لبنان
12 تشرين الثاني 2017, 15:00

البطريرك الرّاعي يكرّس كنيسة مار يوسف – ديردوريت الشوف الاحد ١٢ تشرين الثاني ٢٠١٧

استهلّ البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، اليوم الثاني من زيارته الى منطقتي الشوف وعاليه، بصلاة الصّباح في كنيسة دير مار جرجس – الناعمة للرهبانية اللبنانية المارونية؛ حيث استقبله رئيس عام الرهبانية الاباتي نعمة الله هاشم ورئيس الدير الأب سليم نمور مع جمهوره، اضافةً الى رئيس وجمهور دير مار شربل – الجية ورئيس دير مشموشة. ودوّن الرّاعي في سجلّ الدير، حيث بات ليلته، كلمةً جاء فيها:

"يسعدني أن ازور لأوّل مرّة ديرنا العامر، دير مار جرجس - الناعمة، بحضور قدس الرئيس العام الأباتي نعمة الله هاشم، الذي أشكر حضوره ومحبته في هذه المناسبة. وأعرب عن محبتي لرئيس الدير العزيز الأب سليم نمور ولجمهور الأباء وكل العاملين فيه. انّ هذا الدير يذكّرني بكلمة الرّب في الانجيل، فهو كمدينة مبنية على جبل، يشع نور صلاة وشهادة وعمل. لكم جميعاً صلاتي بأن يظل هذا الدير مطلّاً كمنارة يهدي ايمان أبناء المنطقة وكل من يراه بحراً أو جوّاً، وبأن تبقى الرهبانية اللّبنانيّة المارونيّة الجليلة، بشفاعة قديسيها، في مسيرة قداسة ونمو وازدهار، لمجد الله وخير الكنيسة وتقديس النفوس".

ومن الناعمة حيث استوقف الرّاعي حشد من أبناء البلدة في استقبال عفوي أمام كنيسة السيدة، توجّه البطريرك الرّاعي الى بلدة ديردوريت في الشوف، يرافقه راعي الابرشية المطران مارون العمار حيث بارك كنيسة مار يوسف الجديدة وكرس مذبحها خلال الذبيحة الالهية التي ترأسها، بمعاونة المطران عمار وكاهن الرعية الخوري وليد ناصيف ولفيف من الكهنة والرهبان، بحضور عدد من الوزراء والنواب وممثل عن النائب وليد جنبلاط والسيد تيمور جنبلاط وعدد من الرسميين مدنيين وعسكريين ورؤساء اتحاد بلديات وبلديات ومخاتير وحشد كبير من ابناء ديردوريت والمنطقة.

بعد الانجيل المقدّس، ألقى الكردينال الراعي عظةً، بعنوان:"أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها"، وجاء فيها: "بفرح كبير ننضم كلّنا الى فرحة أبناء وبنات ديردوريت الأحباء وقد أجزوا بايمانهم هذا المجمّع المقدس، الكنيسة التي نكرّسها اليوم مع مذبحها على اسم القديس يوسف والقاعة الرّاعويّة. والفرحة كبيرة في قلوبكم لأنّكم استطعتم بالايمان وسخاء المحسنين ومساعدة الدّولة عبر وزارة المهجرين والصندوق المركزي للمهجرين، تمكّنتم من أن تنجزوا بيت الله هذا، ربّما قبل بيوتكم، وهذا دليل أنّكم تستمدّون من بيت الله القوة لمواجهة صعوبات الحياة. ديردوريت العزيزة استطاعت بقوة ايمانها وصمودها أن تنهض من الركام، وهذا دليل أنّ الرّب يسوع علّمنا أنّ الحياة مبنية على الموت والقيامة. علّمنا الّا نيأس أمام صعوبات الحياة، وأنّ صعوبات الحياة هي مناسبة لكي نستعيد القوة وننهض من جديد. هذا ما اختبره كل اللّبنانيين بعد الحرب التي دمّرت البلاد وشرذمتها وسكبت دماء الكثيرين وهجّرت غيرهم. واذ نتطلّع الى الوطن وجدنا شعباً بايمان أقوى وحب أكبر لهذا الوطن استطاع أن يستعيد نشاطه ويسير الى الأمام.

"موت وقيامة"، على هاتين الركيزتين تقوم الحياة. وعلى صخرة الايمان تُبنى الكنيسة، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. والحياة هي انبعاث دائم من ركام الموت.

نحن نعيش في هذا الشرق هذه المأساة اليوم، هكذا نتطلّع الى البلدان المشرقيّة المحيطة بنا، والتي تمرّ في مرحلة موت كبير، نتوجّه اليهم جميعاً بكلمة رجاء أنّه لا بد وان ينبعث من الموت انسان جديد. وهذا ما نقوله لبعضنا البعض نحن اللّبنانيين، أنّه من واجبنا أن ننبعث من جديد، انسان جديد بنظرة جديدة وفكر جديد، وأن نكون على مستوى دماء كل الشهداء التي زرفت على مذبح الوطن. وأن نكون على مستوى تضحيات الذين ضحّوا وخسروا كل شيء والذين اقتُلعوا من أرضهم وهُجروا في هذا العالم. هكذا نتطلّع الى مجتمعنا اللّبناني، بالرّغم من كل الصّعوبات، ونحن اليوم نعيش أزمة جديدة بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء، التي ترافقها نقاط استفهام، مدعوّون كما دعا فخامة الرئيس الى التّروي والصّبر والتّفكير، ثمّ الى اتّخاذ القرار المناسب عندما تنجلّى كل هذه الامور. في هذه المناسبة، نحن نطلب صلاتكم ترافقونا بها ونحن نتوجّه لتلبية دعوة رسميّة للمملكة العربية السعودية في هذين اليومين، نطلب صلاتكم لأنّنا نتوجّه اليها باسمكم جميعاً، باسم كل اللّبنانيين وقد اتّصلنا بكل القيادات المعنية الدينية والمدنية وحمّلونا كلّهم امالهم وهمومهم. نرجو أن يوفّقنا الله في ما نحن اليه سائرون."

وختم الرّاعي قائلاً:"في عيد تجديد البيعة لنجدّد ايماننا، بعضنا ببعض وبوطننا، والايمان يتضمّن ثقة ومحبة، وليكن شعارنا "لا تخف."

بعد القدّاس، التقى غبطته بالمشاركين في القدّاس في القاعة الراعويّة، حيث ألقى باسمهم رئيس بلديّة ديردوريت الشاعر انطوان سعادة كلمة شكر، قال فيها:"ايمان أهل ديردوريت مستمرّ وباقي ولا يموت، وهو تكريس للمصالحة التي أنجزتها بكركي. وقد حقّقنا ما حقّقناه بفضلكم يا صاحب الغبطة، وبفضل تشجيعكم ودعمكم ومتابعتكم لعودتنا ولحضورنا في الشوف مع اخوتنا من الطوائف الاخرى. 

وختم:"سنرافقك بالصّلاة سيّدنا، وسنضيء لك الشموع كي تتكلّل زيارتك التّاريخيّة الى السّعوديّة بالنّجاح، وأنتم رجل التحديات والمهمات الصعبة رجل المواقف الصلبة."