الفاتيكان
05 تشرين الأول 2021, 13:30

البابا فرنسيس في اليوم العالميّ للمعلّمين: لا يمكننا أن نخفي عن الأجيال الجديدة الحقائق الّتي تعطي معنى للحياة

تيلي لوميار/ نورسات
تحت عنوان "الأديان والتّربية، نحو ميثاق عالمي للتّربية"، افتتح البابا فرنسيس صباح اليوم في قاعة كليمينتينا في الفاتيكان لقاء بين ممثّلي الأديان. وللمناسبة ألقى كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يسعدني أن أرحّب بكم في هذه المناسبة الهامّة لتعزيز ميثاق تربويّ عالميّ. اليوم، في اليوم العالميّ للمعلّمين/ المربّين الّذي تنظّمه اليونسكو، نريد كممثّلين للأديان، أن نعبِّر عن قربنا وامتناننا لجميع المعلّمين، وفي الوقت عينه، عن اهتمامنا بالتّربية.

قبل عامين- في 12 من أيلول سبتمبر 2019- وجّهت نداءً إلى جميع الّذين يعملون في مجال التّربية لكي نتحاور حول الأسلوب الّذي نبني من خلاله مستقبل الكوكب والحاجة إلى استثمار مواهب الجميع، لأنّ كلّ تغيير يحتاج إلى مسار تربويّ من أجل تحقيق تضامن عالميّ جديد ومجتمع أكثر استقبالاً. لهذا الهدف، أطلقتُ مبادرة ميثاق تربويّ عالميّ، من أجل إعادة إحياء الالتزام من أجل الأجيال الجديدة ومعها، وتجديد الشّغف بتربية أكثر انفتاحًا وإدماجًا، وقادرة على الإصغاء الصّبور، والحوار البنّاء والتّفاهم المتبادل، ودعوتُ الجميع إلى توحيد جهودهم في عهد تربويّ واسع من أجل تنشئة أشخاص ناضجين قادرين على تخطّي التّشرذم والتّناقضات وإعادة بناء نسيج العلاقات من أجل إنسانيّة أكثر أخوَّة.

إذا أردنا عالمًا أكثر أخوَّة، علينا أن نُربِّي الأجيال الجديدة على الاعتراف بكلّ شخص وتقديره ومحبّته بغضِّ النّظر عن القرب المادّيّ وبغضّ النّظر عن المكان الّذي ولد فيه أو يعيش فيه. إنَّ المبدأ الأساسيّ لـ"اعرف نفسك" قد وجّه التّربية على الدّوام، ولكن من الضّروريّ ألّا نُهمِل مبادئ أساسيّة الأخرى: "اعرف أخاك"، لكي نربّي على قبول الآخر؛ "اعرف الخليقة"، لكي نربّي على العناية بالبيت المشترك و"اعرف الله" لكي نربّي على سرّ الحياة العظيم. نحن نهتمّ بتنشئة متكاملة تتلخّص في معرفة الذّات والأخ والخليقة، والله. لا يمكننا أن نخفي عن الأجيال الجديدة الحقائق الّتي تعطي معنى للحياة.

لطالما كان للأديان علاقة وثيقة بالتّربية، إذ ترافقت النّشاطات الدّينيّة بالنّشاطات التّربويّة والمدرسيّة والأكاديميّة. كما في الماضي، كذلك اليوم، بحكمة وإنسانيّة تقاليدنا الدّينيّة، نريد أن نكون حافزًا لعمل تربويّ متجدّد يمكنه أن ينمِّي الأخوّة العالميّة في العالم. إذا كانت الاختلافات في الماضي قد وضعتنا في تناقض، فإنّنا نرى اليوم فيها غنى الطّرق المختلفة للوصول إلى الله وتربية الأجيال الجديدة على التّعايش السّلميّ في الاحترام المتبادل. لذلك، تُلزمنا التّربية بعدم استخدام اسم الله أبدًا لتبرير العنف والكراهيّة تجاه التّقاليد الدّينيّة الأخرى، وبإدانة جميع أشكال التّعصّب والأصوليّة، والدّفاع عن حقّ كلّ فرد في الاختيار والتّصرّف وفقًا لضميره.

إذا كان في الماضي قد تمَّ، باسم الدّين أيضًا، تمييز الأقلّيّات العرقيّة والثّقافيّة والسّياسيّة وغيرها، نريد اليوم أن نكون مدافعين عن هويّة وكرامة كلّ شخص ونعلّم الأجيال الجديدة أن تقبل الجميع دون تمييز. لذلك تُلزمنا التّربية بقبول الآخر كما هو دون الحكم على أحد أو إدانته. إذا لم يتمَّ في الماضي على الدّوام احترام حقوق النّساء والقاصرين والأشخاص الأشدَّ ضعفًا، فنحن نلتزم اليوم في أن ندافع بحزم عن هذه الحقوق وأن نعلِّم الأجيال الجديدة أن تكون صوت من لا صوت لهم. لذلك تُلزمنا التّربية برفض وإدانة أيّ انتهاك للسّلامة الجسديّة والمعنويّة للجميع.

إذا كنّا في الماضي قد سمحنا باستغلال ونهب بيتنا المشترك، فإنّنا نريد اليوم إذ نُدرك بشكل أكبر دورنا كأوصياء على الخليقة الّتي أوكلها الله إلينا، أن نكون صوت الطّبيعة الّتي تصرخ من أجل البقاء على قيد الحياة وأن ننشئ أنفسنا والأجيال الجديدة على أسلوب حياة أكثر رصانة واستدامة بيئيّة. لذلك تُلزمنا التّربية بمحبّة أمّنا الأرض وتجنّب هدر الطّعام والموارد، بالإضافة إلى أن نشارك بشكل أكبر الخيور الّتي أعطانا الله إيّاها من أجل حياة الجميع. نريد اليوم أن نعلن أنّ تقاليدنا الدّينيّة، الّتي كانت على الدّوام رائدة في محو الأمّيّة وصولاً إلى التّعليم العالي، تعزّز رسالتها في تربية كلّ شخص بكامله: الرّأس واليدين والقلب والرّوح، أيّ بكل جماله.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أشكركم على مشاركتكم وأشكر أيضًا جميع الّذين لم يتمكّنوا من التّواجد هنا اليوم بسبب الوباء. والآن أدعوكم إلى وقفة صمت قصيرة لكي نسأل الله أن ينير عقولنا، لكي يكون حوارنا مثمرًا ويتمكّن من مساعدتنا لكي نتبع بشجاعة دروب آفاق تربويّة جديدة."