لبنان
08 آب 2023, 11:15

الدّيمان استضاف اللّقاء التّشاوريّ الوزاريّ وفي ختامه بيان، ماذا في التّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
عُقد اليوم في الدّيمان اللّقاء التّشاوريّ الوزاريّ، وفي ختامه صدر البيان التّالي:

"إنّ دولة رئيس مجلس الوزراء، والوزراءَ الحاضرين يشكرون صاحب الغبطة والنّيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، على استضافته هذا اللّقاء التّشاوري في هذا الصّرح الّذي كان النّواة الأولى لفكرة لبنان الكبير. ويعربون عن تقديرهم البالغ لرمزيّة هذا المكان وبعده الوطنيّ والرّوحيّ، ولمقام سيّده ودورِه المتقدّم في لمّ شمل العائلة اللّبنانيّة، ويثمّنون ما أضفى ذلك على مناخ المداولات الّتي جرت ومضمون الخلاصات الّتي توصّل إليها هذا اللّقاء.

وبعد

يمرّ وطننا لبنان اليوم في مرحلةٍ من أخطر مراحل تاريخه، مليئةٍ بالأزمات والتّحدّيات السّياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة غير الخافية على أحد، والّتي تضاف إليها أزمة أخرى كيانيّةُ الطّابع تتعلّق بجوهر وجوده ودوره الحضاريّ على صعيد الإنسانيّة جمعاء. فهذا الوطن الصّغير أُعطيَ نعمةً كبيرة وهي أن يكون ملتقى الّذين يطلبون السّلام والأمن والحرّيّة والحياة الكريمة. وقد جاءت الصّيغة اللّبنانيّة لتكرّس هذه القيم في إطار من العيش معًا، يحفظ الّتنوّع داخل الوحدة، ويفرض احترام الآخر المختلف، ومحبّتَه كما هو، وعدمَ الخوف منه، والتّكاملَ معه لتحقيق المجتمع المتآلف المتضامن، الّذي يقود إلى بناء الدّولة العصريّة العادلة والقويّة، الغنيّة بوحدتها واتّساع ثقافة مواطنيها.  

إنّ اللّبنانيّين جميعًا مدعوّون لحماية هذه الصّيغة بترسيخ انتمائنا إلى هويّتنا الوطنيّة الجامعة، والعملَ على تمتين الوحدة من خلال التّنوّع، والتّخلّي عن دعوات التّنصّل من الآخر، مهما كانت عناوينُها.

كما تطالعنا في هذه الأيّام، على صعد رسميّة وغير رسميّة، مفرداتُ خطابٍ مموَّه بدعاية الحداثة والحرّيّة وحقوق الإنسان، يناقض القيم الدّينيّة والأخلاقيّة الّتي هي في صلب تكويننا النّفسيّ والرّوحيّ والاجتماعيّ.

ويشكّل هذا الخطاب مخالفة صريحة لنصّ وروحيّة المادّتين التّاسعة والعاشرة من الدّستور اللّبنانيّ. إنّ مسؤوليّة مواجهة هذا الخطاب تقع على عاتق الجميع من دون استثناء، من مراجع دينيّة وسلطات سياسيّة وقضائيّة ومؤسّسات تربويّة وإعلاميّة وقوى مجتمع مدنيّ، لأنّنا نرفض أن يكون حاضرُ أبنائنا مشوَّشًا، كي لا يصير مستقبلُهم مشوَّهًا.  

في ضوءِ هذا كلّه، خلص اللّقاء التّشاوريّ بين الوزراء المنعقد في الدّيمان بحضور صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي إلى ما يأتي:  

أوّلًا: وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للجمهوريّة يقود عمليّة الإنقاذ والتّعافي، إذ لا مجال لانتظام أيّ عمل بغياب رأس الدّولة.  

ثانيًا: دعوة القوى السّياسيّة كافّةً إلى التّشبّث باتّفاق الطّائف وبميثاق العيش المشترك، والتّخلّي عن كلِّ ما قد يؤدّي إلى المساس بالصّيغة اللّبنانيّة الفريدة.  

ثالثًا: دعوة جميع السّلطات والمؤسّسات التّربويّة والإعلاميّة الخاصّة والرّسميّة وقوى المجتمع المدنيّ الحيّة، والشّعب اللّبنانيّ بانتماءاتِه كافّةً، إلى التّشبّث بالهويّة الوطنيّة وآدابها العامّة وأخلاقيّاتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقيمها الإيمانيّة لاسيّما قيمة الأسرة وحمايتها، وإلى مواجهة الأفكار الّتي تخالف نظام الخالق والمبادئ الّتي يجمع عليها اللّبنانيّون.

رابعًا: دعوة المواطنين إلى حوار حياةٍ دائم بينهم، بحيث يسعى كلّ مواطن إلى طمأنة أخيه وشريكه في الوطن، على فكره وحضوره وحقوقه وفاعليّة انتمائه الوطنيّ.

خامسًا: التّعاون الصّادق بين كلّ المكوّنات اللّبنانيّة لبلورة موقف موحّد من أزمة النّزوح السّوريّ في لبنان والتّعاون مع الدّولة السّوريّة والمجتمع الدّوليّ لحلّ هذه المسألة بما يحفظ وحدة لبنان وهويّته.

وقد جدّد صاحب الغبطة تثمير جهود رئيس الحكومة والوزراء كافّة في تمرير هذه المرحلة الصّعبة مع المحافظة على مندرجات الدّستور.

وفي الختام جدّد المجتمعون شكرهم لصاحب الغبطة على استضافتهم. كما جدّدوا تعويلهم عليه وعلى هذا الصّرح وسائر القيادات الرّوحيّة في المساعدة على انجاح سعي مجلس الوزراء إلى حفظ التّنوّع ومبدأ العيش معًا وإلى حماية القيم الأخلاقيّة والإيمانيّة الّتي تشكّل حجر الزّاوية في الكيان اللّبنانيّ".