لبنان
19 تشرين الثاني 2019, 06:00

الرّاعي: الورديَّة هي صلاة العائلة ومن أجل العائلة

تيلي لوميار/ نورسات
أنهى البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي نقل مضمون الرّسالة الرَّسوليَّة للقدّيس البابا يوحنَّا بولس الثَّاني: "ورديّة العذراء مريم" (16 ت1 2002)، وذلك خلال التّنشئة المسيحيّة في بكركي، فقال:

1. "أكَّد القدّيس البابا يوحنَّا بولس الثَّاني أنَّ الورديَّة مع كونها صلاةً شعبيَّةً ببساطتها، فإنَّها ذات عمقٍ لاهوتيّ، وفاعليَّةٍ خاصَّة. فقَد أوكلَت إليها الكنيسة دائمًا الحالات الأصعب الّتي كانت تواجهها. فظهرت الورديَّة بقوَّتها على إبعاد الأخطار، وبكونها واهبة الخلاص (الفقرة 39).

2. من القضايا الملحَّة التي تكلها الكنيسة إلى ورديَّة العذراء قضيَّة السَّلام في العالم. فبتلاوتها نلتمس تدخُّلاً إلهيًّا لتوجيه قلوب الّذين يديرون مصير الأمم، ويعيشون أوضاعًا صراعيَّة.

فالورديَّة موجَّهةٌ بطبيعتها نحو السَّلام بمجرَّد أنّها تأمّلٌ في سرّ المسيح "أمير السَّلام" (أش6:9) و"سلامنا" (أفسس 4:2):

أ- من يستوعب سرّ المسيح، عبر تلاوة الورديَّة، يتعلَّم سرّ السَّلام، ويجعل منه مشروع حياة. فالتَّحديق في سرّ المسيح يجعلنا بناة سلامٍ في العالم، ويقوّينا في معركة السّلام.

ب- في تتابع "السَّلام عليكِ يا مريم" تمارس الورديَّة على المصلّي تأثيرًا سلاميًّا، يهيّئه لتقبُّل هذا السَّلام الحقّ، الذي يختبره في عمق كيانه، ويعمل على نشره من حوله.

ج- تلاوة الورديَّة كصلاةٍ تأمّليَّة، تولّد فينا ثمار المحبَّة من اللّقاء مع المسيح في أسرارها، وتدلّ إلى وجه المسيح في الإخوة، وبخاصّةٍ في الأكثر حاجةً وتألّمًا.

1) في أسرار الفرح نحدّق إلى طفل بيت لحم، فنشعر بالشَّوق إلى استقبال الحياة، والدّفاع عنها وعن الأطفال وحقوقهم.

2) في أسرار النّور، نتَّبع خطى المسيح، فنلتزم بعيش "التَّطويبات".

3) في أسرار الألم، نتأمَّل المسيح حاملاً صليبه ومائتًا عليه، فنشعر بواجب أن نكون "سمعان قيرواني" لكلّ أخٍ يحطّمه الألم بكلّ أنواعه.

4) في أسرار المجد، نتأمَّل المسيح ممجَّدًا بقيامته، والعذراء أمَّه مكلَّلةً بمجد الانتقال، فنشعر بالرَّغبة في أن نجعل العالم أكثر جمالاً وعدلاً وقربًا من تصميم الله (الفقرة 40).

3. والورديَّة هي صلاة العائلة ومن أجل العائلة، وقد أمَّنت فيها الوحدة والشَّركة. فمن الضَّرورة المحافظة على تلاوتها في العائلة. ففيها تلتقي وتحافظ على وحدتها واتّحادها. وفيما يلقي أعضاؤها معًا نظرتهم إلى يسوع، يحصلون على قدرةٍ جديدةٍ للنَّظر بعضهم إلى بعض، بروح الغفران والتَّضامن والانطلاق في عهد حبٍّ جديد.

على الرَّغم من الانشغال بصور التّلفزيون ووسائل الاتّصال الرَّقميَّة، تحتاج العائلة إلى إيجاد فسحةٍ من الوقت لتلاوة الورديَّة، من أجل أن تعيش جوّ عائلة النّاصرة، وتضع يسوع في الوسط، وتسلّمه الحاجات والمشاريع وتتلقَّى منه الرَّجاء والقوَّة للسَّير في الطَّريق (الفقرة 41).

4. كما الورديَّة هي طريق حياة المسيح من الحبل به إلى موته فقيامته وتمجيده، كذلك يجب أن تكون طريق نموّ الأولاد الّذين أصبحت متابعة الأهل لهم صعبةً بسبب مجتمع التّقنيَّات والاكتشافات والذّهنيَّات الجديدة والتفلّت الأخلاقيّ والإغراءات. يجب إيجاد السّبيل الأفضل الّذي يتجاوب مع الأولاد والمراهقين، من أجل تلاوتها معهم، أو تلاوتها وحدهم (الفقرة 42).

5. الورديَّة كنزٌ يجب اكتشافه من جديد انطلاقًا من أسّسها البيبليَّة، وكنوزها الرّوحيَّة، ومن التّأمّل في وجه المسيح في مدرسة مريم، ومن خبرات تلاوتها في حياة المؤمنين والكنيسة (الفقرة 43).

مع القدّيس البابا يوحنَّا بولس الثَّاني نتوجَّه إلى الورديَّة بهذه الصَّلاة:

"أيَّتها الورديَّة الّتي باركَتها مريم، أيَّتها السّلسلة العذبة الّتي تصلنا بالله، يا رباط الحبّ الّذي يوحّدنا بالملائكة، يا برج الحكمة تجاه هجمات الجحيم، يا ميناء الطّمأنينة من الغرق العامّ، لن نترككِ أبدًا. سوف تكونين عزاءنا في ساعة النّزاع. لكِ آخر قبلةٍ في الحياة الّتي تنطفئ، وآخر لفظةٍ على شفاهنا يكون اسمك العذب، يا ملكة الورديَّة، يا أمنّا الأعزّ، يا ملجأ الخطأة، يا معزّية الحزانى العظيمة. تباركتِ في كلّ مكان، اليوم ودائمًا، على الأرض وفي السَّماء". ومعكِ نرفع نشيد المجد والتَّسبيح للثَّلوث القدّوس الذي اختاركِ، الآب والابن والرّوح القدس الآن وإلى الأبد، أمين".