لبنان
20 تموز 2018, 11:48

البطريرك الرّاعي من حدشيت: دعوة إلى الدّفاع عن الحقّ والعدل

لمناسبة عيد مار الياس الحيّ، ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي قدّاسًا احتفاليًّا في بلدة حدشيت، في باحة مزار مار الياس، عاونه فيه المطران جوزيف نفّاع والوكيل البطريركيّ الخوري طوني الآغا والأبوان جورج عيد وميلاد الكورة، بحضور فعاليّات البلدة وأهلها.

 

بعد الإنجيل، ألقى البطريرك الرّاعي عظة تحت عنوان "قام إيليّا كالنّار وتوقّد كالمشعل"، فقال: "كالنّار قام إيليّا يحرق الوثنيّة والأوثان والأصنام وكالنّار قام يدافع عن الإله الحقيقيّ وعن عبادته وهو رجل الله رجل الصّلاح رجل الاتّحاد الكامل مع الله وكالمشعل راح يبدّد الظّلم بالكلمة الإلهيّة، تتلمذ له العديدون فأنار لهم ضمائرهم وعقولهم وقلوبهم ولهذا قال عنه يشوع قام إيليّا كالنّار وتوقّد كالمشعل".
أضاف: "يسعدني أن أحتفل معكم ومع سيادة راعي هذه النّيابة البطريركيّة بالاحتفال بعيد شفيعكم وشفيع هذا المكان بل شفيعنا جميعًا مار الياس الحيّ. يليق به هذا المكان لأنّه يذكّرنا بجبل الكرمل، يليق به هذا المكان على الجبل لأنّه توقّد كالنّار وكالمشعل على جبل لكي يضيء كلّ هذه المنطقة. إنّي أحيّيكم وأحيّي إيمانكم وأحيّي محبّتكم لمار الياس وتضحياتكم في تهيئة هذا المكان الجميل أحيّي كلّ الّذين ساهموا وضحّوا بمالهم وتعبهم من أجل إعداد هذا المكان الرّائع وكأنّنا على جبل طابور الّذي منه تجلّى الرّبّ والّذي فيه ومنه صعد إلى السّماء. إنّه جبل مقدّس قدّسه مار الياس قدّستموه بصلواتكم وإيمانكم. أحيّي كهنة الرّعيّة أبونا طوني وجورج وميلاد وأشكر أبونا ميلاد على الكلمة اللّطيفة الجميلة ولكن لا أستحقّ أن تجمع بيني وبين القدّيس إيليّا النّبيّ لكنّها كلمة تأمّليّة كشفت فيها وجه إيليّا النّبيّ. إنّني أقدّم هذه الذّبيحة معكم على نيّة حدشيت العزيزة عائلاتها كبارها وصغارها ونذكر بنوع خاصّ مرضاكم ونذكر الّذين هم منتشرون في مختلف بلدان الانتشار ومعظمهم في أستراليا أينما هم تحت كلّ السّماء نحيّيهم جيمعًا. إنّنا نحيّي في صلواتنا كلّ مواتكم الّذين تركوا لنا الإيمان وعلّمونا الصّلاة من جيل إلى جيل. وأنتم تحملون نواياكم الخاصّة. إنّني أحيّي إلى جانب الكهنة راهبات القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع اللّواتي يعنين بتربية أجيالنا في المدرسة وأحيّي كلّ المربّين في المدارس الرّسميّة وكلّ الأهل الّذين هم المربّون الأوّلون لأولادهم. ضعوا على المذبح كلّ نواياكم الخاصّة لكي تتقدّس مع الخبز والخمر اللّذين يصبحان جسد الرّبّ ودمه".

