الفاتيكان
20 شباط 2023, 08:50

البابا فرنسيس: محبّة الله هي دائمًا "زيادة" تتجاوز المعايير المعتادة

تيلي لوميار/ نورسات
في كلمته قبل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، توقّف البابا فرنسيس عند إنجيل متّى 5: 38- 47، والّذي فيه يدعو يسوع إلى أن نعرض الخدّ الآخر لمن يلطمنا على خدّنا الأيمن، وأن نحبّ أعداءنا، لافتًا إلى أنّه "عند هذه الكلمات الّتي قد تبدو غريبة، فمن الطّبيعيّ بالنّسبة لنا أن نحبّ من يحبّنا، إلّا أنّ يسوع يسأل إن فعلنا هذا "فأيَّ زِيادةٍ فعَلتُم؟" (٤٧).

وإنطلاقًا من هنا، توقّف البابا عند كلمة "زيادة"، "أيّ ما يتجاوز حدود المعتاد والتّصرّفات التّقليديّة والحسابات الّتي يمليها الحذر"، وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّنا نسعى في المقابل إلى أن يكون كلّ شيء على ما يرام بالشّكل الّذي يتماشى مع معاييرنا، وذلك تخوّفًا من عدم تَلَقّي مقابل أو أن تُخيَّب آمالنا، وهكذا نُفضّل أن نحبّ فقط من يحبّنا، وعمل الخير فقط لمن هو خيِّر معنا، وأن نكون كراما فقط مع من يمكنه أن يردّ لنا الجميل، بينما نجيب على من يعاملنا بشكل سيّء بالعملة ذاتها. إلّا أنّ الرّبّ يحذّرنا، فهذا ليس كافيًا، وإنّ هذا ليس مسيحيًّا، إن بقينا في المعتاد وفي الموازنة بين ما نعطي وما نتلقّى فلن تتغيّر الأمور. إن كان الرّبّ قد اتّبع هذا المنطق فما كان لنا رجاء في الخلاص، ولكن محبّة الله هي دائمًا "زيادة"، تتجاوز المعايير المعتادة الّتي نعيش بها نحن البشر حياتنا.

إنّ كلمات يسوع هذه تتحدّانا بالتّالي، فبينما نحاول البقاء في إطار الحسابات المعتادة يطلب الرّبّ منّا الانفتاح على غير المعتاد، "الزّيادة"، والّتي هي المحبّة المجّانيّة، على عدم توازن المحبّة. إنّ الله لو لم يخرج عن المألوف لما كان ليجيء للبحث عنّا بينما كنّا ضالّين وبعيدين، لم يكن ليعانق الصّليب من أجلنا نحن الّذين لا نستحقّ كلّ هذا وغير القادرين على أن نمنحه شيئًا في المقابل."  

وذكّر البابا فرنسيس في هذا السّياق بما كتب القدّيس بولس الرّسول: "ولا يَكادُ يَموتُ أَحَدٌ مِن أَجْلِ امرِئٍ بارّ، ورُبَّما جَرُؤَ أَحَدٌ أَن يَموتَ مِن أَجْلِ امرِئٍ صالِح. أَمَّا اللهُ فقَد دَلَّ على مَحبتِّهِ لَنا بِأَنَّ المسيحَ قد ماتَ مِن أَجْلِنا إِذ كُنَّا خاطِئين" (رومة ٥، ٧-٨). الله يحبّنا إذن بينما نحن خاطئون، لا لأنّنا أبرار أو قادرون على أن نمنحه شيئا في المقابل، محبّة الله هي دائمًا "زائدة"، متجاوزة للحسابات، وهو يطلب منّا نحن أيضًا أن نعيش بهذه الطّريقة، فهكذا فقط سنشهد له بالفعل".

وفي ختام حديثه إلى المؤمنين والحجّاج قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، شدّد البابا فرنسيس على أنّ "الرّبّ يقترح علينا الخروج من منطق الاستفادة وألّا نقيس المحبّة بميزان الحسابات والمصلحة، يدعونا إلى عدم الرّدّ على الشّرّ بالشّرّ، بل أن نتجرّأ في الخير ونخاطر في العطاء حتّى وإن كنّا سنتلقّى القليل أو لا شيء في المقابل. إنّ هذه المحبّة هي الّتي تبدِّل تدريجيًّا النّزاعات وتقرِّب المسافات، تتجاوز العداوات، وتشفي جروح الكراهيّة. ودعا البابا إلى أن نسأل أنفسنا "هل أتبع في حياتي منطق الحسابات أم المجّانيّة؟ إنّ محبّة المسيح الزّائدة ليست سهلة لكنّها ممكنة، وذلك لأنّه هو ذاته يساعدنا واهبًا إيّانا روحه، محبّته بدون حدود."

في الختام، تضرّع البابا إلى مريم العذراء الّتي أجابت الله بـ"نعم" خالية من الحسابات، ثمّ وجّه عقب صلاة التّبشير الملائكيّ أفكاره نحو المتألّمين، إذ أشار أنّه يفكّر "بشكل خاصّ في سوريا وتركيا والأعداد الكبيرة من ضحايا الزّلزال، وأيضًا في المآسي اليوميّة للشّعب الأوكرانيّ العزيز والكثير من الشّعوب الّتي تعاني بسبب الحرب والفقر وغياب الحرّيّة ودمار البيئة". وأعرب عن قربه من سكّان نيوزيلندا الّتي يضربها هذه الأيّام إعصار مدمّر، مشدّدًا على ضرورة عدم نيسان مَن يعانون، وأيضًا على ضرورة أن تكون محبّتنا ملموسة.