الفاتيكان
17 حزيران 2022, 09:30

البابا فرنسيس يؤكّد على ضرورة مرافقة جديدة للمقبلين على الزّواج

تيلي لوميار/ نورسات
نشرت دائرة العلمانيّين والعائلة والحياة الأربعاء توجيهات راعويّة للكنائس الخاصّة حول مسارات الموعوظين للحياة الزّوجيّة.

وبحسب "فاتيكان نيوز"، "تسبق التّوجيهات مقدّمةٌ كتبها البابا فرنسيس وأشار في بدايتها إلى عبارة جاءت في البيان الختاميّ لسينودس الأساقفة حول العائلة: "الإعلان المسيحيّ الخاصّ بالعائلة هو حقًّا بشرى سارّة"، وأضاف أنّ هذه العبارة كانت جديرة بأن يستهلّ بها الإرشاد الرّسوليّ ما بعد السّينودس "فرح الحبّ"، وذلك لأنّ الكنيسة مدعوّة في كلّ حقبة إلى أن تعلن مجدّدًا، وخاصّة للشّباب، ما يحتويه سرّ الزّواج والحياة العائليّة النّاتجة عنه من جمال ونعمة وافرة. كما وتحدّث البابا فرنسيس عن سنة العائلة "فرح الحبّ" الّتي أعلنها من أجل وضع العائلة في المركز والتّأمّل في الإرشاد الرّسوليّ المذكور وتحفيز الكنيسة بكاملها في الالتزام الفَرِح من أجل الكرازة للعائلة ومعها.

ثمّ توقّف الأب الأقدس عند هذه السّنة الخاصّة فقال إنّ إحدى ثمارها هي مسارات الموعوظين للحياة العائليّة والّتي يوكلها قداسته الآن، حسب ما ذكر، إلى الرّعاة والمتزوّجين وجميع العاملين في رعويّة العائلة. وأضاف أنّ هذه المسارات هي أداة رعويّة أعدّتها دائرة العلمانيّين والعائلة والحياة انطلاقًا ممّا عبَّر عنه بشكل متكرّر، أيّ الحاجة إلى تنشئة جديدة للإعداد للزّواج. وأشار قداسته إلى حاجة عاجلة إلى تطبيقٍ فعليّ لما جاء في الإرشاد الرّسوليّ للبابا يوحنّا بولس الثّاني "Familiaris consortio" حول أهمّيّة تنشئة الموعوظين باعتبارها جزءًا من مسيرة سرّ الزّواج، وأن يصبح الإعداد للزّواج جزءًا لا يتجزّأ من هذه المسيرة. وشدّد قداسة البابا هنا على أنّ إعدادًا سطحيًّا للمشرفين على الزّواج يُعرّضهم لخطر زواج ضعيف الأساس يمكنه الانهيار خلال فترة وجيزة وغير قادر حتّى على مواجهة الأزمات الأولى الّتي لا مفرّ منها. وتابع البابا أنّ هذا الفشل يسبّب معاناة كبيرة ويخلِّف جراحًا عميقة لدى الأشخاص فيصابون بخيبة الأمل والمرارة، وفي الحالات الأكثر ألمًا ينتهي بهم الأمر إلى عدم الثّقة بعد في الدّعوة إلى الحبّ الّتي وضعها الله في قلب كلّ كائن بشريّ. هناك في المقام الأوّل بالتّالي، حسب ما واصل البابا فرنسيس، واجب المرافقة بحسّ المسؤوليّة لمن ينوون الارتباط في الزّواج وذلك لحمايتهم من صدمات الانفصال ومن خطر فقدان الثّقة في الحبّ.

