدورنا أنَّ الله يحبُّنا ويعانقنا.

ولكي يوضح ذلك بعد أن تحدّث عن أولويّة الخدمة، قام يسوع بتصرُّف. أخذ طفلاً ووضعه بين التّلاميذ، في الوسط، في المكان الأكثر أهمّيّة. إنَّ الطفل في الإنجيل لا يرمز إلى البراءة بقدر ما يرمز إلى الصّغر. لأنّ الصّغار، مثل الأطفال، يعتمدون على الآخرين، وعلى البالغين، ويحتاجون لأن يأخذوا. احتضن يسوع ذلك الطّفل وقال مَن قَبِلَ واحِدًا مِن هؤُلاءِ الأَطْفالِ فقَد قَبِلَه. هؤلاء هم أوّل أشخاص ينبغي علينا أن نخدمهم: الذين يحتاجون إلى أن يأخذوا وليس لديهم ما يبادلوننا به. من خلال قبولنا للمهمّشين والمُهمَلين نحن نقبل يسوع لأنّه موجود هناك. وفي الطّفل أو الرّجل الفقير الذي نخدمه، ننال نحن أيضًا عناق الله الحنون.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، إذ يُسائلنا الإنجيل، لنسأل أنفسنا بعض الأسئلة: أنا الذي اتبع يسوع، هل أهتمّ بمن هو مُهمل؟ أو، مثل التّلاميذ في ذلك اليوم، أبحث عن إشباع مطامعي الشّخصيّة؟ هل أفهم الحياة كمنافسة لكي أفسح المجال لنفسي على حساب الآخرين أم أعتقد أنّ التّفوق يعني الخدمة؟ وبشكل ملموس: هل أخصّص وقتًا لبعض "الصّغار"، لأشخاص لا يملكون الوسائل لكي يبادلونني بالمثل؟ هل أعتني بشخص لا يمكنه أن يبادلني بالمثل أم فقط بأقاربي وأصدقائي؟

لتساعدنا العذراء مريم، أمة الرّبّ المتواضعة، لكي نفهم أنّ الخدمة لا تجعلنا ننقص، بل تجعلنا ننمو وأنَّ السَّعادَة في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ."