الفاتيكان
10 حزيران 2021, 07:50

البابا فرنسيس: كم هو مهمّ أن يرى الشّباب بأعينهم حبَّ المسيح الحيّ والحاضر في حبّ الزّوجين

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس أنّه "لا يمكننا أن نستغني عن سرّي الكهنوت والزّواج لبناء الكنيسة كعائلة من العائلات"، فـ"نتمكّن من الحصول على راعويّة للعائلة يتنفّس فيها الأشخاص روح الشّركة الكنسيّة بشكل كامل"، وذلك في رسالة مصوّرة إلى المشاركين في المؤتمر الّذي تنظّمه الدّائرة الفاتيكانيّة للعلمانيّين والعائلة والحياة حول الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ"، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أتوجّه إليكم بمناسبة المنتدى الّذي تنظّمه الدّائرة الفاتيكانيّة للعلمانيّين والعائلة والحياة، بعد خمس سنوات من صدور الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ". إنَّ السؤال الّذي تطرحونه على ذواتكم- أين نحن من تطبيق الإرشاد الرّسوليّ فرح الحبّ؟- يريد أن يحثّنا على القيام بتمييز كنسيّ مثمر حول أسلوب وهدف خدمة العائلة من منظور البشارة الجديدة بالإنجيل. إنّ تطبيق الإرشاد الرّسوليّ فرح الحبّ هو ثمرة تأمّل مجمعيّ معمّق حول الزّواج والعائلة، وبالتّالي يتطلّب عمل تنفيذ صبور وارتدادًا رسوليًّا. هذا المنتدى هو استمرار للمسيرة السّينودسيّة، الّتي يجب أن تتجسّد في الكنائس المحلّيّة والّتي تتطلّب تعاونًا وتقاسمًا للمسؤوليّة والقدرة على التّمييز والاستعداد للاقتراب من العائلات.

في خضمّ الصّعوبات الّتي يسبّبها الوباء، والّتي تُمزِّق حياة العائلة وشركتها الحميمة للحياة والحبّ، تظهر العائلة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى علامة للأزمنة وتدعى الكنيسة قبل كلّ شيء للإصغاء بشكل فعّال للعائلات، وإشراكها في الوقت عينه كرائدات للعمل الرّاعويّ. ولذلك من الضّروريّ إبعاد أيّ إعلان نظريّ بحت ومنفصل عن مشاكل الأشخاص الحقيقيّة، وكذلك فكرة أنّ البشارة بالإنجيل تقتصر على نخبة راعويّة. كلّ معمَّد هو رائد فعّال للبشارة. لكي نحمل محبّة الله للعائلات والشّباب الّذين سيبنون عائلات الغد، نحتاج إلى مساعدة العائلات نفسها، وخبرتها الملموسة في الحياة والشّركة. نحتاج إلى أزواج قريبين من الرّعاة، لكي يسيروا مع عائلات أخرى، ويساعدوا الضّعفاء، ويعلنوا أنّ المسيح، حتّى في الصّعوبات، يحضر في سرّ الزّواج لكي يعطي الحنان والصّبر والرّجاء للجميع، وفي جميع ظروف الحياة. كم هو مهمّ أن يرى الشّباب بأعينهم حبَّ المسيح الحيّ والحاضر في حبّ الزّوجين، اللّذين يشهدان بحياتهما الملموسة أنّ الحبّ إلى الأبد ممكن!

إنَّ الزّواج، مثل الكهنوت، يملك هدفًا مباشرًا في بناء شعب الله وتوسيعه، ويمنح الزّوجين رسالة خاصّة في بناء الكنيسة. العائلة هي "كنيسة بيتيّة"، المكان الّذي يعمل فيه حضور المسيح السّرّيّ بين الزّوجين وبين الوالدين والأبناء. بهذا المعنى، تصبح المحبّة الّتي تُعاش في العائلات قوّة دائمة لحياة الكنيسة، تغنيها باستمرار حياة جميع الكنائس البيتيّة. لذلك، وبحكم سرّ الزّواج، تصبح كلّ عائلة خيرًا للكنيسة. لذلك، فإنّ المسؤوليّة المشتركة تجاه الرّسالة تدعو الأزواج والكهنة، ولاسيّما الأساقفة، إلى التّعاون بشكل مثمر في رعاية الكنائس البيتيّة وحمايتها. وبالتّالي علينا نحن الرّعاة أن نسمح للرّوح القدس بأن ينيرنا، لكي يتمّ هذا الإعلان الخلاصيّ من قبل الأزواج الّذين غالبًا ما يكونون مستعدّين، ولكن لا تتمُّ دعوتهم. ولكن إذا دعوناهم لكي يعملوا معنا، وإذا أفسحنا لهم المجال، فيمكنهم أن يقدّموا إسهامهم في بناء النّسيج الكنسيّ. تمامًا كما تتّحد لحمة الرّجل والمرأة، في تكاملهما، لتشكيل نسيج العائلة، بالطّريقة عينها لا يمكننا أن نستغني عن سرّي الكهنوت والزّواج لبناء الكنيسة كعائلة من العائلات. بهذه الطّريقة سنتمكّن من الحصول على راعويّة للعائلة يتنفّس فيها الأشخاص روح الشّركة الكنسيّة بشكل كامل.

