علوم
01 تشرين الثاني 2022, 13:15

الحيلة البسيطة وراء عمل قوانين نيوتن!

تيلي لوميار/ نورسات
بول إم سوتر عالم فيزياء فلكية في جامعة نيويورك ستوني بروك ومعهد فلاتيرون، مقدم "اسأل رائد فضاء" و "راديو الفضاء" ومؤلف كتاب "كيف تموت في الفضاء؟".

تعلَّمنا جميعًا في المدرسة الثانوية قوانين نيوتن التي تقول: تميل الأجسام المتحركة إلى البقاء في حالة حركة، كما أن القوة تساوي الكتلة مضروبةً في التسارع، ولكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الاتجاه.

إكتشف إسحاق نيوتن من قوانين الحركة هذه نظريةً عالمية للجاذبية تنطبق بشكل تام على التفاح المتساقط من الأشجار والكواكب التي تتحرك في مداراتها. 

لكن نيوتن لم يستطع تفسير سبب صحة قوانينه للحركة وسبب عدم طرحه شكلًا آخرًا لها. سيأتي هذا الاكتشاف من عبقري أسطوري آخر، أقل شهرةً منه. 

لاغرانج ونيوتن 

لقد اعتدنا على التفكير في الحركة من منظور القوة والتسارع، يعود ذلك جزئيًا إلى أن هذه الطريقة بديهية جدًا لرؤية العالم (على سبيل المثال: أنا أضغط على شيءٍ ما فهو يتحرك) وهذه هي الطريقة التي صاغ بها نيوتن قوانينه (هكذا تعلمناها في المدرسة). 

لكن فحص القوة والكتلة ليس الطريقة الوحيدة لوصف العالم من حولنا. 

فكر في كرة تُرمى في الهواء، هذه الكرة بها الكثير من الخصائص التي قد تجدها نافعة مثل موقعها وسرعتها وتسارعها وكتلتها، وقد تكون بعض هذه الخصائص نافعةً جدًا في التنبؤ بالحركة المستقبلية للكرة وبعضها أقل نفعًا. 

وجد نيوتن أن الجمع بين الكتلة والتسارع والقوة كان قويًا للغاية في الواقع، ما سمح له بصياغة معادلته: القوة = الكتلة، لأنه قانون أساسي للكون. 

بعد حوالي 150 عامًا من تطوير نيوتن لقوانين للحركة، طور جوزيف لويس لاغرانج تركيبته الخاصة -هو عالم رياضيات وفيزيائي آخر وعبقريٌ فذْ- إذ وجد أنه من خلال النظر إلى الطاقات الحركية والمحتملة للجسم يمكن اشتقاق قوانين الحركة الخاصة به. 

وجد لاغرانج أن الاختلاف بين الطاقة الحركية للجسم والطاقة الكامنة يفتح بعدًا عميقًا للغاية حول الكون على وجه التحديد. 

عمل ثابت 

إذا رميت عليك كرة فمن المحتمل أن تستطيع التقاطها بشكل جيد. تمكنتَ من ذلك لأنك رأيت الكثير من الكرات التي ألقيت عليك في حياتك، فدماغك قد استوعب أن الأشياء التي تُرمى تتبع مجموعة شائعة من المسارات. 

كانت رؤية نيوتن هي قدرته على إيجاد قانون عام للحركة يمكنه التنبؤ بمسار الكرة المُلقاة. 

لم يكن لدى نيوتن الإجابة، لكن لاغرانج وجدها. 

المفتاح هو الفرق بين الطاقات الحركية والطاقات المحتملة للجسم المتحرك، على سبيل المثال: إذا شاهدت كرةً أثناء الطيران فيمكنك حساب هذا الاختلاف في كل لحظة من الزمن، وفي نهاية الحركة يمكنك جمع كل هذه الاختلافات والحصول على رقم واحد، يسمى هذا الرقم لأسباب تاريخية مختلفة (فعل الشيء المتحرك). 

يمكنك أن تتخيل مسارات مختلفة محتملة قد تسلكها الكرة عند رميها لك، وسيكون لهذه المسارات المختلفة الممكنة إجراءات مختلفة مرتبطة بها، واتضح أن المسار المألوف أي المسار الذي تنبأت به قوانين نيوتن بالضبط هو المسار الذي يصنع أقل قدر ممكن من الحركة. خلق قوانين الحركة اكتشف لاغرانج ما نسميه اليوم مبدأ العمل الأقل، وجميع القوانين الفيزيائية بما فيها قوانين نيوتن تنبثق من هذا المبدأ الموحد. 

عليك اتباع وصفة بسيطة لصياغة قانون الحركة.. 

أولًا تدوين الطاقات الحركية والمحتملة للأشياء المدروسة ثم أخذ الفرق بينها (نسمي هذه الكمية الآن "لاغرانج" تكريما له). 

ثانيًا تطبيق أسلوب رياضي خيالي يسمى حساب التباينات للعثور على التعبير الذي يقلل من الحركة، ما سينبثق من هذا الحساب هو قانون جديد للفيزياء. 

كُتبتْ جميع قوانين الفيزياء الحديثة بهذه اللغة، لأنها طريقة قوية وذكية (وعالمية) للتعامل مع الديناميكيات النسبية العامة والكهرومغناطيسية وحتى نظرية المجال الكمومي والنموذج القياسي، جميعها كتبت باعتبار لاغرانج. 

والفيزيائيين حول العالم يطبقون قواعد لاغرانج لاشتقاق قوانين الحركة. 

تشمل هذه القوانين قوانين الحركة التي تحكم حركة الكواكب في النظام الشمسي وتوسع الكون نفسه، وسواء كنت تستخدم النسبية العامة أو النسخة الأصلية من الجاذبية النيوتنية فإن طريقة لاغرانج تعطيك دائمًا الأجوبة التي تبحث عنها.

 

المصدر:CNN بالعربية