الفاتيكان
10 تشرين الثاني 2018, 10:00

البابا فرنسيس: لتكن الكنائس بيتًا لله ولا أسواقًا تسيطر عليها روح العالم

ترأّس البابا فرنسيس القدّاس الإلهيّ يوم الجمعة، في كابلة بيت القدّيسة مرتا، بالفاتيكان؛ وتلا عظةً تمحورت حول نصّ طرد الباعة من الهيكل، فقال "لتكن الكنائس بيتًا لله ولا أسواقًا أو صالونات اجتماعيّة تسيطر عليها روح العالم".إستهلَّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيليّ يوحنّا الذي يُخبر عن يسوع عندما دخل الهيكل ورأى فيه باعةَ البقَرِ والغَنَمِ والحَمام، والصَّيارِفَةَ جالِسين إلى طاولاتِهم. فَصَنَعَ مِجلَدًا مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعًا مِنَ الهَيكَلِ مع الغَنَمِ والبَقَر، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم، وقالَ لِباعَةِ الحَمام: "اِرفَعوا هذا مِن ههُنا، ولا تَجعَلوا مِن بَيتِ أَبي بَيتَ تِجارَة"؛ وشرح الحبر الأعظم سبب غضب يسوع هذا؛ وقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"لقد كانت تدفعه محبّة الله والغيرة على بيت الرّبّ الذي تحوّل إلى سوق. وإذ دخل إلى الهيكل حيث كانوا يبيعون الغنم والبقر والحمام عرف يسوع أنَّ هذا المكان أصبح مكانًا لعابدي الأصنام ولأشخاص مستعدّين لخدمة الإله المال بدلًا من الله. ونجد على الدّوام خلف المال الصّنم لأنّ الأصنام هي دائمًا من ذهب، وهي تستعبدنا.    

وهذا الأمر يلفت نظرنا ويجعلنا نفكّر كيف نعامل هياكلنا وكنائسنا؛ إن كانت بالنّسبة لنا بالفعل بيت الله وبيت صلاة ولقاء مع الرّبّ، وإن كان الكهنة يعزّزون هذا الأمر، أم أنّها أشبه بالأسواق. أعرف ذلك... لقد رأيت بعض المرّات – ليس هنا في روما وإنّما في مكان آخر – لوائح أسعار. قد يسألني أحدكم: "ولكن هل هناك سعر للأسرار؟"، "لا ولكنها تقدمة"، وبالتّالي، إن أراد أحد أن يترك تقدمة – وهذا واجب أيضًا – فليضعها في صندوق التّقادم بشكل خفيّ بدون أن يرى أحدًا قيمة التّقدمة. واليوم أيضاً نجد هذا الخطر. قد يقول لي أحدكم: "ولكن علينا أن نحافظ على الكنيسة"، نعم صحيح ولكن ليحافظ عليها المؤمنون من خلال صندوق التّقادم ولا من خلال لائحة أسعار.

وفي هذا السّياق، أحذّركم أيضًا من تجربة روح العالم، وهذا الأمر يحصل اليوم أيضًا. هناك خطر أن تصبح كنائسنا أسواقًا، لا بل ليس هذا وحسب. لنفكّر في بعض الاحتفالات أكانت احتفالات بسرٍّ ما أو مجرّد تذكار، حيث لا يمكنك أن تعرف إن كنت في مكان عبادة أي بيت الله أم أنّك في جلسة اجتماعيّة. هناك احتفالات عديدة قد طغت عليها روح العالم. صحيح أنّه على الاحتفالات أن تكون جميلة ولكن لا دنيويّة لأنّ روح العالم تتعلّق بالإله المال. وهذه عبادة أصنام صرفة. وهذا الأمر يجعلنا نفكّر: كيف هو حماسنا وغيرتنا تجاه كنائسنا؟ بأي احترام ندخل إليها؟

ولكن، هناك أيضًا أمر آخر يجب أن يجعلنا نفكّر؛ يقول القدّيس بولس في القراءة التي تقدّمها لنا اللّيتورجية اليوم من الرّسالة إلى أهل كورنتس: "أَما تَعلَمونَ أَنَّكُم هَيكَلُ الله، وأَنَّ رُوحَ اللهِ حالٌّ فيكم؟ مَن هَدَمَ هَيكَلَ اللهِ هَدَمَه الله، لأَنَّ هَيكَلَ اللهِ مُقدَّس، وهذا الهَيكَلُ هو أَنتُم". نحن هيكل الله أيضًا وعلى هذا الأمر أن يدفعنا لننظر إلى داخلنا وليسأل كلٌّ منا نفسه: "كيف هو قلبي؟" "إنه قلب خاطئ"، جميعنا خطأة، ولكن هذه ليست عبادة أصنام بل هذا الأمر يحملك على التّواضع وإلى القداسة، أما السّؤال فينبغي أن يكون هل قلبي دنيوي أو يعبد الأصنام؟

أنا لا أسأل ما هي خطيئتك أو ما هي خطيئتي؛ وإنّما إن كان هناك صنم في داخلك إن كان في داخلك الإله المال. إن كان هناك خطيئة في داخلك وذهبت إلى الرّبّ الإله الرّحوم فهو سيغفر لك، ولكن إن كان هناك الرّبّ الآخر – أيّ الإله المال – فأنت فاسد ولست مجرّد خاطئ، لأنّ نواة الفساد هي عبادة الأصنام أيّ أن يبيع المرء نفسه للإله المال، وإله السّلطة."