العراق
04 تشرين الثاني 2020, 14:30

البطريرك ساكو: الكنيسة هي في قلب العالم ومن أجل العالم

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة بدء زمن تقديس الكنيسة، كتب بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو عن "الكنيسة" ودورها في مقال جاء فيه نقلاً عن إعلام البطريركيّة الرّسميّ:

"الكنيسة أسّسها المسيح على مار بطرس والرّسل. وهي جسده السّرّيّ كما جاء في الدّستور العقائديّ عن الكنيسة "نور العالم" (21/11/1964). للكنيسة بُعدٌ إلهيّ وبشريٌّ متداخلان حميميًّا، أيّ حقيقة إلهيَّة روحيَّة،  ومجتمع بشريّ منظور ومتنوّع،  متجاذب ومتشابك، ومتنافر ومتصارع! دور الكنيسة المحوريّ هو دائمًا وأبدًا في تحقيق التّناغم واللّقاء، والتّحابب والتّعاون والتّواصل في كلِّ ما هو خير.

تؤمن الكنيسة برسالة المسيح بقوّة، وتندفع لأدائها في كلّ زمن ومكان، تحت قيادة الرّوح القدس.

بناء عليه، تعمل الكنيسة على صياغة إيمانها وطقوسها بوضوح، وبثقافة ومفردات عصرها لتكون مفهومة ومقبولة. وتقوم بتنشئة إكليروسها تنشئة شاملة وراسخة ومستدامة، لتمكّنهم من أداء رسالتهم الرّوحيّة، وخدمتهم الرّاعويّة والإنسانيّة والاجتماعيّة، على أحسن وجه ووفقًا لظروف النّاس الحياتيّة. عادةً يعرف قادة الكنيسة الماضي والحاضر حتّى يأتي تعليمهم إيجابيًّا ومؤثّرًا في محيطهم.

هذه المسيرة تقوم بها الكنيسة وهنا أشير إلى الكنيسة الكاثوليكيّة مع البابا كخليفة بطرس ورأس وأب الكنيسة، عبر السّينودس والمصطلح مزيج من اللّاتينيّة واليونانيّة يعني "السّير معًا" لدراسة مواضيع تمثّل تحدّيًا سواء للكنيسة أو للمجتمع. وهذا يتطلّب من المشاركين في السّينودس أن يتحلّوا بحسّ إنجيليّ عميق، وشعور مشترك بالمسؤوليّة الكنسيّة.

الكنيسة هي في قلب العالم ومن أجل العالم. إنّها كنيسة التّجسّد الدّائم والقيامة المجيدة، لذلك التّواتر الرّسوليّ فيها نهج حياة، وتعليمها شهادة واستشهاد يوميّ عبر الصّلاة والخدمة والرّجاء."

وتوقّف ساكو في مقاله عند الكنيسة والسّياسة، فأضاف: "الكنيسة أمام خيارين: إمّا الانزواء في الصّومعة للعبادة، وإمّا أن تواجه التّحدّيات، وتدافع عن النّاس وحقوقهم وكرامتهم، وتندّد بالظّلم وتُطالب بتحقيق العدالة والمساواة على قاعدة المواطنة.  

إنتقاد الكنيسة في تدخّلها في حياة المجتمع هو سوء فهم لمحور رسالتها الّذي هو الإنسان، كما كان محور رسالة المسيح، له المجد.

الكنيسة ليست معزولة عن المجتمع وحياة النّاس، خصوصًا عندما تسمع صرخات المظلومين والموجعين من تداعيات الصّراعات السّياسيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة المخيفة، فهي تقول كلمتها "النّبويّة الجريئة"، كما فعل البابوات والبابا الحاليّ فرنسيس من دون كلل، انطلاقًا  من مسؤوليتّها الدّينيّة والوطنيّة والأخلاقيّة، تقولها باستقلاليّة تامّة، وغير مدفوعة من أيّ جهة كانت.

ليس للكنيسة حزب ولا تكتّل سياسيّ ولا ميليشيا، ولا تهدف إلى إدارة السّلطة الزّمنيّة، إنّما تستعمل موقعها المحوريّ  لخير النّاس ودفاعًا عنهم واستعادة  للسّلام والسّكينة.

الكنيسة تفعل هذا وفقًا للقواعد الكنسيّة القانونيّة، وأيضًا وفق الأصول المتاحة في البلد.

نحن في العراق نحمل في قلوبنا وصلاتنا بلدنا ومواطنينا من دون استثناء، ونتطلّع إلى قيام دولة حديثة، دولة مواطنة، دولة مدنيّة قويّة ومزدهرة، يتساوى فيها المواطنون تحت القانون. دولة تحترم قيم العدالة والكفاءة والتّعدّديّة في العيش الواحد المشترك.

شعبنا الّذي عانى الكثير من الصّراعات والإقصاء والفساد، يستحقّ العيش بحرّيّة وكرامة وسلام."