الفاتيكان
14 نيسان 2020, 12:30

البابا فرنسيس يصلّي من أجل الوحدة والشّركة في ظلّ الصّعوبات

تيلي لوميار/ نورسات
طلب البابا فرنسيس من الله، في قدّاسه الصّباحيّ اليوم في كابيلا القدّيسة مرتا، "نعمة الوحدة فيما بيننا، ولكي تجعلنا صعوبات هذه المرحلة نكتشف الشّركة بيننا"، وتؤكّد بأنّ "الوحدة هي على الدّوام فوق كلّ انقسام".

هذا وأكّد البابا- على ضوء سفر أعمال الرّسل حول دعوة بطرس اليهود إلى التّوبة والمعموديّة"- أنّ "الارتداد هو عودة إلى الأمانة، وموقف بشريّ غير اعتياديّ في حياتنا، ولكنّنا مدعوّون لنكون أمناء في السّرّاء والضّرّاء وفي حالات الشّكّ أيضًا"، مشيرًا إلى أنّ "ضماناتنا وللأسف ليست الضّمانات الّتي يعطينا الرّبّ إيّاها ولكنّها الأصنام الّتي تجعلنا غير أمناء. وحياتنا وتاريخ الكنيسة مفعمَينِ بعدم الأمانة".

أمّا على ظهور يسوع لمريم المجدليّة الّتي كانت تبكي عند القبر، فقال البابا: "لقد فطرت عظة بطرس في يوم العنصرة قلوب الّذين سمعوه: "هذا الَّذي صَلَبتُموه أَنتُم، قد جَعَلَه اللهُ رَبًّا ومَسيحًا"، فلَمَّا سَمِعوا ذلكَ الكَلام، تَفَطَّرَت قُلوبُهم، فقالوا لِبُطرُسَ ولِسائِرِ الرُّسُل: "ماذا نَعمَل أَيُّها الأخَوة؟"، لقد كان بطرس واضحًا معهم وقال لهم: "توبوا وغيّروا حياتكم. أنتم الّذين نلتم وعد الله وقد ابتعدتم عن شريعة الله وتبعتم أمورًا أخرى وأصنامًا عديدة... توبوا وعودوا إلى الأمانة". هذا هو الارتداد: العودة إلى الأمانة، ذلك الموقف غير الاعتياديّ في حياة النّاس وفي حياتنا. إذ هناك أوهام على الدّوام تلفت انتباهنا وغالبًا ما نريد أن نذهب خلف هذه الأوهام فيما نحن مدعوّون لكي نعيش الأمانة في السّرّاء والضّرّاء.

هناك آية من سفر الأخبار الثّاني تؤثّر فيَّ كثيرًا وهي في بداية الفصل الثّاني عشر: "وَلَمَّا تَثَبَّتَت مَملَكَةُ رَحُبعَامَ وَتَشَدَّدَت، تَرَكَ شَرِيعَةَ الرَّبِّ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ"، هكذا يقول الكتاب المقدّس، إنّه واقع تاريخيّ ولكنّه أيضًا حقيقة شاملة. غالبًا عندما نشعر بالثّقة نبدأ بالقيام بمشاريعنا ونبتعد رويدًا رويدًا عن الرّبّ، ولا نبقى أمناء، لأنّ هذه الثّقة الّتي أتحلّى بها والضّمانات الّتي أعتمد عليها ليست من الرّبّ بل هي صنمًا. وهذا ما حصل مع رحُبعام ومع شعب إسرائيل. وَلَمَّا تَثَبَّتَت مَمْلَكَته وَتَشَدَّدَتْ، تَرَكَ رَحُبْعَامَ شَرِيعَةَ الرَّبِّ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ وبدؤوا بعبادة الأصنام. قد يقول لي أحدكم: "لكن يا أبتي أنا لا أعبد الأصنام ولا أسجد لها"، لا ربّما لا تفعل ذلك ولكنّك غالبًا ما تبحث عنها في قلبك وتعبدك، إنّ ثقتنا المفرطة بذاتنا تفتح الأبواب للأصنام.

"لكن هل الثّقة بالذّات هي أمر سيّء؟"، لا بل هي نعمة، من الجيّد أن يتحلّى المرء بالثّقة ولكن ينبغي أن تكون الثّقة بأنّ الرّبّ معي، ولكن عندما أكون أنا محور ثقتي، وأبتعد عن الرّبّ على مثال الملك رحُبعام أفقد أمانتي، من الصّعب جدًّا علينا أن نحافظ على أمانتنا، وتاريخ شعب إسرائيل وكذلك تاريخ الكنيسة مليئان بقصص عدم الأمانة، وبالأنانيّة وبالضّمانات الّتي يضعها شعب الله لذاته والّتي تبعده عن الرّبّ، فيفقد نعمة الأمانة. حتّى فيما بيننا نحن الأشخاص تشكّل الأمانة فضيلة، ولكنّنا لسنا أمناء لبعضنا البعض دائمًا، ولذلك تأتي دعوة بطرس لنا: "توبوا، وعودوا إلى الأمانة مع الرّبّ!".

في الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجية اليوم نجد أيقونة الأمانة: تلك المرأة الأمينة الّتي لم تنس أبدًا كلَّ ما فعله الرّبّ معها. لقد كانت هناك أمينة إزاء المستحيل وإزاء المأساة، لقد تحلّت بأمانة لدرجة جعلتها تفكّر أنّه بإمكانها أن تعيد جسد الرّبّ إن كان البستانيّ قد أخذه... إمرأة ضعيفة ولكنّها أمينة. إنّ مريم المجدليّة، "رسولة" الرّسل هي أيقونة الأمانة.

لنطلب اليوم من الرّبّ نعمة الأمانة، ولنشكره عندما يمنحنا ضمانات وألّا نفكّر أبدًا بأنّها هي ضماناتنا الشّخصيّة وننظر إلى أبعد من ضماناتنا؛ ولنطلب أيضًا نعمة أن نكون أمناء أمام القبور وأمام سقوط العديد من الأوهام، لأنّه ليس من السّهل أبدًا أن نحافظ على الأمانة وبالتّالي لنطلب منه هو أن يحفظنا فيها".

وفي الختام، منح البابا البركة ودعا المؤمنين إلى المناولة الرّوحيّة.