البطريرك الراعي استقبل وفد كهنة ابرشية ميلانو - بكركي
عبّر رئيس الوفد المطران دلبيني عن "سعادة الاباء بلقاء البطريرك الراعي،" ناقلا "محبة وتحيات رئيس اساقفة ميلانو الكاردينال انجيلو سكولا"، الذي تعذر عليه مرافقة الوفد الى لبنان، لاهتمامه بتنظيم زيارة البابا فرنسيس الى ميلانو في عيد البشارة يوم السبت المقبل.
ولفت دلبيني الى ان"هناك وحدة وتضامن وشراكة بين ابرشية ميلانو والكنيسة المارونية التي اصبح لها رعية في الابرشية."
استهل اللقاء الذي عقد في مسرح الصرح البطريركي بحضور السفير البابوي المطران غابرييلي كاتشا، المطران منير خيرالله راعي ابرشية البترون، المعاون البطريركي المطران جوزيف نفاع، واساتذة من جامعة الروح القدس الكسليك، بكلمة للبطريرك الراعي تمحورت حول "دور الكنيسة المارونية في الحياة السياسية والاجتماعية والإقتصادية في لبنان"، مشيرا الى "محيط لبنان الجغرافي من خلال خريطة كبيرة تظهر لبنان كبلد متنوع للأديان والحضارات وسط عالم واسع من الدول الإسلامية التي تعتمد انظمتها السياسية والتشريعية على الدين الاسلامي."
ولفت الى ان "لبنان في موقعه الجغرافي على البحر الأبيض المتوسط يعتبر بوابة الشرق الى العالم الغربي وهو الممر الطبيعي والإلزامي لتبادل الحضارات بين الشرق والغرب ان من خلال موقعه او من خلال تركيبته المتميزة. كما انه بلد ديمقراطي تعهد ابنائه منذ اتفاق 1943 على العيش المشترك والاحترام المتبادل فيما بينهم، وهكذا فصل السياسة عن الدين ونص نظامه العام وتشريعه على احترام نظام وتشريع كل طائفة فكان نظام الاحوال الشخصية."
وشدد على "اهمية هذا النظام المتوازن بين انظمة الدول التوتاليتارية والنظام الغربي الحالي المتفلت. كما اشار مستعينا بخريطة لبنان الى قرى وبلدات انتشار المسيحيين في لبنان وتوزيع الأبرشيات المارونية على كامل مساحة الوطن، موضحا عملية انتشار المدارس والجامعات منذ القرن الخامس عشر مع الإرساليات الأجنبية "كمنطلق لهم الى العالم العربي الإسلامي."
ولفت الى "الطموح اللبناني ونجاحات اللبنانيين في كل دول العالم،" معتبرا ان "هذه النجاحات مستمدة من طبيعة لبنان. فالبحر الممتد امامهم دفعهم الى الانفتاح على العالم، والساحل الضيق مع الصعود المتنامي للجبال كان له الدور في تطلعهم دائما نحو العلى مزودين بالطموح المتنامي".
وحذر من " خطر اضمحلال دور لبنان، هذا البلد الصغير بمساحته والغني بأبنائه لسببين: اولا الحرب السورية والكم الكبير من النازحين السوريين الذين اتوا الى لبنان وباتوا يشكلون مع اللاجئين الفلسطينيين نصف عدد سكانه وهم بالتالي يزاحمون اللبنانيين على لقمة العيش ويشكلون عبئا على الإقتصاد اللبناني، الأمر الذي يدفع بالكثير من اللبنانيين ولا سيما المسيحيين الى الهجرة."
وتابع:" اما السبب الثاني فهو الخلل الديموغرافي الناتج عن عدم توازن العدد بين المسلمين والمسيحيين."
وختم الكاردينال الراعي داعيا "المجتمع الغربي الى لعب دوره في دعم لبنان لكي يبقى خميرة وحاجة للغرب والشرق."
