الفاتيكان
14 حزيران 2021, 08:45

البابا فرنسيس: لا ننسينّ أبدًا أنّ نتائج الزّرع لا تعتمد على قدراتنا وإنّما على عمل الله

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، وقبل الصّلاة ألقى كلمة استهلّها قائلاً: "إنَّ المثلين اللّذين تقدّمهما لنا اللّيتورجية يستلهمان من الحياة العاديّة ويظهران نظرة يسوع المُتنبِّهة والّذي يراقب الواقع؛ ومن خلال صور صغيرة يوميّة يفتح نوافذ على سرِّ الله وعلى التّاريخ البشريّ. وهكذا يعلِّمنا أنّه حتّى الأمور اليوميّة وتلك الّتي قد تبدو أحيانًا متشابهة ونسير بها قدمًا بشرود أو تعب يقيم فيها حضور الله الخفيّ. ولذلك نحتاج نحن أيضًا لأعيُنٍ مُتنبِّهة لكي نعرف كيف نبحث عن الله ونجده في جميع الأمور".

وتابع البابا يقول بحسب "فاتيكان نيوز": "واليوم يشبّه يسوع ملكوت الله وحضوره الّذي يقيم في قلب الأمور والعالم، بحبّة الخردل، أيّ بأصغر بذرة على الإطلاق. ومع ذلك إِذا زُرِعَت، ارتَفَعَت وَصارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها، وَأَرسَلَت أَغصانًا كَبيرَة. هذا ما يقوم به الله. في بعض الأحيان، يمنعنا ضجيج العالم والعديد من النّشاطات الّتي تملأ أيّامنا، من التّوقّف ورؤية كيف يدير الرّبّ التّاريخ. ومع ذلك- يؤكّد الإنجيل- الله يعمل، كبذرة صغيرة جيّدة، تنبت بصمت وببطء. وشيئًا فشيئًا تصبح شجرة غضّةً تعطي الحياة والرّاحة للجميع. حتّى بذرة أعمالنا الصّالحة قد تبدو صغيرة أيضًا؛ ومع ذلك، فإنّ كلّ ما هو صالح ينتمي لله، ولذا، بتواضع، يؤتي ثماره ببطء. إنّ الخير- لنتذكّر ذلك على الدّوام- ينمو دائمًا بتواضع، وبشكل خفيٍّ، وغالبًا غير مرئيّ. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بهذا المثل يريد يسوع أن يبعث فينا الثّقة.

في الواقع يمكننا أن نيأس في العديد من مواقف الحياة، لأنّنا نرى ضعف الخير أمام قوّة الشّرّ الظّاهرة. ويمكننا أن نسمح لانعدام الثّقة بأن يشلّنا عندما نرى أنّنا التزمنا ولكنّنا لا نرى النّتائج ويبدو أنّ الأمور لا تتغيّر أبدًا. يطلب منّا الإنجيل نظرة جديدة على أنفسنا وعلى الواقع ويطلب منّا أن نتحلّى بعيون أكبر تعرف كيف ترى أبعد ولاسيّما أبعد من المظاهر لكي تكتشف حضور الله كمحبّة متواضعة تعمل على الدّوام في أرض حياتنا وفي أرض التّاريخ. هذه هي ثقتنا وهذا الأمر يمنحنا القوّة لكي نسير قدمًا ويوميًّا بصبر ونزرع الخير الّذي يثمر.

كم هو مهمّ هذا الموقف أيضًا لكي نخرج من الوباء بشكل جيّد! علينا أن نعزّز الثّقة بأنّنا بين يدي الله وأن نلتزم جميعًا في الوقت عينه بإعادة البناء والبدء من جديد بصبر وثبات. يمكن لزؤان عدم الثّقة أن يتجذّر أيضًا في الكنيسة، لاسيّما عندما نشهد على أزمة الإيمان وعلى فشل العديد من المشاريع والمبادرات. لا ننسينَّ أبدًا أنّ نتائج الزّرع لا تعتمد على قدراتنا وإنّما على عمل الله. نحن علينا أن نزرع بمحبّة والتزام وصبر ولكن قوّة البذرة هي إلهيّة، وهذا ما يشرحه يسوع في مثل اليوم الآخر: يلقي الزّارع البذرة في الأرض ولا يعرف كيف تُثمر، لأنّ البذرة عينها تنمو من تلقاء نفسها ليلًا ونهارًا، في الوقت الّذي لم يكن يتوقّعه. مع الله، حتّى في التّربة الأكثر جفافَا، هناك دائمًا رجاء في ظهور براعم جديدة.

لتعلِّمنا العذراء مريم الكلّيّة القداسة أن نرى عظمة الله الّذي يعمل في الأمور الصّغيرة ولكي نتغلّب على تجربة اليأس بالثّقة به كلَّ يوم."

وفي تحيّاته بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، قال البابا: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أنا قريب بشكل خاصّ من سكّان منطقة تيغراي في إثيوبيا، الّتي تعاني بسبب أزمة إنسانيّة خطيرة تعرّض للجوع الأشخاص الأكثر فقرًا. هناك اليوم مجاعة، وهناك جوع. لنصلِّ معًا من أجل وقف فوريّ للعنف، وضمان المساعدة الغذائيّة والصّحّيّة للجميع، واستعادة الانسجام الاجتماعيّ في أسرع وقت ممكن. وفي هذا الصّدد أشكر جميع الّذين يعملون من أجل تخفيف معاناة النّاس. لنصلِّ إلى العذراء من أجل هذه النّوايا.

لقد تمّ الاحتفال أمس باليوم العالميّ لمكافحة عمالة الأطفال. لا يمكننا أن نغضّ الطّرف عن استغلال الأطفال الّذين يُحرمون من حقّ اللّعب والدّراسة والحلم. حسب تقديرات منظّمة العمل الدّوليّة، هناك أكثر من 150 مليون طفل يتمّ استغلالهم في العمل اليوم: إنّها مأساة! 150 مليون: تقريبًا مثل جميع سكّان إسبانيا، مع فرنسا وإيطاليا. هذا الأمر يحدث اليوم! يعاني الكثير من الأطفال من هذا الأمر: يتمّ استغلالهم في عمالة الأطفال. لنجدّد جميعًا جهودنا من أجل القضاء على عبوديّة زمننا هذه.

سيقام بعد ظهر اليوم في أوغوستا، في صقلّية، حفل استقبال حطام السّفينة الّتي تحطّمت في 12 نيسان أبريل 2015. ليستمرّ هذا الرّمز للعديد من المآسي في البحر الأبيض المتوسّط في مناشدة ضمير الجميع وليعزّز نمو إنسانيّة أكثر تضامنًا تهدم جدار اللّامبالاة. لنفكّر في الأمر: لقد أصبح البحر الأبيض المتوسّط أكبر مقبرة في أوروبا...

يصادف غدًا اليوم العالميّ للمتبرّعين بالدّمّ: أشكر بصدق جميع المتطوّعين وأشجّعهم على مواصلة عملهم، وشهادتهم على قيم السّخاء والمجّانيّة: شكرًا جزيلاً لكم! شكرًا!".