الفاتيكان
18 تشرين الثاني 2019, 06:55

البابا فرنسيس في اليوم العالميّ للفقراء: الفقراء يسهّلون لنا دخول السّماء

تيلي لوميار/ نورسات
ترأس البابا فرنسيس صباح الأحد في بازيليك القديس بطرس قدّاسًا احتفاليًّا لمناسبة اليوم العالميّ الثالث للفقراء، والّذي يتمحور حول موضوع "رجاء البائسين لا ينقطع للأبد" (مزمور 9، 19).

للمناسبة ألقى البابا فرنسيس على ضوء إنجيل الأحد الّذي "يفاجئ يسوع فيه معاصريه ويفاجئنا نحن أيضًا. ففيما يُمدح هيكل أورشليم البهيّ، إذ يقول يسوع "لن يُترك منه حجرٌ على حجر" (لوقا 21، 6)". وتساءل الأب الأقدس "لمَ هذه الكلمات إزاء بناء مقدّس، لم يكن مجرّد صرح، بل علامة دينيّة فريدة، بيتًا لله وللشعب المؤمن؟"، داعيًا إلى "البحث عن أجوبة في كلمات يسوع الذي يقول لنا اليوم كلّ شيءتقريًباسيزول. تقريبًا كلّ شيء، ليسكلّشيء". 

وفي هذا السّياق تابع يقول بحسب "فاتيكان نيوز": "في هذا الأحد ما قبل الأخير من الزّمن العادي يشرح يسوع أن ما يزول هو الهيكل، لا الله؛ الممالك وأحداث البشريّة، لا الإنسان. تزول الأشياء التي غالبًا ما تبدو نهائيّة، لكنّها ليست كذلك. هي أمور عظيمة كمعابدنا، ومخيفة كالزلزال، علامات في السماء وحروب على الأرض (راجع لوقا، 21، 10 – 11): تبدو لنا أحداثًا مكانها الصّفحة الأولى، لكن الرّبّ يضعها في الصفحة الثانية. في الأولى يبقى الذي لن يزول أبدًا: الله الحيّ، الأعظم من أيّ هيكل نبنيه له، والإنسان، قريبنا، الذي هو أهمّ من كلّ أحداث العالم. وبالتّالي، لمساعدتنا على فهم ما هو مهمّ في الحياة، يحذّرنا يسوع من إغراءين. إنّ الإغراء الأوّل هو العجلة، وإنّ يسوع يقول لنا لا ينبغي السّير وراء من يقول "قد حان الوقت" (راجع لوقا 21، 8). لا ينبغي اتّباع من يثير المخاوف ويغذّي الخوف من الآخَر ومن المستقبل، لأنّ الخوف يشلّ القلب والعقل. وبالرّغم من ذلك، كم من مرة تغرينا العجلة لمعرفة كلّ شيء وعلى الفور. إنّ هذه العجلة، أيّ كلّ شيء وعلى الفور، لا تأتي من عند الله. 

حين ننهمك من أجل الفوريّ، ننسى ما يبقى للأبد: نتبع الغيوم العابرة، ولا نرى السّماء. لا نجد وقتًا لله وللأخ الّذي يعيش بقربنا. وفي حماس العجلة، الحصول على كلّ شيء فورًا، يكون مزعجًا من يبقى في الخلف، ويُحكم عليه بالإقصاء: كم من المسنّين والذين لم يولدوا بعد، والأشخاص المعوّقين، والفقراء، يُعتبَرون بلا فائدة. يتمّ السّير بعجلة، بدون الاكتراث بتزايد المسافات وبأنّ جشع قلّة يزيدُ من فقر كثيرين.

كترياق للعجلة يقدّم يسوع اليوم لكلّ واحد الثّبات "إنَّكم بثباتكمِ تكتسبونَ أنفسكم" (لوقا 21، 19). نطلب لكلّ واحد منّا ولنا ككنسية الثبات في الخير. 

إنّ يسوع يريد أن يُبعدنا عن خداع آخر حين يقول لنا "سوف يأتي كثير من الناس منتحلين اسمي فيقولون "أنا هو"! فلا تتبعوهم" (لوقا 21، 8). إنّها تجربة "الأنا"." 

وذكّر البابا فرنسيس بضرورة أن نتكلّم لغة يسوع نفسها، لغة المحبّة، وقال: "إنّ من يتكلم لغة يسوع هو الّذي لا يقول أنا، إنّما من يخرج من الأنا. إنّ كلمة الله تدفع إلى "محبّة بلا رياء"(روما 12، 9)، وإلى إعطاء مَن ليس بإمكانه أن يكافئنا (راجع لوقا 14، 14)، إلى أن نخدم بدون البحث عن شيء في المقابل (راجع لوقا 6، 35). إنّ الفقراء هم ثمينون في عيني الله لأنّهم لا يتكلّمون لغة "الأنا". إنّ وجودهم يعيدنا إلى الإنجيل "طوبى لفقراء الرّوح" ( راجع متّى 5، 3). وبالتّالي، بدل الشعور بالانزعاج لدى سماعهم يقرعون بابنا، نستطيع أن نتلقى صرختهم طالبين المساعدة كنداء لكي نخرج من "الأنا"، ونستقبلهم بالنّظرة نفسها، نظرة محبّة الله لهم. ما أجمل أن يحتلّ الفقراء في قلبنا مكانهم في قلب الله! فعندما نكون مع الفقراء ونخدمهم نفهم ما الّذي يبقى وما الّذي يزول."

وأنهى الأب الأقدس مذكّرًا أنّ "ما يبقى للأبد، هي المحبّة، لأنّ "الله محبة" (1 يوحنّا 4، 8)، وإنّ الفقير الّذي يطلب محبّتي يقودني مباشرة إلى الله. إنّ الفقراء يسهّلون لنا دخول السّماء".