لبنان
08 آب 2022, 13:20

الرّاعي احتفل بعيد التّجلّي في بشرّي، وهذا ما تمنّاه!

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد التّجلّي ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي القدّاس الاحتفاليّ في غابة أرز الرّبّ– بشرّي وعاونه النّائب البطريركيّ العامّ على الجبّة وزغرتا المطران جوزيف نفّاع ولفيف من الكهنة. وحضر القدّاس النّائب السّابق جبران طوق والوزير السّابق ابراهيم الضّاهر ونائب رئيس اتّحاد بلديّات قضاء بشرّي رئيس بلديّة بشرّي فريدي كيروز رئيس وأعضاء لجنة أصدقاء غابة الأرز وفعاليّات وحشد من المؤمنين.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك عظة تحدّث فيها عن معنى التّجلّي وقال:

"وتجلّى أمامهم وأصبح ثوبه أبيض كالثّلج" يسعدنا أن نحافظ على العادة السّنويّة الّتي حافظ عليها البطاركة أسلافي في الاحتفال بعيد تجلّي الرّبّ هنا في أرز الرّبّ في باحة كنيسة التّجلّي وهي مناسبة كي أقدّم لكم التّهاني بالعيد مع كلّ التّمنّيات لكم ولكلّ الّذين يئمّون المكان المقدّس وكلّ أبناء بشرّي الأحبّة الّذين يحافظون على أرز الرّبّ هذا .

في هذا العيد وهذا الحدث نتوقّف عند ثلاثة أبعاد أساسيّة :

البعد الأوّل: إنذ حدث التّجلّي حصل بعد أن أعلن بطرس إيمانه بيسوع في قيصريّة فيليبوس أنّه المسيح ابن الله الحيّ فكشف الرّبّ يسوع بتجلّيه أنّه المسيح ابن الله الحيّ وتجلّى بكمال ألوهيّته وعبّر عن أنّها مخفيّة في الإنسان ولكنّه أراد أن يقول من خلال هذا الحدث ماذا تصنع النّعمة في الإنسان؟ كيف تجّمله وكيف تجعل منه مجليًّا على صورة الله وتظهر لنا وجه الأبرار الّذين يقول عنهم الرّبّ يسوع في الإنجيل في موقع آخر "ويتلألأ الأبرار كالشّمس في ملكوت أبيه" وإذا تمكنّا بعقلنا الإنسانيّ أن نفهم معنى تلألؤ العذراء مريم ومار يوسف وجميع القدّيسين كالشّمس في ملكوت الآب من خلال وجه المسيح المتجلّي وهذه الدّعوة موجّهة لنا كي ننفتح لنعمة المسيح الّتي وحدها تجَمّل الإنسان وتنقّيه وتعطيه بهاء إنسانيّته كصورة لله .

البعد الثّاني استباق القيامة وإظهار أنّها تجعله في عمق الألوهيّة بعد الآلام والصّلب ليؤكّد لنا أنّنا جميعًا من خلال آلامنا والصّعوبات الّتي نمرّ بها وما أكثرها اليوم وما أصعبها في هذه الأيّام مدعوّين للقيامة، فنحن أبناء القيامة ولسنا أبناء الموت، نحن نموت مادّيًّا ومعنويًّا وجسديًّا وروحيًّا ولكنّنا مدعوّين لنعيش رجاء القيامة .وقد استبقى حدث القيامة بحدث التّجلّي مع الرّسل الثّلاثة بطرس الّذي سلّمه السّلطة ويعقوب الشّجاع في نقل الإنجيل وأسقف أورشليم وأوّل شهيد بين التّلاميذ الرّسل، ويوحنّا التّلميذ الحبيب الّذي سلّمه أمّه. الرّسل الثّلاثة الأساسيّين بين الرّسل جعلهم شهودًا لسرّ تجلّيه واستباق قيامته فعندما أخبرهم بأنّه سيصلب وسيعذّب ويتألّم ويموت حزنوا جميعهم وصدموا وقال بطرس له لن نقبل لك ذلك لكن يسوع أجابه أنت لا زلت تفكّر كالبشر عليك الدّخول بتفكيري. لقد تفاجأوا بعد أن رأوا ما قام به من عجائب وشفاءات ولم يقبلوا أنّ يتألّم ويصلب ويموت فكان التّجلّي كي يشدّدهم ويؤكّد لهم أنّ مصيره لا ينتهي بالصّلب بل يوم الأحد بالقيامة، وهذا تأكيد لكلّ واحد منّا بننا جماعة الرّجاء ومهما كانت الصّعوبات نحن نتمسّك بيسوع القائم من الموت، سيّد التّاريخ الّذي يعرف كيف يخرجنا من حالة الموت إلى جمال ورجاء القيامة .

البعد الثّالث وهو حضور موسى وإيليّا للدّلالة على أوّلاً أنّ موسى يعني الشّريعة وإيليا يعني النّبؤة ويعني ذلك أنّ بشخص يسوع اكتمال كلّ شريعة واكتمال كلّ نبؤة فهو كلّ الكتاب المقدّس، كلّ الوحي الإلهيّ وهو الأساس الأوّل والأخير والجوهر في كلّ شيء وهذه أيضًا دعوة لنا كي نعرف كيف يمكننا أن نرى بيسوع كلّ مبتغانا فهو الجواب لكلّ التّساؤلات الإنسانيّة وما من جواب عن معنى الموت ومعنى الحياة ومعنى النّجاح والفشل وكلّ ما نمرّ به في حياتنا ليس له جواب إلّا عند من هو الكلمة الّذي صار بشرًا، المعلّم الوحيد يسوع المسيح وإلّا كلّ شيء في حياتنا لغز إن لم نقرأها على ضوء يسوع المسيح .

هذه الأبعاد الأساسيّة لحدث التّجلّي ووقوع التّلاميذ على الأرض لم يكن خوفًا بل لعدم قدرتهم على مشاهدة وجه يسوع المشعّ كالشّمس الّذي لا يمكن لأحد النّظر إلى وجهه المشعّ والّذي هو وجه الشّمس الحقيقيّ لذلك نحن أمام نور المسيح غير المنظور ننحنّي ونخضع ونعيش ونغمض أعيننا كي يدخل نوره إلى أعماق قلوبنا .

نحن نلتمس اليوم من الرّبّ يسوع في يوم تجلّيه أن يشدّدنا بإيماننا ونلتمس منه أن يمنحنا النّعمة كي نتجاوز كلّ صعوبات الحياة بقوّة الرّجاء ولنكمل طريقنا لنجد عنده وحده الجواب على كلّ تساؤلات الحياة وصعوباتها ونعرف كيف نقرأ في ضوء الكلمة كلّ علامات الأزمنة.

هذه تمنّياتي لكم في هذا العيد المبارك الّذي هو رأس الأعياد ومعكم نقول المجد لك أيّها المسيح أنت نورنا، أنت حياتنا، أنت طريقنا وأنت وحدك الحقيقة والحقّ والحياة. آمين."

وكان البطريرك الرّاعي والمطران نفّاع زارا قبل القدّاس ثكنة يوسف رحمة في الأرز- مدرسة التّزلّج وكان في استقبالهم قائد المدرسة العميد سميح خليل وضبّاط الثّكنة وخلال الجولة في أرجاء المقرّ، أكّد البطريرك الرّاعي على دور الجيش اللّبنانيّ في الزّود عن الوطن وحمايته متوجّهًا بالمعايدة إلى القائد والضّبّاط والأفراد بمناسبة عيد الجيش آملاً أن يرعاهم الرّبّ ويحفظهم في مهمّاتهم العسكريّة.