العراق
13 تشرين الثاني 2023, 14:20

البطريرك ساكو ترأّس رسامة المطران عماد خوشابه رئيسًا لأساقفة طهران

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت كاتدرائيّة مار إيث إلاها- دهوك بالسّيامة الأسقفيّة للمطران المنتخب على أبرشيّة طهران للكلدان عماد خوشابه جرجيس، في رتبة ترأّسها بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو، بمشاركة الأساقفة الكلدان من العراق وإيران وتركيا وأميركا، وبحضور السّفير البابويّ في العراق رئيس الأساقفة متيا ليسكوفار ولفيف من أساقفة الكنائس الشّقيقة وممثّلين رسميّين من حكومة إقليم كوردستان، ووفد من القنصليّة الإيرانيّة في إربيل، وعدد من الكهنة والرّاهبات والرّهبان وجمع غفير من المؤمنين.

تخلّل الاحتفال عظة للبطريرك ساكو قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة الرّسميّ: "سيّدنا عماد، تهانيَّ الحارّة وتبريكاتي لك ولأبرشيّة طهران. هذا اليوم هو يوم فرح لكنيستنا. اُرحّب بكلّ الأساقفة والكهنة والمسؤولين المشاركين معنا في هذا الاحتفال. سوف نرافقك أنا وإخوتك الأساقفة بالصّلاة لنجاح خدمتك في أبرشيّة طهران– إيران، هذا البلد الجار. أملي أن يُفرح وجودك بين بنات وأبناء هذه الأبرشيّة العريقة، ويُفرح قلب المسيح. أودّ أن أؤكّد لك ولجميع الأساقفة والكهنة على أهمّيّة الالتزام بالمفاهيم القياديّة الواضحة لأسقفيّتهم وكهونتهم، خصوصًا وأنّني عدتُ للتّوّ من المشاركة في المرحلة الأولى من سينودس الأساقفة حول السّينوداليّة في روما (4-29 تشرين الأوّل 2023)، والّذي باعتقادي ستشكّل منعطفًا مهمًّا في تاريخ الكنيسة، وسيغيّر العديد من المفاهيم التّقليديّة. سيّدنا عماد هذه المفاهيم أدناه هي بمثابة وقاية لنا وقاعدة لنجاح خدمتك وتقدّم الكنيسة.

1- الاُسقفيّة ليست هيبة وتسلُّطًا وبحثًا عن امتيازات شخصيّة أو عائليّة، ولا تقتصر على الإدارة، إنّما هي إيمان حيّ، وعلاقة شخصيّة بالمسيح، وصلاة وتعليم وخدمة من خلال الحوار والإصغاء إلى الرّوح القدس، وإلى المؤمنين من كلا الجنسين، وتفعيل دورهم واحترام كرامتهم.

2- سلطة الاُسقف هي أوّلاً وأخيرًا الخدمة بإخلاص وتجرُّد، واقتداء بروحانيّة خدمة المسيح، وتعليمه. توَظَّف امن أجل نموّ الإيمان، وإعطاء "الرّوح" للمؤمنين وخدمة النّاس بالحبّ والحقيقة والصّدق والأمانة. سلطة الاُسقف ليست هوى شخصيّ، لأنّ الهوى الشّخصيّ يعني الفوضى، لا يبني الكنيسة ولا المجتمع.

3- على الاُسقف أن يكون واضحًا في فكره وقوله ومواقفه. شفّافًا ونزيهًا، لا يتعلّق بالمال الّذي هو "الشّيطان الّذي يدخل من الجيب". ولا ينزوي في الكنيسة كمتعبّد، وإنّما يجب أن يكون حضوره مميّزًا وفاعلاً في الكنيسة وخارجها.

