علوم
11 آب 2021, 11:05

الخنازير البرية تطلق 5 ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون

تيلي لوميار/ نورسات
سواء كنت تسميها الخنازير الوحشية، أو حتى الحيوانات الأليفة، فإن الخنازير البرية هي واحدة من أكثر الأنواع تدميرًا على وجه الأرض، إذ تشتهر بإتلاف الزراعة والحياة البرية المحلية.

بحسب "كريستوفر جيه أوبرايان"، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في كلية علوم الأرض والبيئة بجامعة كوينزلاند، فإن السبب الرئيسي لكونها ضارة للغاية هو أنها تقتلع التربة على نطاقات واسعة، مثل الجرارات التي تحرث الحقل. ويكشف " أوبرايان" عن أن الخنازير البرية تطلق 4.9 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون كل عام، أي ما يعادل انبعاثات مليون سيارة. ونظرًا لأنه يتم تخزين جزء كبير من كربون الأرض في التربة فإن إطلاق جزء صغير منه في الغلاف الجوي يمكن أن يكون له تأثير كبير على تغير المناخ.

 

مشكلة الخنازير

تعيش الخنازير البرية (Sus scrofa) في معظم أنحاء أوروبا وآسيا، لكنها تقطن اليوم كافة قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية، ما يجعلها واحدة من أكثر الثدييات الغازية انتشارًا على هذا الكوكب. إذ يعيش ما يقدر بثلاثة ملايين خنزير بري في أستراليا وحدها. وتشير التقديرات إلى أن الخنازير البرية تدمر ما يزيد عن 100 مليون دولار أسترالي (74 مليون دولار أميركي) من المحاصيل والمراعي كل عام في أستراليا، وأكثر من 270 مليون دولار أمريكي (366 مليون دولار أسترالي) في 12 ولاية فقط في الولايات المتحدة الأميركية.

كما وجد الباحثون أن الخنازير البرية تهدد بشكل مباشر 672 نوعًا من الفقاريات والنباتات في 54 دولة مختلفة. وهذا يشمل ضفادع الأرض الأسترالية المعرضة للخطر وضفادع الأشجار وأنواع الأوركيد المتعددة، حيث تدمر الخنازير موائلها وتفترسها. ويؤكد " أوبرايان" أنه من المتوقع أن يتوسع نطاقها الجغرافي في العقود المقبلة، ما يشير إلى أن تهديداتها للأمن الغذائي والتنوع البيولوجي سيزداد سوءًا على الأرجح.

 

طاحونة الكربون

سلط البحث السابق الضوء على المساهمة المحتملة للخنازير البرية في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكن فقط على المستويات المحلية. ووفق " أوبرايان" فقد أجريت إحدى هذه الدراسات لمدة ثلاث سنوات في غابات الأخشاب في سويسرا. ووجد الباحثون أن الخنازير البرية تسببت في زيادة انبعاثات الكربون في التربة بنحو 23٪ سنويًا. وبالمثل وجدت دراسة في محمية جبال جيجونج الطبيعية الوطنية في الصين أن انبعاثات التربة زادت بأكثر من 70٪ سنويًا في الأماكن التي تزعجها الخنازير البرية.

لمعرفة التأثير الذي حدث على المستوى العالمي، أجرى الباحثون 10000 محاكاة لأعداد الخنازير البرية في توزيعها غير المحلي، بما في ذلك في الأمريكتين وأوقيانوسيا وإفريقيا وأجزاء من جنوب شرق آسيا. لكل محاكاة، وتم تحديد كمية التربة التي قد تزعجهم باستخدام نموذج آخر من دراسة مختلفة. وأخيرًا، استخدم العلماء دراسات الحالة المحلية لحساب الحد الأدنى والحد الأقصى من انبعاثات الكربون الناتجة عن الخنازير البرية. ويقدر " أوبرايان" أن التربة التي تقتلع الخنازير البرية في جميع أنحاء العالم كل عام تتراوح بين 36.214 و 123.517 كيلومترًا مربعًا أو بين أحجام تايوان وإنجلترا. فيما تحدث معظم أضرار التربة والانبعاثات المرتبطة بها في أوقيانوسيا بسبب التوزيع الكبير للخنازير البرية هناك، وكمية الكربون المخزنة في التربة في هذه المنطقة.

 

سلوك الحرث

تستخدم الخنازير البرية أنفها القاسية لحفر التربة بحثًا عن أجزاء النبات مثل الجذور والفطريات واللافقاريات. وعادة ما يؤدي سلوك "الحرث" هذا إلى اضطراب التربة على عمق يتراوح من خمسة إلى 15 سنتيمترًا تقريبًا، وهو نفس عمق حراثة المحاصيل من قبل المزارعين. ونظرًا لأن الخنازير البرية اجتماعية للغاية وغالبًا ما تتغذى في مجموعات كبيرة، فإنه يمكنها تدمير حقل صغير تمامًا في فترة قصيرة. وهذا يجعلها عدوًا هائلاً للكربون العضوي المخزن في التربة. في الوقت الذي يمثل فيه الكربون العضوي، التوازن بين مدخلات المواد العضوية في التربة (مثل الفطريات ونفايات الحيوانات ونمو الجذور وفضلات الأوراق) مقابل المخرجات (مثل التحلل والتنفس والتآكل). وهذا التوازن يعد مؤشر على صحة التربة.

وعندما تتعرض التربة للاضطراب، سواء من حرث حقل أو من حفر أو اقتلاع حيوان، يتم إطلاق الكربون في الغلاف الجوي كغازات الدفيئة. وذلك لأن حفر التربة يعرضها للأوكسجين الذي يعزز النمو السريع للميكروبات. حيث تقوم هذه الميكروبات المنشطة حديثًا، بدورها بتفكيك المادة العضوية التي تحتوي على الكربون.

 

صعبة ومكلفة

بحسب" أوبرايان " فإن مكافحة الخنازير البرية يعد أمرًا صعبًا ومكلفًا بشكل لا يصدق نظرًا لسلوكها الماكر ومعدل تكاثرها السريع وطبيعتها القاسية بشكل عام. على سبيل المثال، من المعروف أن الخنازير البرية تتجنب الفخاخ إذا تم صيدها سابقًا، وهي ماهرة في تغيير سلوكها لتجنب الصيادين. ويقول"أوبرايان": "إن العمل من أجل تقليل الانبعاثات العالمية ليس بالأمر السهل، ودراستنا هي أداة أخرى في صندوق الأدوات لتقييم التهديدات التي تشكلها هذه الأنواع الغازية واسعة الانتشار".

 

المصدر: National Geographic