تحدّث البابا فرنسيس بعد ذلك عن حسّ العدالة الّذي يجب أن يحرّكنا، وقال إنّ الكنيسة أمّ، والأمّ لا تفضِّل ابنًا عن آخر ولا تعامل الأبناء بلا مساواة، كما وتوفّر للجميع الرّعاية ذاتها والاهتمام ذاته والوقت عينه. وشدّد قداسته هنا على أنّ تكريس الوقت هو علامة محبّة، مضيفًا أنّه يفكّر في هذا حين يرى أنّ الكنيسة تكرّس الكثير من الوقت، بضع سنوات، لإعداد المرشّحين للكهنوت أو الحياة المكرّسة بينما لا تكرّس سوى بضعة أشهر لمن يستعدّون للزّواج والّذين هم مثل الكهنة والمكرّسين أبناء الأمّ الكنيسة. كما وأراد الأب الأقدس هنا تسليط الضّوء على أنّ المتزوّجين يشكّلون أغلبيّة المؤمنين وغالبًا ما يكونون دعامة الرّعايا ومجموعات العمل الطّوعيّ والجمعيّات والحركات، كما أنّهم حماة الحياة وذلك لا فقط لأنّهم ينجبون الأبناء ويربّونهم ويرافقونهم في نموّهم، بل وأيضًا لرعايتهم للمسنّين في العائلة وتكريسهم الوقت للأشخاص المعانين من إعاقات وغالبًا أيضًا للكثير من أوضاع الفقر الّتي يلتقونها. تحدّث البابا فرنسيس أيضًا عن أنّه في العائلات تولد الدّعوة إلى الكهنوت والحياة المكرّسة، كما وأنّ العائلات هي الّتي تشكّل نسيج المجتمع وتحفظه من التّفكّك بالصّبر والتّضحية اليوميّة. على الكنيسة بالتّالي كأمّ واجب تكريس الوقت والطّاقة لمن يدعوهم الرّبّ إلى رسالة بمثل هذا الكبر.

هذا وأعرب قداسة البابا عن الرّجاء أن تلي هذه الوثيقةَ الأولى الّتي يكتب المقدّمة لها وثيقة أخرى سريعًا تشير إلى طرق رعويّة ومسارات ممكنة لمرافقة مَن اختبروا فشل زواجهم ويعيشون علاقات جديدة أو تزوّجوا مجدّدًا زواجًا مدنيًّا. وأكّد الأب الأقدس رغبة الكنيسة في أن تكون قريبة من هؤلاء الأشخاص كي لا يشعروا بأنّهم متروكون بمفردهم، وكي يتمكّنوا من أن يجدوا في جماعاتهم أماكن استقبال ومساعدة على التّمييز والمشاركة. وأضاف البابا فرنسيس أنّ هذه الوثيقة هي هبة من جهة وواجب من جهة أخرى. فهي هبة لأنّها توفّر للجميع مادّة وافرة ومحفّزة هي ثمرة تأمّل وخبرة رعويّة تمّ تطبيقها في أبرشيّات عديدة في العالم، وهي أيضًا واجب لأنّنا لا نتحدّث عن وصفة سحريّة تعمل بشكل تلقائيّ بل عن رداء يجب حياكته على مقاس مَن سيرتديه. وقال البابا إنّ الوثيقة تتضمّن توجيهات يجب استقبالها وتطبيقها في الأوضاع الاجتماعيّة والثّقافيّة والكنسيّة الملموسة الّتي تعيش فيها كلّ كنيسة خاصّة. وشدّد الأب الأقدس بالتّالي على أهمّيّة مرونة وحماسة وإبداع رعاة الكنيسة والمتعاونين معهم من أجل جعل فعل التّكوين والإعلان ومرافقة العائلات هذا، الّذي يدعونا إليه الرّوح القدس، أكثر حيويّة.

وفي ختام تقديمه لهذه الوثيقة الصّادرة عن دائرة العلمانيّين والعائلة والحياة دعا البابا فرنسيس جميع العاملين في رعويّة العائلة إلى أن يتبنّوا كلمات القدّيس بولس الرّسول "وما قَصَّرتُ في شَيءٍ يُفيدُكم، بل كُنتُ أَعِظُكم وأُعَلِّمُكم" (راجع أعمال الرّسل 20، 20)، وذلك أمام واجب قد يبدوا صعبًا وشاقًّا. فلنَقم بالخطوات الأولى ولنطلق مسيرات تجدّد رعويّ."