4- الاُسقف أب للجميع، ينتبه إلى كلّ واحد منهم، خصوصًا الفقراء والمظلومين. يتفهَّم مخاوفهم وآمالهم وتطلّعاتهم، ويتابع حاجاتهم ويحلّ الأزمات قدر الإمكان بالمحبّة والحكمة. عليه أن يسير مع المؤمنين بحبّ كبير وديناميكيّة مدهشة، ووئام وينمو معهم. يقف مع النّاس ويتكلّم معهم، ببساطة وصدق وليس باستعلاء ونبرة جافّة وقاسية. أيّ اُسقف في الكنيسة ليس فقط لطائفته، بل هو لكلّ المسيحيّين ولكلّ النّاس. ينفتح عليهم ويحبّهم ويدعمهم ويتعاون معهم ويدافع عن حقوقهم، وكرامتهم. بصراحة لا أفهم حالة التّطرّف، بما فيها النّزعة التّسلّطيّة عند بعض رجال الكنيسة. هذا لا يتماشى مع روحانيّة الإنجيل والسّينوداليّة الّتي دعا إليها البابا فرنسيس لتجديد الكنيسة بمشاركة المؤمنين، لإيجاد لغة مفهومة وأشكال وأدوار جديدة للخدمة.

5- الاُسقف خادم الشّركة والمشاركة وليس "سوبرمان"، ليعمل كلّ شيء بنفسه. عليه أن يؤمن بمواهب الآخرين، ويشاركهم في مسؤوليّته وخدمته لاسيّما الكهنة، ولا يثبّط عزيمتهم. خصوصًا لأنّ الكهنة والعلمانيّين شركاء في الكنيسة ومحبّون لها، لذا يجب أن يعمل معهم لتقدّم أبرشيّته وكنيسته.

6- الأسقف، رجل الله، رجل الصّلاة، والثّقة المطلقة بالعناية الإلهيّة. كونه خليفة الرّسل يجب أن يجعل من التّواتر الرّسوليّ نهجًا لحياته. إنّه رجل الرّجاء أيضًا كما يقول القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ، عليه أن يتحلّى بالمقدرة على الإصغاء وتمييز علامات الأزمنة بحكمة.

في هذا السّياق، أودّ أن أشارككم بخبرة شخصيّة.. منذ اختياري بطريركًا قبل عشر سنوات كان لي حدس كبير بخطورة جهة سياسيّة معروفة، لذلك تجنّبتها في البدايةـ حاولَتْ خلال هذه السّنوات تطويعي، لكنّي صمدّتُ من اجل الكنيسة والمسيحيّين، وها أنا أدفع الثّمن، لكن الظّلم الشّخصيّ لا قيمة له مقارنة ببقاء الكنيسة قويّة ورأسها مرفوع بفخر، وترفض أن تُباع، تقود إلى الحقيقة والصّالح العامّ. نحن عندنا الله وهم لهم رئيس الدّولة!

في مرحلة الانطلاق- البداية توجد رؤية وحماسة قويّة، لكن مع الأسف تبدأ بالتّراجع مع الزّمن عند البعض إذا لم يعرفوا أن يجدّدوها كلّ يوم.

وبهذه المناسبة، أتقدّم بالشّكر والامتنان لحكومة إقليم كردستان على احتضان وحماية المسيحيّين وغير المسيحيّين داخل أراضيها. وأتمنّى لهم دوام التّقدّم والازدهار. أخيرًا، أودّ أن أختتم كلمتي بحاجتنا للصّلاة معًا من أجل حماية حياة المدنيّين في الأراضي المقدّسة من خلال إنهاء جميع العمليّات العسكريّة هناك. إنّني أحثّ أصحاب الضّمائر الحيّة في جميع أنحاء العالم على وقف هذه الحرب الوحشيّة، حتّى لا تنجرّ المنطقة إلى حرب شاملة، بل ينبغي وضع حدّ لهذا الصّراع من خلال إيجاد حلّ عادل ودائم بإقامة دولتين متجاورتين آمنتين ومستقرّتين… ليبارك الرّبّ الأسقف الجديد ويباركنا جميعًا."

وبعد  القدّاس اجتمع البطريرك ساكو مع الأساقفة الكلدان ودار الحديث حول المرحلة الأولى للسّينوداليّة والوضع الحاليّ للكنيسة الكلدانيّة.

ثم انتقل الحضور الى مطعم مالطا لتناول الغداء على شرف المطران الجديد.