الفاتيكان
12 تشرين الأول 2020, 08:45

البابا فرنسيس عن كارلو أكوتيس: لم يستقرّ في حالة من الجمود المريح بل فهم احتياجات عصره

تيلي لوميار/ نورسات
"لقد تمَّ السّبت، في أسيزي، إعلان تطويب كارلو أكوتيس، صبيّ يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا ومغرم بالإفخارستيّا. لم يستقرّ في حالة من الجمود المريح، بل فهم احتياجات عصره، لأنّه كان يرى وجه المسيح في الأشخاص الأشدّ ضعفًا. وتشير شهادته لشباب اليوم إلى أنّ السّعادة الحقيقيّة تكمن في وضع الله في المرتبة الأولى وخدمته في الإخوة، ولاسيّما الأخيرين."

هكذا وصف البابا فرنسيس الطّوباويّ الجديد الشّابّ كارلو أكوتيس، أثناء التّحيّات المعهودة في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ الّذي تلاه ظهر الأحد مع المؤمنين والحجّاج في ساحة القدّيس بطرس.  

كما توقّف الأب الأقدس عند مواضيع عديدة، إذ عبّر عن قربه "من السّكّان المتضرّرين من الحرائق الّتي تدمّر العديد من مناطق الأرض، وكذلك من المتطوّعين ورجال الإطفاء الّذين يخاطرون بحياتهم لإطفاء الحرائق"، سائلاً الله أن "يعضد جميع الّذين يعانون من عواقب هذه الكوارث ويجعلنا حريصين على الحفاظ على الخليقة".

كما قدّر البابا الاتّفاق على وقف إطلاق النّار بين أرمينيا وأذربيجان لأسباب إنسانيّة بهدف التّوصّل إلى اتّفاق سلام جوهريّ، مشجّعًا على استئنافها بالرّغم من أنّها تبدو هشّة، مشاركًا "في الألم بسبب الخسائر في الأرواح البشريّة والمعاناة ودمار المنازل وأماكن العبادة"، داعيًا الجميع إلى الصّلاة من أجل الضّحايا ومن أجل جميع الّذين تتعرّض حياتهم للخطر.

وقبل التّحيات تلا البابا فرنسيس صلاة التّبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس، وتوجّه إليهم بكلمة قال فيها نقلاً عن "فاتيكان نيوز":

"برواية مثل وليمة العرس الّتي يقدّمها لنا إنجيل اليوم يحدّد يسوع المشروع الّذي تصوّره الله للبشريّة. إنّ الملك الّذي "أَقامَ وَليمَةً في عُرسِ ابنِه" هو صورة للآب الّذي أعدَّ للعائلة البشريّة بأسرها وليمة رائعة من الحبّ والشّركة حول ابنه الوحيد. يرسل الملك مرّتين عبيده لِيَدعوا المَدعُوِّينَ، لكنّهم يرفضون، لأنّ لديهم أشياء أخرى يفكّرون بها: الحقول والأعمال. غالبًا ما نضع اهتماماتنا وأمورنا المادّيّة أمام الرّبّ الّذي يدعونا. لكن الملك في المثل لا يريد أن تبقى القاعة فارغة، لأنّه يرغب في أن يقدّم كنوز مملكته. ولذلك قال لعبيده: "اذهَبوا إِلى مَفارِقِ الطُّرُق، وَادعوا إِلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَهُ". هكذا يتصرّف الله عندما يتمُّ رفضه وبدل أن يستسلم يعود ويدعو جميع الّذين هم على مفارق الطّرق بدون استثناء أحد.

يشير المصطلح الأصليّ الّذي استخدمه الإنجيليّ متّى إلى حدود الطّرق، أيّ تلك النّقاط الّتي تنتهي فيها شوارع المدينة والمسارات المؤدّية إلى منطقة الرّيف، خارج المدينة، حيث الحياة غير مستقرّة. إلى بشريّة مفارق الطّرق هذه، أرسل الملك في المثل عبيده، في يقين العثور على أشخاص على استعداد للجلوس على مائدته. وهكذا امتلأت قاعة الوليمة بـ"المستبعدين والمهمّشين"، أولئك الّذين لم يبدوا أبدًا جديرين بحضور حفلة أو وليمة عرس. إنَّ الكنيسة مدعوّة لبلوغ مفارق طرق اليوم، أيّ الضّواحي الجغرافيّة والوجوديّة للبشريّة، تلك الأماكن الهامشيّة، وتلك المواقف الّتي يقيم فيها أشلاء بشريّة بلا رجاء. يتعلّق الأمر بعدم الاكتفاء بالطّرق المريحة والمعتادة للبشارة ولشهادة المحبّة، وإنّما بفتح أبواب قلوبنا وجماعاتنا للجميع، لأنّ الإنجيل ليس محفوظًا لقلّة مختارة. حتّى المهمّشين، وكذلك الّذين يرفضهم المجتمع ويحتقرهم، يعتبرهم الله أهلاً لمحبّته، وهو يعدّ وليمته للجميع: أبرار وخطأة، صالحون وأشرار، أذكياء وغير مثقّفين.

ولكنّه يضع شرطًا: ارتداء ثوب العرس. ونعود إلى المثل. عندما امتلأت القاعة، وصل الملك وحيّا ضيوف السّاعة الأخيرة، لكنّه رأى أحدهم لَيسَ عَلَيهِ ثَوبُ العُرس، ذلك المعطف الّذي يحصل عليه كلّ ضيف كهديّة عند المدخل. هذا الرّجل، وإذ رفض الهبة المجانيّة، استبعد نفسه: لذلك لا يمكن للملك إلّا أن يطرده. لقد قبل هذا الرّجل الدّعوة، لكنّه قرّر بعد ذلك أنّها لا تعني شيئًا بالنّسبة له: لقد كان شخصًا مكتفيًا بذاته، ولم يكن لديه أيّة رغبة في التّغيير. إنَّ ثوب العرس يرمز إلى الرّحمة الّتي يمنحنا الله إيّاها مجانًا. لا يكفي أن نقبل الدّعوة لكي نتبع الرّبّ، وإنّما من الضّروريّ أن نكون مستعدّين للقيام بمسيرة ارتداد تغيِّر القلب. إنّ ثوب الرّحمة الّذي يقدمه الله لنا بلا انقطاع هو عطيّة مجانيّة من محبّته، إنّه نعمة. ويتطلّب أن نقبله بدهشة وفرح.

تساعدنا العذراء مريم الكليّة القداسة لكي نتشبّه بعبيد هذا المثل فنخرج من مخطّطاتنا ووجهات نظرنا الضّيقة، لكي نعلن للجميع أنّ الرّبّ يدعونا إلى وليمته، لكي يقدّم لنا النّعمة الّتي تخلّصنا."