لذلك أدعوكم لكي تأخذوا مجدّدًا بين أيديكم الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ" لكي تُحدِّدوا، من بين الأولويّات الرّاعويّة الّتي يشير إليها، تلك الّتي تتوافق مع الاحتياجات الملموسة لكلّ كنيسة محلّيّة وتحقِّقوها بإبداع وحماس رسوليّ. لقد أعطانا الرّبّ في زمن الوباء الفرصة لكي نعيد التّفكير ليس فقط في الاحتياجات والأولويّات، وإنّما أيضًا في الأسلوب والطّريقة الّتي يتمّ بهما تخطيط وتنفيذ التزامنا الرّعويّ. وعلى خطى برنامج الإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل" والبرنامج الرّعويّ الملموس الّذي حدّده الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ" لراعويّة العائلة، أتمنّى أن تعمل جميع الجماعات على وضع الأدوات الضّروريّة للمضيّ قدمًا في مسيرة ارتداد راعويّ وإرساليّ لا يمكنه أن يترك الأمور على حالها. وبالتّالي يجب بذل جهد خاصّ لتنشئة العلمانيّين، ولاسيّما الأزواج والعائلات، لكي يفهموا بشكل أفضل أهمّيّة التزامهم الكنسيّ، أيّ معنى الرّسالة الّتي تنبع من الزّواج والعائلة. إنَّ العديد من العائلات لا تدرك العطيّة العظيمة الّتي نالتها في هذا السّرّ، وهي علامة فعّالة لحضور المسيح الّذي يرافق كلّ لحظة من حياتهم. عندما تكتشف العائلة هذه العطيّة بشكل كامل، تشعر بالرّغبة في مشاركتها مع العائلات الأخرى، لأنّ فرح اللّقاء مع الرّبّ يميل إلى الانتشار ويولّد شركة أخرى، وهي بطبيعة الحال إرساليّة.

لقد ساعد المسار الّذي سلكته جمعيّات السّينودس حول العائلة الكنيسة على إبراز العديد من التّحدّيات الملموسة الّتي تواجهها العائلات: الضّغوط الأيديولوجيّة الّتي تعرقل العمليّات التّربويّة، والمشاكل العلائقيّة، والفقر المادّيّ والرّوحيّ، وفي نهاية المطاف، الكثير من الوحدة بسبب الصّعوبة لرؤية الله في الحياة الشّخصيّة. هناك بعض هذه التّحدّيات الّتي لا نزال نواجهها وهي وتتطلّب دفعًا رعويًّا متجدّدًا في بعض المجالات الخاصّة: أفكّر في الإعداد للزّواج، ومرافقة الأزواج الشّباب، والتّربية، والاهتمام بالمسنّين، والقرب من العائلات الجريحة أو تلك الّتي، في اتّحاد جديد، ترغب في أن تعيش الخبرة المسيحيّة بشكل كامل. لذلك آمل أن تكون أيّام العمل هذه فرصة جيّدة لتبادل الأفكار والخبرات الرّاعويّة؛ وأيضًا لخلق شبكة يمكنها، في تكامل الدّعوات وحالات الحياة، بروح التّعاون والشّركة الكنسيّة، أن تعلن إنجيل العائلة بأكثر الطّرق فعاليّة، وتجيب على علامات الأزمنة.

أكِلكم إلى شفاعة العذراء مريم الكلّيّة القداسة وشفاعة القدّيس يوسف لكي تجعل نعمة الله التزامكم يثمر من أجل خير عائلات اليوم والمستقبل. أبارككم وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي."