الفاتيكان
21 حزيران 2021, 11:50

البابا يوجّه نداء من أجل ميانمار ويدعو إلى الانفتاح على اللّاجئين

تيلي لوميار/ نورسات
ضمّ البابا فرنسيس، ظهر الأحد بعد صلاة التّبشير الملائكيّ، صوته إلى صوت أساقفة ميانمار الّذين أطلقوا الأسبوع الماضي نداء لفتوا فيه انتباه العالم بأسره إلى الخبرة المروّعة لآلاف الأشخاص النّازحين في ذلك البلد والّذين يموتون من الجوع، مناشدًا معهم "بلطف السّماح بممرّات إنسانيّة وأن يتمّ احترام الكنائس والمعابد والأديار والمساجد والهياكل وكذلك المدارس والمستشفيات باعتبارها أماكن ملجأ محايدة"، طالبًا أن "يلمس قلب المسيح قلوب الجميع وليحمل السّلام إلى ميانمار".

كما صلّى البابا من أجل اللّاجئين في يومهم العالميّ، داعيًا إلى فتح القلوب على اللّاجئين وتبنّي أحزانهم وأفراحهم، والتّعلّم من مرونتهم الشّجاعة، فـ"هكذا "معًا، سننمِّي جماعة أكثر إنسانيّة، عائلة واحدة كبيرة."  

وكان البابا قبيل الصّلاة قد ألقى كلمة روحيّة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يروي إنجيل اليوم حادثة العاصفة الّتي هدّأها يسوع، حيث عَصَفَت ريحٌ شَديدَة، وَأَخَذَتِ الأَمواجُ تَندَفِعُ عَلى السَّفينَة الّتي كان التّلاميذ يعبرون عليها إلى الشّاطئ الآخر من البحيرة. لقد خافوا من أن يغرقوا مع جميع أحلامهم ومشاريع حياتهم. كان يسوع معهم في السّفينة، ولكنّه كان في مُؤَخَّرِها نائِمًا عَلى الوِسادَة. فارتعب التّلاميذ ومن خوفهم صرخوا: "يا مُعَلِّم، أَما تُبالي أَنَّنا نَهلِك؟".

من يعلم كم من مرّة، إذ اعترضتنا تجارب الحياة، صرخنا نحن أيضًا إلى الرّبّ: "لماذا تبقى صامتًا ولا تفعل شيئًا من أجلي؟" لاسيّما عندما يبدو أنّنا نغرق، أو لأنّ الحبّ أو المشروع الّذي وضعنا فيه آمالًا كبيرة يتلاشى؛ أو عندما نكون تحت رحمة موجات القلق المستمرّة؛ أو عندما نشعر بأنّ المشاكل تغمرنا أو أنّنا ضياع في وسط بحر الحياة، بدون وجهة وبدون ميناء. كذلك في اللّحظات الّتي تخور فيها قوانا لكي نمضي قدمًا، لأنّه ليس لدينا عمل أو بسبب تشخيص غير متوقّع يجعلنا نخشى على صحّتنا أو صحّة أحبّائنا.

في هذه الحالات وغيرها، نشعر نحن أيضًا بالاختناق بسبب الخوف، ومثل التّلاميذ، نجازف بأن نغفل عن الشّيء الأكثر أهمّيّة. على القارب في الواقع، حتّى ولو كان نائمًا، كان يسوع موجودًا، وكان يشارك تلاميذه كلّ ما كان يحدث. وإن كان نومه من جهة يفاجئنا، لكنّه يمتحننا من جهّة أخرى. إنَّ الرّبّ في الواقع، يتوقّع منّا أن نشركه، وندعوه، ونضعه في محور ما نعيشه. إنَّ نومه يجعلنا نستيقظ. لأنّه، لكي نكون تلاميذًا ليسوع، لا يكفي أن نؤمِن بوجود الله، أن نخاطر معه. لا يكفي أن نعرف أنّ الله موجود، وإنّما علينا أيضًا أن نرفع صوتنا معه، ونصرخ إليه.

يمكننا اليوم أن نسأل أنفسنا: ما هي الرّياح الّتي تضرب حياتي الآن، وما هي الأمواج الّتي تعيق إبحاري؟ لنقل هذا كلّه ليسوع، ولنخبره بكلّ شيء. هو يرغب في ذلك، ويريدنا أن نتشبّث به لكي نجد مأوى ضدّ أمواج الحياة. يخبرنا الإنجيل أنّ التّلاميذ قد اقتربوا من يسوع، وأيقظوه وتحدّثوا إليه. هذه هي بداية إيماننا: أن نعترف أنّنا وحدنا غير قادرين على الصّمود، وأنّنا بحاجة إلى يسوع كما يحتاج البحّارة للنّجوم لكي يجدوا وجهتهم. يبدأ الإيمان بالاعتقاد بأنّنا لا نكفي لأنفسنا، وبالشّعور بالحاجة إلى الله؛ وعندما نتغلّب على تجربة الانغلاق على أنفسنا، وعندما نتخطّى التّديّن الباطل الّذي لا يريد أن يزعج الله، وعندما نصرخ إليه، عندها يمكنه أن يصنع العظائم فينا. إنّها قوّة الصّلاة الوديعة والرّائعة الّتي تصنع المعجزات.

إنّ يسوع وإذ سأله تلاميذه هدّأ الرّيح والأمواج، وطرح عليهم سؤالاً يهمُّنا نحن أيضًا: "ما بالُكُم خائِفينَ هَذا الخَوف؟ أَإِلى الآنَ لا إيمانَ لَكُم؟". لقد سمح التّلاميذ للخوف بأن يسيطر عليهم، لأنّهم ظلّوا يحدّقون في الأمواج بدلاً من أن ينظروا إلى يسوع. وهكذا هو الأمر بالنّسبة لنا أيضًا: كم من مرّة نقف محدّقين في المشاكل الّتي تعترضنا بدلاً من أن نذهب إلى الرّبّ ونلقي همومنا عليه! كم من مرّة، مثل التّلاميذ، نترك الرّبّ في زاوية، في مؤخِّرة سفينة الحياة، لنوقظه فقط عند الحاجة! لنطلب اليوم نعمة الإيمان الّذي لا يتعب أبدًا من طلب الرّبّ، وطرق بابه، والصّراخ إلى قلبه.

لتوقظ فينا العذراء مريم، الّتي لم تكفَّ أبدًا في حياتها عن الثّقة بالله، الحاجة الحيويّة لنسلّم أنفسنا إليه يوميًّا."