لبنان
08 تشرين الثاني 2021, 07:30

الرّاعي التقى وفدًا من أهالي عين الرّمّانة، وهذا ما قاله لهم!

تيلي لوميار/ نورسات
إلتقى البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي بعد قداس الأحد، وفدًا من أهالي الموقوفين في حوادث عين الرّمّانة، وقد تحدّث بإسمه النّائب بيار بو عاصي الّذي قال: "أتينا اليوم إلى هذا الصّرح مع أهالي الموقوفين ووكلاء الدّفاع عنهم، ونحن نعلم أنّ هذا الصّرح المقدّس ينضح بالعدالة وهذا الصّرح الّذي أنشأ لبنان الكبير، لنقول إنّه في لبنان الكبير هناك نقص في العدالة وهناك ظلم ولنضع بين يديك يا صاحب الغبطة هذا الواقع، ونسعى معك من أجل تحقيق العدالة للموقوفين وعائلاتهم الّذين لم يستطيعوا رؤية أولادهم لأسابيع، وحتّى لم يستطيعوا الدّفاع عن أنفسهم."

وأضاف: "إنّ عين الرّمّانة تمّ الاعتداء عليها، والعدالة لا تكون بأن نضع في كفّتي الميزان المعتدي والمعتدى عليه، فإنّ العدالة لا تتوازن بهذه الطّريقة بل تكون العدالة بأن نضع المرتكب ومقابله نضع القانون والعقاب العادل لنحصل على العدالة، واليوم وضعنا المعتدي والمعتدى عليه في كفّتي الميزان لا بل المعتدي لا نعرف أين هو، والعشرات والمئات هجموا على عين الرّمّانة ولكنّنا لا نعلم أين هم، وما نعلمه أنّه لا يزال لدينا 12 شابًّا من أبنائنا لا يزالون قيد التّوقيف و33 تمّ تسطير مذكّرات توقيف غيابيّة بحقّهم، هذا الأمر لا يجوز وكأنّنا نقول لكلّ أهل لبنان أن يفقدوا النّخوة، وعندما يتعرّض أحد الأحياء لأيّ اعتداء فمن الطّبيعيّ لأولاد هذا الحيّ النّزول لحراسة أرزاقهم وممتلكاتهم وجيرانهم في كلّ الطّوائف والمذاهب والمكوّنات. حين تستقيل الدّولة من مسؤوليّاتها تحصل مشاكل كبيرة، وعين الرّمّانة هي الرّمز، ففي العام 1975 استقالت الدّولة ودفعت عين الرّمّانة الثّمن".

وإختتم بو عاصي: "إنّ أملنا بك يا صاحب الغبطة كبير جدًّا لأنّك رمز العدالة والحقّ، ونتمنّى عليك أن لا تسمح بأيّ شكل من الأشكال أن تكون هناك ضغوط سياسيّة كي لا يصبح الخطأ خطأين أو أكثر إنّما أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يعود شبابنا إلى أهلهم وأولادهم في أسرع وقت ممكن".

من جهته ردّ البطريرك الرّاعي بكلمة مرحّبًا بالوفد، وقال: "من المؤكّد أنّكم سمعتم في عظة اليوم أنّه بالنّسبة لنا القضاء شيء مقدّس، وأنّ القضاء إذا لم يكن حرًّا ومتجرّدًا فمن الصّعب جدًّا أن تكون هناك حياة اجتماعيّة وسلام في العالم، العدالة وجدت كي تعيش الشّعوب بسلام وكي ينال كلّ واحد حقّه، ومن المؤكّد أنّنا لا نقبل بأن تكون العدالة صيفًا وشتاء على سطح واحد، وهذا ما نرفضه رفضًا قاطعًا، فالعدالة على الجميع وللجميع، وعندما تكون العدالة على الجميع ومن أجل الجميع تصل حقوق كلّ شخص وفرد إليه، ونحن نأسف مرّة ثانية على هذه الأحداث ولسقوط ضحايا بسببها. هذه الأحداث الّتي لم تولد هكذا إنّما لها أسبابها بكلّ أسف، وهذه الأسباب أوصلتنا إلى هنا، ولكن هذا كلّه نتيجة ماذا؟ إنّه نتيجة التّخاذل من خلال السّلاح المنتشر يمينًا وشمالاً، وهذا التّخاذل هو استخفاف بالقضاء وبالنّاس وبالأرواح، وهذا نرفضه وترفضونه أنتم معنا، وهذا ما نندّد به كلّ يوم أحد في عظاتنا وفي كلّ بيان نصدره، وإنّنا لا نستطيع العيش في شريعة الغاب ولا نستطيع العيش في دولة لا تقوم على القانون والعدالة والقضاء. فلبنان كان نموذجًا في جعل القانون فوق الجميع وفوق كلّ المذاهب والدّيانات. والقضاء ليس له وجه أو مذهب أو دين أو طائفة أو حزب، وعندما يصبح القضاء تابعًا لهذا الحزب أو لهذا الدّين أو لهذه الطّائفة أو لهذا المذهب نكون أصبحنا في شريعة الغاب، لذلك فإنّ هذه اللّغة هي لغتكم ولغتنا وثقافتكم هي ثقافتنا، ولا يمكن أن نقبل بالتّضحية في هذه الثّقافة أيّ ثقافة العدالة المحقّة والمنزّهة والمجرّدة، وسنبقى نناضل معكم".

وأضاف: "إنّنا نأسف جميعًا للضّحايا الّذين سقطوا وللجرحى ونأسف على الموقوفين الّذين ينتظرون، إنّنا نسمع كثيرًا عن هذا الموضوع ونأمل مع وكلاء الدّفاع وذوي الإرادات الطّيّبة ومع القضاء أن نعطي كلّ إنسان حقّه وكلّ ذي حقّ حقّه، ونحن لا نريد الظّلم لأحد ولا نريد عدالة هنا وظلمًا هناك، ونأمل من القضاء ان يحزم أمره لأنّنا لا نستطيع ان نعيش هكذا وفي هذه الطّريقة الّتي وصل إليها القضاء وهذا يعني أنّنا في حالة حرب دائمة ولا استقرار إذا استمررنا هكذا".

وتابع: "بكلّ أسف إنّ كلّ قضايا الحكومة معطّلة، لأنّ هناك تدخّلاً سياسيًّا في القضاء، وهذا ليس معقولاً، السّياسة شيء والقضاء شيء آخر، المذهب شيء والقضاء آخر، وكذلك الطّائفة والحزب، القضاء قائم على فصل السّلطات وهو لكلّ النّاس والمواطنين، أقول لكم تقبّلوا جرحكم وجرح أولادكم ونحن اليوم في بيت مقدّس فلنصلّ كي يلهم ربّنا العادل كلّ إنسان يعمل من أجل القضاء والقانون مسؤوليّته".

وإختتم البطريرك الرّاعي كلمته قائلاً: "إنّنا في ذكر القاضي Rosario Angelo Livatino في عظة اليوم، هذا الشّابّ الشّجاع الّذي قتل لأنّه وقف مع الحقّ والعدالة وجابه المافيا الّتي هي قوّة هائلة في إيطاليا. هذا القاضي الشّابّ لم يخف من شيء وهو واجه وواكب وحمل القانون والعدالة واستطاع أن يمارس عمله بعيدًا من أيّ تسييس، ولهذا استحقّ القداسة، ونحن نتمنّى من كلّ قاض عندنا أن يكون مثله ويصدر الأحكام بخوف الله. نطلب من ربّنا أن يعطيكم القوّة ونحن نتابع قضيّتكم مع الوكلاء".