الفاتيكان
09 آب 2021, 06:30

البابا فرنسيس: بدون يسوع نحن نعيش على هامش الحياة

تيلي لوميار/ نورسات
حثّ البابا فرنسيس المؤمنين المتحلّقين حوله لصلاة التّبشير الملائكيّ معه في ساحة القدّيس بطرس، في كلمته الرّوحيّة قبيل الصّلاة، على دعوة يسوع إلى البيت والصّلاة بأسلوب "بيتيّ"، وهكذا "سيكون يسوع على المائدة معنا وسيُشبعنا بحبّ أعظم".

وفي هذا السّياق، قال البابا فرنسيس بحسب "فاتيكان نيوز": "في الإنجيل الّذي تقدِّمه لنا اللّيتورجيا اليوم، يواصل يسوع وعظ النّاس الّذين رأوا معجزة تكثير الخبز. ويدعو هؤلاء الأشخاص لكي يقوموا بقفزة نوعيّة: بعد أن ذكَّر بالمنِّ، الّذي أشبع به الله الآباء في مسيرتهم الطّويلة عبر الصّحراء، هو يطبّق الآن رمز الخبز على نفسه. ويقول بوضوح: "أَنا خُبزُ الحَياة".

ماذا يعني خبز الحياة؟ لكي نعيش نحن بحاجة للخبز. إنّ الجائع لا يطلب طعامًا راقيًا باهظ الثّمن، بل يطلب الخبز. والعاطل عن العمل لا يطلب رواتب ضخمة، بل "خبز" وظيفة ما. وبالتّالي يُظهر يسوع نفسه كالخبز، أيّ الأساسيّ والضّروريّ للحياة اليوميّة. لا خبزًا بين أنواع خبزٍ أخرى، وإنّما خبز الحياة. بعبارة أخرى، بدونه، نحن نعيش على هامش الحياة: لأنّه وحده هو الّذي يغذّي النّفس، وهو وحده الّذي يغفر لنا الشّرّ الّذي لا يمكننا التّغلّب عليه بمفردنا، وهو فقط يجعلنا نشعر بالحبّ حتّى لو خيَّبنا الجميع، فهو وحده يعطينا القوّة لكي نحبّ ونغفر في الصّعوبات، وهو وحده يعطي القلب ذلك السّلام الّذي ينشده، وهو وحده الّذي يعطي الحياة الأبديّة عندما تنتهي الحياة هنا على الأرض.

"أَنا خُبزُ الحَياة". لنبقى عند هذه الصّورة الجميلة ليسوع. كان بإمكانه أن يقدّم حجّة، وإثبات، ولكن- كما نعلم- يسوع يتكلّم بالأمثال، وفي هذه العبارة: "أنا خبز الحياة"، هو يلخِّص حقًّا كيانه بالكامل ورسالته كلّها. وسنرى ذلك في النّهاية، في العشاء الأخير. يسوع يعرف أنّ الآب لا يطلب منه أن يُطعم النّاس وحسب، وإنّما أن يعطي نفسه، ويكسرها، ويبذل حياته وجسده وقلبه لكي ننال الحياة. إنَّ كلمات الرّبّ هذه توقظ فينا الدّهشة لعطية الإفخارستيّا. لا أحد في هذا العالم، بغضّ النّظر عن مدى حبِّه لشخص آخر، يمكنه أن يُصبح طعامًا له. إنّ الله قد فعل ذلك وهو يقوم بذلك من أجلنا. لنجدّد هذه الدّهشة. لنقم بذلك من خلال تقديم العبادة لخبز الحياة، لأنّ العبادة تملأ الحياة بالدّهشة.

لكن في الإنجيل، وبدلاً من أن يتفاجأ النّاس تشكّكوا، وفكّروا: "نحن نعرف يسوع هذا ونعرف عائلته، فكَيفَ يَقولُ الآن: إِنِّي نَزَلتُ مِنَ السَّماء؟". ربّما نحن أيضًا قد تشكّكنا: إذ يناسبنا أكثر إلهًا في السّماء لا يتدخّل في حياتنا بينما يمكننا إدارة شؤوننا هنا. لكنَّ الله صار إنسانًا ليدخل في حياة العالم الملموسة. وكلّ شيء في حياتنا يهمّه. يمكننا أن نخبره عن مشاعرنا وعملنا ونهارنا وعن كلّ شيء. إنَّ يسوع يرغب في هذه العلاقة الحميمة معنا. وما هو الّذي لا يريده؟ أن نعتبره طبقًا جانبيًّا- هو الخبز-، أو أن نهمله ونتركه جانبًا، أو أن نبحث عنه عندما نحتاج إليه فقط.

"أَنا خُبزُ الحَياة". نجد أنفسنا نتناول الطّعام معًا لمرّة واحدة على الأقلّ يوميًّا؛ ربّما في المساء، مع العائلة، بعد يوم عمل أو دراسة. سيكون من الجيّد، قبل أن نكسر الخبز، أن ندعو يسوع، خبز الحياة، ونطلب منه ببساطة أن يبارك ما فعلناه وما لم نتمكّن من فعله. لندعوه إلى البيت ولنصلِّ بأسلوب "بيتيّ". وسيكون يسوع على المائدة معنا وسيُشبعنا بحبّ أعظم.

لتساعدنا العذراء مريم، الّتي صار فيها الكلمة جسدًا، لكي ننمو يومًا بعد يوم في صداقة يسوع، خبز الحياة."