وتابع: "لا بدّ أن نتوقف على ثلاث أفكار أساسيّة مع القدّيس الياس الحيّ النّبيّ أوّلاً الغيرة على شؤون الله، غيور على شؤون الله يعنيه الدّفاع عن الله الإله الحقيقيّ بوجه كلّ الأوثان والأصنام وإسمه إيليّا باللّفظة العبريّة تعني كما تعلمون "الله إلهي" الله الحقيقيّ هو إلهي لا الأوثان ولا الوثن ووقف بوجه الملك آحاب وزوجته محافظًا على الغيرة وعلى شأن الله هم الّذين أدخلوا على المملكة عبادة الأوثان والأصنام فلم يهب الملك وقف بوحهه وتحدّى كهنة بعل وعلى جبل الكرمل أنزل النّار وأحرقت محرقته وأصبحت الكنيسة تردّد كما سمعنا وسنسمع في القدّاس إستجبني يا ربّ إستجبني، هي كلمة لإيليّا النّبيّ الّذي من بعد أن حاول كهنة بعل الطّلب من أوثانهم وأصنامهم أن ينزلوا نار لتحرق ذبيحتهم وما من مجيب. وكان يقول لهم "علّوا صوتكم بعد ربما آلهتكم نائمة" وهم يصرخون ولا جواب. أمّا عندما وصل دور إيليّا وقال "إستجبني يا رب إستجبني وأظهر أنك أنت الإله الحقّ" أنزلت المطر من السّماء والنّار وأحرقت ذبيحته. وهكذا أعطى البرهان أنّ الله هو الإله الحقيقيّ فاغتاظ الملك والملكة عليه واضطهدوه لكن الرّبّ كان معه وكان يرسل إليه غرابًا يحمل له طعامًا كلّ يوم فشدّده وقال له إذهب وأكمل رسالته".
وتابع: "الأمثولة أن نغار على شؤون الله أيّ أن نحفظ وصاياه وكلامه وتعليمه في الكتب المقدّسة والّتي تعلّمنا إيّاه الكنيسة. اليوم الأصنام والأوثان عديدون لا يعني الأصنام والأوثان حسب الماضي عبادة البقرة والشّمس والقمر لكن اليوم الأصنام من نوع آخر المال صنم إله، السّلاح صنم إله، السّلطة صنم إله، الجنس صنم إله، المخدّرات، لعب القمار، المسكّرات كلّ شيء يستقطب قلب الإنسان قبل أيّ شيء هو صنم لا نستطيع عدّ الأصنام كلّ عبادة يؤدّيها الإنسان لغير الله هذا صنم، نحن نعيش اليوم في عالم وثنيّ بالرّغم من كلّ المظاهر الأخرى، يمكن أن يكون لكلّ واحد منّا الصّنم الشّخصيّ يجب علينا أن نفكّر أين قلبه وفكره الحقيقيّ هناك يكون صنمي فإذا كلّ واحد منّا هو في حرب مستمرّة تجاه أصنامه الشّخصيّة. ثانيًا وقف يدافع عن العدل والحقّ فعندما اعتدى الملك والملكة وقتلوا نابوت اليزراعيلي ليأخذ الملك أرضه تصدّى له إيليّا وقال له لا يحقّ أن تفعل هذا ويقول لإيزابيل الملكة الكلاب الّتي لحست دم نابوت ستلحس دمك في المكان نفسه وتحدّى الملك والملكة بالدّفاع عن الحقيقة والدّفاع عن العدل وعن حقوق النّاس، نعم يوجد ظلم كثير وصمت على الظّلم وهذا نعيشه لا يجوز لأيّ إنسان أن يظلم الآخر، لا يجوز لأيّ إنسان أن يرذل شرًّا لأيّ إنسان، لا يجوز لأيّ إنسان أن يعتدي على الآخر. نحن المؤمنين بالمسيح، المؤمنين بالله علينا بعيد إيليّا النّبيّ أن نحمل قرار الدّفاع عن الحقّ والعدل ونعلي الصّوت بوجه الظّلم. وثالثًا هي كلمة الله الّتي إيليّا توقّد كالمشعل وحمل كلمة الله وعلّمها وكان لديه 450 تلميذًا علّمهم كلام الله".

وتوجّه إلى الأهالي بالقول: "أنتم أنبياء عليكم تعليم أولادكم لأنّ أوّل كاهن رأيناه كان أبي وأمّي هم الّذين علمونا الصّلاة والإيمان ومن ثم تعرّفنا على الكاهن في الكنيسة عندما كبرنا. نحن مدعوّون لحمل كلمة الله لتبقى هي النّور للعقول والضّمائر ونصلّي دائمًا مع المزمور "كلامك مصباح لخطاي ونور لسبيلي". عندما نقول كلام الله نقول يسوع المسيح الكلمة الّذي صار جسدًا وقال عن نفسه أنا نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظّلام".

وختم البطريرك الرّاعي عظته: "علينا أن نتعلّم الشّجاعة من إيليّا النّبيّ، فعندما التقاه الملك قال له "هذا أنت الّذي تقلق كلّ إسرائيل فأجابه لا أيّها الملك أنت الّذي تقلق الشّعب بظلمك وتعدّيك على كلّ الشّعب أنت". علينا أن نتعلّم الشّجاعة، شجاعة الحقيقة، والحقيقة تعطي شجاعة والعدالة تعطي شجاعة والاتّحاد بالله يعطي شجاعة، فنحمل معنا الأمثولات الثّلاث ونصلّي لكي كلّ واحد منّا في مكانته وحالته وظرفه يتوقّد كالنّار ويضيء كالمشعل".
تلا القدّاس الاحتفاليّ عشاء قرويّ باركه البطريرك الرّاعي وشارك فيه المصلّون.