الفاتيكان
19 نيسان 2022, 05:00

البابا فرنسيس: لنسمح لله أن ينتصر في حياتنا!

تيلي لوميار/ نورسات
في إثنين تهنئة العذراء، تلا البابا فرنسيس صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، وإليهم توجّه بكلمة قبل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنّ الأيّام في ثمانيّة الفصح هي مثل يوم واحد تطول فيه فرحة القيامة. وهكذا يستمرّ الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم في إخبارنا عن القائم من بين الأموات وظهوره للمرأتين اللّتين ذهبتا إلى القبر. ذهب يسوع للقائهما وحيّاهما. ثمّ قال لهما أمرين، سوف يفيدنا نحن أيضًا أن نقبلهما كعطيّة فصحيّة.

أوّلاً، يطمئنهما بكلمتين بسيطتين: "لا تخافا". إنَّ الرّبّ يعرف أنّ المخاوف هم أعداؤنا اليوميّين. هو يعرف أيضًا أنّ مخاوفنا تنبع من الخوف الشّديد، الخوف من الموت: الخوف من التّلاشي، وفقدان الأحبّاء، والمرض، وعدم القدرة على المضيّ قدمًا... ولكن في الفصح، انتصر يسوع على الموت. لذلك لا أحد يمكنه أن يقول لنا بشكل أكثر إقناعًا: "لا تخافوا". يقولها الرّبّ هناك بالذّات، بالقرب من القبر الّذي خرج منه منتصرًا. وهكذا يدعونا لكي نخرج من قبور مخاوفنا. هو يعرف أنّ الخوف يتربّص على الدّوام عند باب قلبنا وأنّنا بحاجة إلى أن نسمعه يكرّر لنا لا تخافوا: في صباح عيد الفصح كما في صباح كلّ يوم. أيّها الأخ، أيّتها الأخت أنتم الّذين تؤمنون بالمسيح، لا تخافوا! "أنا- يقول لك يسوع- اختبرتُ الموت من أجلك، وأخذت شرّك على عاتقي. والآن قمت من الموت لكي أقول لك: أنا هنا معك إلى الأبد. لا تخف!

لكن كيف يمكننا أن نحارب الخوف؟ يساعدنا في ذلك الأمر الثّاني الّذي قاله يسوع للمرأتين: "إِذْهَبا فَقُولا لِإِخوَتي، يَمضوا إِلى الجَليل، فهُناكَ يَرَونَني". إذهبوا لتُعلنوا. إنَّ الخوف يغلقنا دائمًا على أنفسنا؛ أمّا يسوع، فيخرجنا ويرسلنا إلى الآخرين. هذا هو العلاج. لكنّني- يمكننا أن نقول- لست قادرًا! لم تكن هاتان المرأتان بالتّأكيد الأنسب والأكثر استعدادًا لكي تُعلنا القائم من بين الأموات، لكن الرّبّ لا يبالي بذلك. ما يهمُّه هو أن يخرج الأشخاص ويعلنوا، لأنّه لا يجب أن نحتفظ بفرح عيد الفصح لأنفسنا. إنَّ فرح المسيح يتقوّى عندما نعطيه للآخرين ويتضاعف عندما نتشاركه معهم. وإذا انفتحنا وحملنا الإنجيل، تتّسع قلوبنا وتتغلّب على الخوف.

لكنَّ نصّ اليوم يخبرنا أنّ الإعلان قد يواجه عقبة: الزّور والكذب. في الواقع، يروي الإنجيل "إعلانًا مضادًّا"، وهو إعلان الجنود الّذين كانوا يحرسون قبر يسوع. هؤلاء كانوا قد أخذوا مالاً كثيرًا وتلقّوا هذه التّعليمات: "قولوا إِنَّ تَلاميذَه جاؤوا لَيلاً فسَرقوه ونَحنُ نائمون". هذا هو الكذب، منطق الكتمان والتّستُّر، الّذي يتعارض مع إعلان الحقيقة. وهو تذكير لنا أيضًا: إنَّ الأكاذيب- بالكلمات والحياة- تلوّث البشارة، وتُفسدنا في الدّاخل، وتعيدنا إلى القبر. أمّا القائم من بين الأموات فيريدنا أن نخرج من قبور الأكاذيب والازدواجيّة.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالتّأكيد نحن نتشكّك عندما نكتشف من خلال المعلومات الأكاذيب والزّيف في حياة الأشخاص وفي المجتمع. لكن لنُعطِ أيضًا إسمًا للأكاذيب الّتي نحملها في داخلنا! ولنضع عتماتنا هذه وزيفنا أمام نور يسوع القائم من بين الأموات. هو يريد أن يحمل إلى النّور الأشياء الخفيّة، لكي يجعلنا شهودًا شفّافين ومنيرين لفرح الإنجيل، والحقيقة الّتي تحرّرنا. لتساعدنا مريم، أمّ القائم من الموت لكي نتغلّب على مخاوفنا ولتعطينا الشّغف من أجل الحقيقة".

بعد تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السّماء حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أتمنّى لكم جميعًا مجدّدًا فصحًا مجيدًا! يا سكّان روما والحجّاج القادمين من بلدان مختلفة! لتُعطِ نعمة الرّبّ القائم من بين الأموات الرّاحة والرّجاء للّذين يتألّمون: فلا يُترك أحد وحده! وتترك الخلافات والحروب والنّزاعات المجال للتّفاهم والمصالحة. علينا أن نسلِّط الضّوء دائمًا على هذه الكلمة: المصالحة، لأنّ ما فعله يسوع على الجلجلة وبقيامته هو أن يصالحنا جميعًا مع الآب، مع الله ومع بعضنا البعض. إنَّ الله قد انتصر في معركة حاسمة ضدّ روح الشّرّ: لنسمح له أن ينتصر في حياتنا! لنتخلّى عن خططنا البشريّة، لنتحوّل إلى مخطّطاته، مخطّطات السّلام والعدالة.

أشكر جميع الّذين أرسلوا لي في هذه الأيّام أطيب التّمنّيات. وأنا ممتنّ بشكل خاصّ أيضًا على الصّلوات! أسأل الله بشفاعة العذراء مريم أن يكافئ كلّ فرد منكم بعطاياه. أتمنّى لكم جميعًا أن تعيشوا أيّام الفصح هذه في السّلام والفرح اللّذين يأتيان من المسيح القائم من بين الأموات. ومن فضلكم واصلوا صلواتكم من أجلي."