الفاتيكان
28 كانون الأول 2023, 13:30

البابا فرنسيس: لا تتحاوروا مع الشّيطان إحرسوا قلوبكم!

تيلي لوميار/ نورسات
في مقابلته العامّة الأخيرة لهذا العام، استهلّ البابا فرنسيس سلسة تعاليم جديدة محورها الرّذائل والفضائل، شدّد في سياقها على ضرورة عدم التّحاور مع الشّيطان أبدًا وعدم مناقشته، داعيًا المؤمنين إلى حراسة قلوبهم وإغلاق البابا أمام التّجربة.

وفي تفاصيل تعليمه قال البابا بحسب "فاتكيان نيوز": "أريد اليوم أن أقدّم سلسلة من التّعاليم حول موضوع الرّذائل والفضائل. ويمكننا أن ننطلق من بداية الكتاب المقدّس، حيث يعرض سفر التّكوين، من خلال قصّة آدم وحوّاء، ديناميكيّات الشّرّ والتّجربة. في الصّورة المثاليّة الّتي تمثّلها جنّة عدن، تظهر شخصيّة تصبح رمزًا للتّجربة: الحيّة. الحيّة هي حيوان ماكر: تتحرّك ببطء، وتزحف على الأرض، وأحيانًا لا تتنبّه حتى لوجودها، لأنّها قادرة على أن تتموّه جيّدًا مع البيئة. ولهذا السّبب هي خطيرة.

عندما بدأت الحوار مع آدم وحوّاء أثبتت أنّها أيضًا جدليّة راقية. بدأت كما تبدأ النّميمة السّيّئة بسؤال خبيث: "أيقينًا قال الله: لا تأكلا من جميع أشجار الجنّة؟". إنَّ الجملة خاطئة: في الواقع، قدّم الله للرّجل والمرأة جميع ثمار الجنّة، باستثناء ثمار شجرة محدّدة: شجرة معرفة الخير والشّرّ. وليس المقصود بهذا النّهي أن يمنع الإنسان من أن يستخدم العقل، كما يُساء تفسيره أحيانًا، بل هو مقياس للحكمة. وكأنّه يقول: اعترف بالحدود، ولا تشعر بأنّك سيّد كلّ شيء، لأنّ الكبرياء هو بداية جميع الشّرور. وهكذا تقول الرّواية أنّ الله وضع آدم وحوّاء كسيّدَين للخليقة وحارسَين لها، ولكنّه يريد أن يحفظهما من ادِّعاء القدرة المطلقة، ومن أن يجعلا نفسيهما سيّدَي الخير والشّرّ. وهذا هو أخطر فخٍّ للقلب البشريّ.

وكما نعلم، لم يتمكّن آدم وحوّاء من أن يقاوما إغراء الحيّة. وتسلّلت إلى ذهنيهما فكرة إله غير صالح، يريد أن يبقيهما خاضعَين: ومن هنا انهار كلّ شيء. بهذه الرّوايات يشرح لنا الكتاب المقدّس أنّ الشّرّ لا يبدأ في الإنسان بطريقة فاضحة، عندما يظهر ذلك بفعل ما، وإنّما قبل ذلك بكثير، عندما يبدأ الإنسان بمحاورته، وبتغذيته في خياله وأفكاره، فينتهي به الأمر بالوقوع في أشراك تملّقاته. إنَّ مقتل هابيل لم يبدأ بحجر، وإنّما بالضّغينة الّتي كان يحملها قايين للأسف، والّتي جعلته يتحوّل إلى وحش في داخله. وحتّى في هذه الحالة، لم تُجدِ توصيات الله نفعًا.

لا يجب أن نتحاور مع الشّيطان أبدًا. لا ينبغي أبدًا أن نناقشه. إنَّ يسوع لم يتحاور أبدًا مع الشّيطان؛ بل طرده بعيدًا. وعندما كان في الصّحراء لم يرد على التّجارب بالحوار؛ بل أجاب ببساطة بكلمات الكتاب المقدّس، بكلمة الله. تنبّهوا: إنَّ الشّيطان مُغرِّر. لا تتحاوروا معه أبدًا، لأنّه أذكى منّا جميعًا وسيجعلنا ندفع الثّمن. عندما تأتي التّجربة، لا تتحاور أبدًا. أغلق الباب، أغلق النّافذة، أغلق قلبك. وهكذا ندافع عن أنفسنا من هذا الإغواء، لأنّ الشّيطان ماكر، وذكيّ. لقد جرَّب يسوع باقتباسات من الكتاب المقدّس، جاعلاً من نفسه لاهوتيًّا عظيمًا هناك. لا يجب أن نتحاور مع الشّيطان أبدًا. هل فهمتم هذا جيّدًا؟ تنبّهوا. لا يجب أن نتحاور مع الشّيطان ولا يجب نتحدّث مع التّجربة، عندما تأتي التّجربة لنغلق الباب. لنحرس قلوبنا.

علينا أن نكون حرّاسًا لقلوبنا. ولهذا السّبب لا نتحاور مع الشّيطان. إنّها التّوصية- أن نحرس قلوبنا- الّتي نجدها في العديد من الآباء والقدّيسين: إحرسوا قلوبكم. وبالتّالي علينا أن نطلب هذه النّعمة أن نتعلّم كيف نحرس قلوبنا. إنّه أمر حكيم أن نحرس قلوبنا. ليساعدنا الرّبّ في هذا، لأنّ الّذي يحفظ قلبه يحفظ كنزًا. أيّها الإخوة والأخوات، لنتعلّم كيف نحرس قلوبنا."