ثم كانت مداخلة للراهب اللبناني الأب شربل مكرزل تحدث فيها عن "دور الكنيسة المارونية في نشر وتطوير اللغة العربية". وعرض "للدور الذي لعبته الكنيسة بعد الفتح الإسلامي ان لناحية الترجمة او الشعر او النثر او تأليف الكتب وترجمة الكتاب المقدس والكتب الطقسية والمخطوطات وغيرها من مؤلفات لآباء الكنيسة، ودورها في تأسيس المدارس والجامعات ما ساهم في نشر هذه الثقافة حول العالم."
ثم كانت كلمة لراعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله عن "تاريخ ونشأة الكنيسة" عرض فيها للمراحل التي مرت بها الكنيسة المارونية من مار مارون ورهبانه مرورا بالبطريرك يوحنا مارون والكنيسة البطريركية كمؤسسة وصولا الى الكنيسة المارونية الحديثة.
وختم خيرالله مشيرا الى "اختبار الكنيسة المحلية مع محيطها الإسلامي في المحبة والإنفتاح والتسامح الذين يشكلون روح الكنيسة،" مستندا في عرضه الى شهادات حية.
بعدها تم عرض كلمة مصورة وجهها الكاردينال انجيلو سكولا للمشاركين، على شاشة عملاقة، جاء فيها:" لقد نشأت فكرة تنظيم هذا الحج بعد الدعوة التي وجهها اليّ كل من البطريرك الراعي والبطريرك لويس ساكو لزيارة لبنان والعراق، اضافة الى رغبتي مشاركتكم هذا الاختبار المميز، اختبار كنائس الشرق في تنوعها وملاقاتها في محيطها كأقليات والتحديات التي تواجهها."
ووجدت ان هناك ثلاثة خطوط عريضة يطرحها هذا الاختبار :
1-عيش الانتماء المسيحي في محيط مختلف عنه.
2-الوعي لخير التقاليد واهميتها من دون التقوقع على غرار الغرب الذي يرى في التقوقع والانغلاق وسيلة للمحافظة على التقاليد، وانما بالحوار مع مختلف الطوائف المسيحية والإسلامية. كثيرة هي الوجوه المسيحية من قديسين ورهبان وكهنة ومطارنة وبطاركة تميزت بالحوار والإنفتاح دون فقدان الهوية والتقاليد واشتراكهم بالإيمان بالله الواحد وهذا ما تميز به رجالات الكنيسة المارونية وبطاركتها واخص بالذكر القديس شربل الذي انا من المتعبدين له واسالكم الصلاة لي عند زيارة ضريحه.
3-ميزة الخروج من النرجسية والانفتاح على الآخر ومفاجئته: المسيحيين الشرقيين يعيشون في محيط جيوسياسي معقد. للوهلة الاولى غير محتمل ان كان من خلال اضطهاد الأقليات او النزاعات العسكرية المسلحة ما خلق موجات هائلة من النزوح باتجاه اوروبا التي تتميز بنرجسية مطلقة ادانها قداسة البابا في حين ان المسيحيين الشرقيين كانوا السباقين في احتضانهم.
الكنائس الشرقية التي نزورها هي مثال لنا على مثال كنيسة الرسل في الإنفتاح على الآخر الذي نتشارك معه نفس المصير.
شهادة الدم لإخوتنا المسيحيين في الشرق التي هي شراكة لسر فداء المسيح على الصليب وطريق للقيامة من خلال شهادتهم نحصل على تأكيد صحة وانتصار ايماننا المسيحي وانتصار الصليب والقيامة."
وختم سكولا" اتمنى ان يكون حجكم الى لبنان غذاء لرسالتكم الكهنوتية وتجديدا لمسيرتكم في رعاياكم مسيرة حب وانفتاح على الاخر بتغذية من روحانية الكنيسة الشرقية.
وبعد ظهر اليوم قام البطريرك الراعي يرافقه النائب البطريركي العام المطران حنا علوان بزيارة الى الحبيس المطران شربل مرعي في محبسة دير طاميش حيث كان في استقباله الى جانب المطران مرعي رئيس الدير الاب مارون عوده ولفيف من الرهبان.